مسؤول إسرائيلي: الهجمات في جنوب سوريا تجري بالتنسيق مع الجانب الأمريكي
بات نحو ثلث الأوروبيين، اليوم، مع الأحزاب الشعبوية المتطرفة سواء كانت يمينية أو يسارية، وفق ما ذكرت صحيفة "الغارديان" البريطانية نقلًا عن تحليل للرأي.
يأتي ذلك مع تزايد الدعم الواسع النطاق للسياسات المناهضة للمؤسسات الأوروبية في جميع أنحاء القارة، في تحدٍ مثير للقلق على نحو متزايد للتيار السائد في الوقت الحالي.
ووجد التحليل، الذي أجراه أكثر من 100 عالم سياسي أوروبي، أن الانتخابات الوطنية التي نظمت العام الماضي في أوروبا أظهرت أن 32% من الناخبين الأوروبيين أدلوا بأصواتهم لصالح الأحزاب المناهضة للمؤسسات الأوروبية، مقارنة بنسبة 20% في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، و12% في أوائل التسعينيات.
كما وجد البحث، الذي أجراه ماتيس رودوين، عالم السياسة في جامعة أمستردام، والذي تمت مشاركته حصريًا مع صحيفة "الغارديان"، أن حوالي نصف الناخبين المناهضين للمؤسسات والقيم الأوروبية يدعمون أحزاب اليمين المتطرف، وبأن أصواتهم تتزايد بشكل كبير.
ونقلت الصحيفة عن "رودوين" قوله إن هناك "تقلبات في آراء الناخبين، لكن الاتجاه السائد حاليا هو أن هذه الأرقام مستمرة في الارتفاع".
وأضاف أن "الأحزاب المعتدلة تخسر الأصوات، فيما تكسب الأحزاب المناهضة للمؤسسات والقيم الأوروبية، وهو أمر جدير بالملاحظة والاهتمام؛ لأن العديد من الدراسات تظهر الآن أنه عندما يصل الشعبويون إلى السلطة، أو يؤثرون على السلطة، فإن جودة الحياة الديمقراطية الليبرالية تتدهور".
وفي إشارة على مدى تأثير صعود اليمين المتطرف الاستبدادي والمناهض للمهاجرين في تحويل السياسة الأوروبية نحو اليمين، أشار الباحثون إلى ضرورة تصنيف العديد من أحزاب يمين الوسط الأكثر شهرة في القارة على أنها يمين متطرف.
وذكر "رودوين" أن الباحثين فكروا في "إعادة تصنيف حزب المحافظين في المملكة المتحدة، وحزب مارك روتي في هولندا، وحزب الجمهوريين في فرنسا، وحزب الشعب النمساوي في النمسا، "لكنهم في النهاية لم يفعلوا ذلك"؛ لأن العداء للمهاجرين لم يكن محور تركيز هذه الأحزاب الأساسي، لكننا قد نفعل ذلك في المستقبل".
يشار إلى أنه قبل 5 سنوات تم إطلاق منصة "ذا بوبيوليست" البحثية لقياس "الشعبوية" بالشراكة مع صحيفة "الغارديان".
وحددت هذه المنصة هذا العام 234 حزبا مناهضا للمؤسسات السياسية والنخب المجتمعية في جميع أنحاء أوروبا، بما في ذلك 165 حزبا شعبويا (معظمها إما من أقصى اليسار أو اليمين المتطرف).
كما صُنف 61 حزبًا على أنها يسارية متطرفة، و112 على أنها يمينية متطرفة (معظمها أحزاب شعبوية وليس جميعها).
وتقول الصحيفة إن مصطلح "الشعبوية" عادةً ما يقترن بـ "أيديولوجية حاضنة" يمينية أو يسارية، تقسم المجتمع إلى مجموعتين متجانستين ومتعارضتين في آن: "شعب نقي" مقابل "نخبة فاسدة"، وتجادل بأن كل السياسات يجب أن تكون تعبيرًا عن "إرادة الشعب" .
ويقول مؤيدو "الشعبوية" إن هدفها "تصحيحي ديمقراطي"، وتعطي امتيازًا للشخص العادي ضد النخب والمصالح الخاصة والمؤسسات الراسخة.
في المقابل، يقول منتقدوها إن الشعبويين الموجودين في السلطة غالبًا ما يقومون بتقويض المعايير الديمقراطية، أو تقويض السلطة القضائية ووسائل الإعلام، أو تقييد حقوق الأقليات.
وقال رودوين: "بالنسبة للشعبويين، فإن كل ما يفصل بين إرادة الشعب وصنع السياسات هو أمر سيئ"، مضيفا أن "هذا يشمل كل تلك الضوابط والتوازنات الحيوية ــ الصحافة الحرة، والمحاكم المستقلة، وحماية الأقليات ــ التي تشكل جزءا أساسيا من الديمقراطية الليبرالية".
وأشارت الصحيفة إلى أن الكثير من الأحزاب الموصوفة بـ"الشعبوية" في كافة أنحاء أوروبا قد انضمت إلى تحالفات حكومية للوصول إلى السلطة، ولفتت إلى انضمام العديد من القادة والأحزاب اليمينية المتطرفة الشعبوية، بما في ذلك حزب جورجيا ميلوني في إيطاليا، وحزب الفنلنديين والديمقراطيين السويديين، والتحالف مع الزعيم غير الليبرالي في المجر، فيكتور أوربان، وحزب القانون والعدالة الحاكم في بولندا.
وبينت أن العديد من الأحزاب "الشعبوية " تشهد طفرة في شعبيتها، مثل حزب الحرية النمساوي الذي تشير استطلاعات الرأي إلى أنه يتقدم بشكل مريح بعد عام من الانتخابات، إلى جانب التقدم الذي حصل مع حزب "البديل من أجل ألمانيا" في الانتخابات البرلمانية، وحظوظ الزعيمة اليمينية المتطرفة مارين لوبان في انتخابات الرئاسة الأخيرة.
وفي اليونان، فازت ثلاثة أحزاب يمينية متشددة بمقاعد برلمانية في انتخابات يونيو/حزيران، وبينما خسر حزب فوكس في إسبانيا أكثر من ثلث نوابه في يوليو/تموز، فإنه يمكن للأحزاب الشعبوية والمتمردة في اليونان وسلوفاكيا وبولندا وهولندا أن تقرر في الانتخابات المقبلة من سيشكل حكومات هذه البلدان.
أشارت "الغارديان" إلى وجود عوامل متعددة وراء هذا الاتجاه، وفقا للباحثين، الذين درسوا توجهات الأحزاب التي فازت بمقعد واحد على الأقل أو 2٪ من الأصوات في الانتخابات البرلمانية الوطنية في أوروبا منذ عام 1989.
ووجد الباحثون أن الأحزاب اليمينية المتطرفة، على وجه الخصوص، وسّعت بالفعل قاعدة ناخبيها، وتقوم بتشكيل تحالفات مع الناخبين "ذوي الاهتمامات المختلفة للغاية" ممن يشكل ملف "الهجرة" قضيتهم الكبرى.
وأوضحوا أن هذا الأمر لا يزال قائما، وأن هذه الأحزاب تستفيد من مشاعر "عدم الأمان لدى الناخبين".
وانقسم الناخبون بين قضايا عدة من بينها عمليات الإغلاق واللقاحات ومناقشات الحرب الثقافية ــ الجنس والتاريخ ورموز الهوية الوطنية ــ وأزمة المناخ، على نحو متزايد، فيما تعلق آخرون بأزمة تكلفة المعيشة وحرب روسيا على أوكرانيا.
وقالت إحدى الباحثات في الدراسة إن "الناس يصوتون الآن لليمين المتطرف وخصوصا من فئات لم تعتد على ذلك مثل النساء الأكبر سناً، والناخبين في المناطق الحضرية، والطبقة المتوسطة المتعلمة".
وأضافت أن الناخبين "على استعداد لمقايضة الديمقراطية مقابل الحصول على منفعة ما"، فبعضهم يقول إنه يعلم أن هذا الزعيم استبدادي، لكنه على الأقل سيجلب الاستقرار الاقتصادي".
وأكدت عالمة السياسة في جامعة بولونيا أندريا بيرو، وهي مشاركة في الدراسة، أن التيار السائد في أوروبا والذي يشمل أحزاب يمين الوسط ويسار الوسط الكبيرة يتحمل المسؤولية جزئيًا.
واعتبرت بيرو أن "هذه الأحزاب انفصلت تدريجيا عن المطالب المجتمعية".
ووجدت الدراسة أن النجاح يولد المنافسة، فالأحزاب المناهضة للمؤسسات الأوروبية والأحزاب اليمينية المتطرفة تنقسم ويتضاعف عددها، وعدد الناخبين الذين يتسامحون مع ما تطرحه هذه الأحزاب في تزايد.
وخلصت الدراسة إلى أن أحزاب يمين الوسط "تتبنى مواقف أكثر تشددا بشأن المناخ والهجرة وحقوق المثليين، ولكن هناك حدود لمدى نجاح ذلك، وبأن انجراف أحزاب يمين الوسط نحو اليمين المتطرف سيبلغ حدوده في نهاية المطاف.
وأشار الباحثون إلى أن تعميم أفكار اليمين المتطرف أدى إلى تطرف الوسط. ومن الواضح أن التسامح مع اليمين المتطرف ــ بين النخب وعامة الناس ــ قد نما، وبأن الحدود والتوافقات القائمة منذ فترة طويلة قد تحطمت.
صحيفة "الغارديان" البريطانية