ما تداعيات الانقلاب في الغابون؟
يثير الانقلاب الذي نفذه عسكريون، اليوم الأربعاء، ضد الرئيس الغابوني، علي بونغو، غداة الإعلان عن فوزه في انتخابات قالت المعارضة إنها مزورة، أسئلة عديدة بشأن التداعيات المحتملة له.
ولم تمضِ سوى ساعات على إعلان السلطات المشرفة على الانتخابات الرئاسية في الغابون فوز بونغو بولاية ثالثة، إثر حصوله على 64.27 بالمئة من الأصوات، حتى أعلن الجيش عزله ووضعه رهن الإقامة الجبرية، ليتبع ذلك إحالة بونغو على التقاعد.
وقال قائد الحرس الجمهوري في الغابون الجنرال بريس أوليغي نغيما، لصحيفة "لوموند" الفرنسية، إن الرئيس علي بونغو أونديمبا "أحيل على التقاعد ولديه كل حقوقه.. هو مواطن غابوني عادي مثل أي شخص آخر". وأضاف: "لم يكن لديه الحق في تولي فترة ولاية ثالثة، وانتُهك الدستور.. لذلك قرر الجيش تولي مسؤولياته".
وخرج المئات إلى شوارع العاصمة ليبرفيل للاحتفال بعد إعلان الجيش الذي بثه التلفزيون، فيما نددت فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة في الجابون والتي لها قوات هناك، بالانقلاب.
مهمة صعبة
ولم يتضح بعد من الذي يقود الانقلاب، لكن لقطات تلفزيونية أظهرت رجلا في زي عسكري محمولا على أعناق جنود يهتفون "أوليغي رئيسا"، في إشارة محتملة إلى بريس أوليغي نغيما قائد الحرس الجمهوري في الغابون.
ورغم أن الوقت ما زال مبكرا بشأن الحديث عن توجهات قادة الانقلاب، فإن بعض التقديرات تذهب إلى أنها مرتبطة بشكل كبير بالتحولات الجارية على مستوى القوى الدولية والإقليمية.
وستكون الجبهة الداخلية الأكثر تأثرًا بالانقلاب العسكري، وإسقاط نظام علي بونغو، باعتبار أنه امتداد لنظام حكم البلاد منذ الاستقلال عام 1960، ولن يكون طي صفحته وعكس توجهاته بالأمر السهل.
وتذهب بعض التقديرات إلى أن الحكام الجدد في الغابون سيجدون أنفسهم تحت ضغط جماهيري لاتخاذ خطوات سريعة من أجل تغيير البوصلة السياسية ومواجهة الفساد، وهو أمر غير مضمون النتائج، في ظل إمكانية مقاومة نظام بونغو.
ويعاني ثلث سكان الغابون، البالغ عددهم حوالي 2.3 مليون نسمة، من الفقر، رغم أن الناتج المحلي الخام في البلاد قدر بحوالي 21 مليار دولار سنة 2022، ورغم احتياطاتها الضخمة من النفط.
تعميق جراح فرنسا
وعلى المستوى الخارجي، تدرج بعض التحليلات ما حصل في الغابون في سياق التدافع الاستراتيجي المستمر بين الدول الغربية من جهة، وروسيا والصين من جهة أخرى، في سبيل ترسيخ ومد النفوذ بالقارة السمراء.
ويذهب أصحاب هذا الطرح إلى أن الانقلاب من شأنه أن يشكل "انتكاسة إضافية لمصالح فرنسا ويعمق جراحها في القارة الإفريقية، تماما مثل ما حصل في مالي وبوركينا فاسو ثم النيجر".
ويقول مراقبون إن المستفيد الأساسي على مستوى الإقليم سيكون المجلس العسكري الحاكم في النيجر، فقد يخفف الانقلاب في الغابون من الضغط عليه، بتشتيت الجهود الإفريقية والفرنسية".
ويستبعد هؤلاء أن تتخذ الدول الإفريقية إجراءات صارمة تجاه الانقلاب في الغابون، عضو المجموعة الاقتصادية لدول وسط إفريقيا (إيكاس)، والتي لا تمتلك سوابق في التصدي للانقلابات العسكرية بالدول الأعضاء.