هل تنجح "دبلوماسية الزلازل" في إنهاء التوتر بين اليونان وتركيا؟
قالت مجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكية إن التوتر في العلاقات بين تركيا وجارتها اليونان تراجع بشكل كبير بعد الزلزال المدمر الذي ضرب جنوب تركيا الشهر الماضي، وإن العلاقات قد تستمر في التحسن نتيجة المساعدات التي قدمتها اليونان لضحايا الزلزال.
وفي تقرير نشر يوم الأحد، لفتت المجلة إلى أنه على الرغم من العلاقات المتدهورة، كانت اليونان من أوائل الدول التي أرسلت فرق إنقاذ إلى تركيا للمساعدة في إنقاذ ضحايا الزلزال.
وأشارت المجلة إلى أن ما وصفتها بـ "دبلوماسية الزلازل" ليست جديدة على العلاقات اليونانية التركية، ففي منتصف عام 1999 تسبب زلزال في منطقة مرمرة التركية بمقتل ما يقرب من 20 ألف شخص وانهيار حوالي 100 ألف مبنى، وتدخلت حينها اليونان لتقديم مستويات عالية من الدعم رغم وجود توترات دبلوماسية بين البلدين.
عودة دبلوماسية الزلازل
وقالت المجلة: "بعد مرور ربع قرن تقريبًا، عادت دبلوماسية الزلزال إلى حيز التنفيذ مرة أخرى ما أدى إلى آفاق أكثر دفئاً في العلاقات اليونانية التركية".
وقال ماثيو بريزا، الذي شغل منصب نائب مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية لأوروبا وأوراسيا: "آمل أن يكون ما يحدث هذه المرة ردًا على الزلازل المروعة التي ضربت تركيا مشابهًا في المجال الدبلوماسي لما حدث بعد الزلزال المميت عام 1999 في تركيا".
وأضاف بريزا: "لقد تلاشت كل هذه الأحاديث العدائية وأي أفكار عن النزاع المسلح على الإطلاق، إذ يركز الجميع معًا على رعاية أولئك الذين عانوا كثيرًا من هذا الزلزال، ثم على إعادة البناء التي ستستغرق سنوات".
بدوره رأى رونالد ميناردوس، رئيس برنامج البحر الأبيض المتوسط في مؤسسة "هيلينيك" للسياسة الأوروبية والخارجية ومقرها أثينا أن "الزلزال الهائل يفتح الباب أمام خفض التصعيد في العلاقات بين البلدين".
وأوضح ميناردوس أن "الدبلوماسية بدأت الآن" مع زيارة وزير الخارجية اليوناني نيكوس ديندياس إلى جنوب تركيا"، مشيراً إلى أن الزيارة تشكل "خطوة رائعة تأتي جنبًا إلى جنب مع فيض من التضامن"، حيث يتحدث المسؤولون في أثينا وأنقرة الآن عن "صفحة جديدة" تفتح في العلاقات الثنائية.
ووفقاً للمجلة ستكون الولايات المتحدة سعيدة للغاية إذا أدت الأسابيع القليلة الماضية من الدفء بين البلدين المتوسطيين إلى مزيد من التقارب الدائم والتعاون والتضامن بين هذين الحليفين للولايات المتحدة.
حل الخلافات
وأثناء حديثه في العاصمة اليونانية في الـ 21 من الشهر الماضي، قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين إن "التقارب من مصلحتنا بشدة، وأنا أؤمن بمصلحة كل من اليونان وتركيا لإيجاد طرق لحل الخلافات القائمة منذ فترة طويلة".
وبينت المجلة أنه في "سياق الغزو الروسي لأوكرانيا أصبحت الأدوار الجيوستراتيجية لكل من تركيا واليونان أكثر أهمية في نظر الولايات المتحدة وبقية دول حلف الناتو".
مضيفة: "وبالتالي، كلما تحسنت العلاقات بين أثينا وأنقرة، كان وضع واشنطن أفضل من حيث مصالحها الأمنية الوطنية في هذا الجزء من البحر الأبيض المتوسط".
وتابعت: "ومع ذلك فإن صانعي السياسة الأمريكيين الذين يسعون إلى دفع علاقة اليونان وتركيا في اتجاه أكثر دفئًا لن يكون لديهم بالضرورة مهمة سهلة، ونظرًا لمدى التوتر المتصاعد بين أثينا وأنقرة في عام 2022 وأوائل عام 2023، هناك أسئلة مفتوحة حول مدى سهولة حدوث أي تحول حاد في الشؤون الثنائية".
سابق لأوانه
ونقلت المجلة عن سرحات تشوبوكج أوغلو كبيرة الباحثين في مؤسسة "تراندز للأبحاث" التركية قولها إن "من السابق لأوانه معرفة ما إذا كانت أي نتيجة ملموسة ستظهر من الدفء الأولي للعلاقات بين اليونان وتركيا".
واعتبرت أنه في عالم يستمر في التحرك نحو التعددية القطبية، تصبح السياسة الخارجية لتركيا أكثر استقلالية، ما ينتج عنه تأثير أقل لواشنطن على أنقرة.
وقالت المجلة في ختام تقريرها: "في الأشهر المقبلة، سيكون من المهم مراقبة أي تحولات محتملة في السياسة الخارجية لتركيا فيما يتعلق بمطالباتها بأجزاء من بحر إيجة وشرق البحر الأبيض المتوسط".
وختمت: "إذا لم يكن هناك أي شيء، فلن يتم حل الأسباب الجذرية للكثير من التوتر بين أثينا وأنقرة، على الرغم من تضامن اليونان مع ضحايا زلزال تركيا، وسيكون من الصعب على إدارة الرئيس جو بايدن التقريب بين اليونان وتركيا بنجاح".