هل يوظف نتنياهو واقعة حصار زوجته من أجل "شيطنة" الاحتجاجات؟
تقف أسئلة عديدة وراء مُلابسات توجه سارة نتنياهو، زوجة رئيس الوزراء الإسرائيلي، إلى مركز لتصفيف الشعر بوسط تل أبيب، على الرغم من التوترات التي تشهدها تلك المنطقة، والإعلان المُسبق من قِبل منظمي الاحتجاجات، بأنها ستشهد تظاهرات ضد خطة الإصلاح القضائي.
وجاء توجه زوجة رئيس الوزراء إلى وسط تل أبيب، حيث صالون تصفيف الشعر، بالتزامن مع كلمة ألقاها نتنياهو، شبَّه خلالها المتظاهرين الذين قطعوا الطرق خلال الاحتجاجات، بالمستوطنين الذين أحرقوا منازل الفلسطينيين في "حوارة".
صحيفة "معاريف" العبرية نقلت، الخميس، عن الناشطة نافا روزوليو، والتي كانت على رأس المتظاهرين أمام مركز تصفيف الشعر، أن سارة نتنياهو "لم تتعرض لأي خطر، وكانت قادرة على الخروج من مركز تصفيف الشعر لو رغبت"، رافضة وصف ما حدث بأنه حصار.
وقدَّرت أن التظاهرات والهتافات أمام هذا المركز "هدفت بشكل طبيعي إلى إيصال رسالة للسيدة التي تدير البلاد عمليًا"، وقالت إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو "استغل الوضع لكي يبدو على أنه ضحية".
"شيطنة" الاحتجاجات
يشار إلى أن واقعة تجمع مئات المتظاهرين أمام الصالون، المملوك لمصفف الشعر، موشي أبوتوبول، والكائن في منطقة "كيكار هامدينا" بوسط تل أبيب، استمرت قرابة 3 ساعات.
وانتهى الموقف بعد استدعاء مئات من رجال الشرطة إلى المنطقة، وشهدت واقعة الإخلاء تدافعاً من قبل المتظاهرين الذين سعوا لالتقاط صور زوجة رئيس الوزراء، لكن القوات الضخمة التي أحاطت بالسيارة حالت دون ذلك.
هذا وصدرت تصريحات حادة للغاية من قبل عائلة نتنياهو عقب واقعة الحصار، وبدا أن الواقعة تشكل فرصة لرئيس الوزراء ومؤيديه لـ "شيطنة" الاحتجاجات المستمرة منذ أسابيع، وتصدير صورة سلبية بشأنهم سواء للداخل أو الخارج.
وكان نتنياهو قد علَّق على حصار زوجته بقوله، إن "النشطاء الفوضويين بقيادة لابيد، يواصلون تجاوز الخطوط الحمراء، الآن هم يضايقون ويهددون زوجتي في تل أبيب، أدعو لابيد والمعارضة لوقف هذا الأمر فورًا وإدانته، إنه عمل مُشين وغير مسبوق".
وعقب نهاية الحصار، نشر صورة تجمع بينه وبين زوجته، عبر حسابه على "تويتر" وكتب: "سارة زوجتي الحبيبة، سعيد بعودتك إلى المنزل بأمان، ودون أن تصابي بأذى، يجب أن تتوقف الفوضى لأنها يمكن أن تكلف أرواحًا بشرية".
ووصف وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، عبر حسابه على "تويتر" المتظاهرين بـ "الفوضويين"، وأضاف: "مجموعة من الفوضويين بامتياز لا يمكنهم تحمل خسارتهم اللاذعة في الانتخابات وخسارتهم للسلطة، يحاصرون زوجة رئيس الوزراء، ولتذهب حرية الحركة إلى الجحيم".
وقال إنه يدعم جهاز الشرطة لاستخدام جميع الوسائل اللازمة لحمايتها.
ورأى وزير الخارجية إيلي كوهين، في تغريدة دونها عبر حسابه على "تويتر"، أن ما حدث "يعد تجاوزًا للخطوط الحمراء"، داعياً لابيد إلى الاستفاقة، "بعد أن حاصر مئات الفوضويين زوجة رئيس الوزراء"، وأضاف: "أتوجه لزعيم المعارضة لابيد، لو لديك قطرة من المسؤولية، عليك الدعوة لفض هذا الحدث الخطير".
"إرهاب محلي"
اقتبست القناة الإسرائيلية السابعة عددًا من التغريدات التي دونها يائير نتنياهو، نجل رئيس الوزراء، تعقيبًا على حصار والدته، ووصمه للمتظاهرين بـ "الإرهاب".
وكتب يائير نتنياهو عبر حسابه على "تويتر": "لا يجري الحديث عن متظاهرين ولا فوضويين، إنهم إرهابيون"، مضيفًا: "لقد ظهر حراك عنيف تحت الأرض، يُموله مليارديرات أشرار مجرمون، هذا هو الإرهاب المحلي".
وغرَّد قائلاً: "لو كان المتظاهرون اليمينيون قد أقدموا على عمل مماثل بحق زوجة زعيم المعارضة يائير لابيد، أو رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت، أو زوجة رئيس الوزراء الأسبق إيهود باراك، أثناء توليهم منصب رئيس الوزراء، لكانت الشرطة ستجرهم بينما هم ينزفون، إلى غرف استجواب الشرطة أو الشاباك، ولكان القاضي والنيابة العامة سيمدد احتجازهم حتى عام 2040".
ووصف يائير نتنياهو المتظاهرين اليساريين بأنهم "توأم إخوانهم الفلسطينيين الهمجيين، وأن الإسرائيلي اليميني يدخل اليوم تل أبيب، مثلما يدخل يهودي يرتدي (كيباه) إلى رام الله"، وقال إنه من حسن الحظ أن تلك الواقعة لم تنته بـ "إعدام دون محاكمة" على حدّ زعمه.
قمع المتظاهرين
في غضون ذلك، قالت صحيفة "هآرتس" العبرية، الخميس، إن الشرطة الإسرائيلية "باشرت قمع المتظاهرين في تل أبيب، حيث أطلقت القنابل الصوتية وخراطيم المياه خلال يوم شديد الاضطراب على مستوى البلاد"، أي أمس الأربعاء، في مشاهد لم تُسجل في المدينة منذ سنوات.
وذكرت أنه "تم تصوير شرطي في المدينة وهو يجثو على رقبة أحد المتظاهرين، كما اُعتقل متظاهر واحد على الأقل قسراً من قبل ضباط شرطة حرس الحدود"، بالقرب من مفرق "عزرائيلي" في قلب تل أبيب.
وقالت إن "حملة القمع جاءت في أعقاب نداءات وجهها وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير للشرطة باستخدام كل الوسائل المتاحة" لتفريق المتظاهرين الذين وصفهم بـ "الفوضويين".