مصادر من حزب الله لـ رويترز: الأنفاق هي أساس المعركة وحان وقت استخدامها
تجد تشاد نفسها اليوم في قلب الصراع الدائر بين فرنسا وروسيا، ويُنظر إلى هذا البلد بوصفه آخر ورقة لاستقرار منطقة الساحل الإفريقي.
وتتطلع فرنسا إلى تعزيز نفوذها في تشاد، خاصة بعد أن خسرت النيجر، البلد المجاور، ومع تنامي مشاعر الرفض للوجود الفرنسي في دول الساحل الثلاث التي شهدت انقلابات عسكرية (مالي والنيجر وبوركينافاسو).
وسارعت الخارجية الفرنسية إلى التعليق بقولها: "لا يمكننا أن نتحمل خسارة تشاد"، بعد خيبة الأمل الفرنسية وطردها من قبل شركائها السابقين، وتعتمد باريس أكثر من أي وقت مضى على شراكتها مع نجامينا للحفاظ على موطئ قدم في منطقة الساحل الإفريقي.
حليف تاريخي
وتعدُّ تشاد منذ مدة طويلة الحليف الأول لفرنسا في المنطقة، وفي تشاد أُنْشِئ مقر عملية "برخان"، وهي أكبر عملية خارجية فرنسية، ضمت نحو 5000 جندي في ذروة انتشارها، وفي تشاد أيضًا يُحَافَظ على مركز قيادة القوات الفرنسية في منطقة الساحل.
وعلى مدى عقود من الزمن، حرص الرؤساء الفرنسيون على حماية العلاقة مع حليفهم الإقليمي، بما في ذلك بعد وفاة إدريس ديبي عام 2021، وتولي ابنه محمد إدريس ديبي السلطة.
ووفقًا لمسؤول في الخارجية الفرنسية فإن إستراتيجية إيمانويل ماكرون الجديدة تهدف إلى الحد من البصمة العسكرية الفرنسية في إفريقيا، ولكن باريس لا تفكر في المساس بـ 1000 جندي منتشرين في تشاد.
وقد نوقش الملف خلال زيارة جان ماري بوكيل (مبعوث ماكرون إلى إفريقيا) إلى تشاد في مارس 2024، وقال بوكيل حينها: "يجب أن نبقى، وبالتأكيد سنبقى".
منافسة روسية
ولكن مواقف فرنسا والقوى الغربية عمومًا في المنطقة تتعرض لاهتزاز بسبب المنافسة القادمة من الشرق، إذ رسخت موسكو نفسها بوصفها شريكًا أساسيًّا لمعظم جيران تشاد.
وإذا كان التعاون بين البلدين، خاصة في مجال التدريب العسكري والأكاديمي، مستمرًّا منذ عدة عقود، فإن نجامينا أصبحت أكثر من أي وقت مضى في مرمى روسيا، التي تعمل تدريجيًّا على تعزيز شبكات نفوذها في دوائر الأعمال والمجالات الأكاديمية وداخل المجتمع المدني.
ويقرّ أحد المقربين من الرئيس ديبي بأنّ "جهود الضغط تكثفت من جانب موسكو".
ووجد نظام فلاديمير بوتين حلفاء مهمين داخل الدائرة الداخلية للرئيس محمد إدريس ديبي، بدءًا بالأمين العام للرئاسة محمد أحمد الحبو ورئيس ديوان الرئيس إدريس يوسف بوي، وفق تقرير لمجلة "جون أفريك".
وإدريس يوسف بوي هو مهندس التقارب بين نجامينا وموسكو، وساعد الدبلوماسي في تنظيم زيارة محمد إدريس ديبي إلى موسكو، حيث التقى الرئيس فلاديمير بوتين في الكرملين في يناير الماضي.
انفتاح
وتبدو تشاد منفتحة على الشراكات في الاتجاهات كلها، ويقول وزير سابق "سيكون من المؤسف أن نقطع علاقاتنا مع فرنسا، ولكننا مع ذلك نتعاون دائمًا مع روسيا، ولا ينبغي أن يمنعنا أي شيء من تعزيز هذه الشراكة إذا كانت في صالح تشاد، يجب أن نضع حدًّا للأنماط القديمة" وفق قوله.
وإضافة إلى الروس تطرح المجر نفسها اليوم أيضًا فاعلًا جديدًا على الساحة التشادية، وتتطلع إلى ترسيخ أقدامها في منطقة الساحل الإفريقي عبر بوابة تشاد.
وقد اقترحت بودابست في البداية إرسال قوات إلى "تاكوبا"، وهي قوة عمل أوروبية شاركت في وقت سابق ضمن القوات المقاتلة ضد الجماعات المسلحة في مالي، وبعد ذلك فتح رئيس الوزراء فيكتور أوربان قناة للنقاش مع النيجر بزعامة محمد بازوم، قبل أن يضع انقلاب يوليو 2023 حدًّا لنظام بازوم والمفاوضات.
ورُكِّز بعد ذلك على تشاد، ما أدى إلى التوصل إلى اتفاق أول في نوفمبر 2023، وفي هذا الوقت، أعلن كريستوف سالاي-بوبروفنيتسكي، وزير الدفاع المجري، إلى جانب نظيره التشادي داغو ياكوبا، عن النشر المرتقب لأكثر من 200 جندي في تشاد.
وانسجامًا مع هذا التقارب وصل الرئيس التشادي محمد إدريس ديبي اليوم إلى المجر، قادمًا من الصين، بعد مشاركته في منتدى إفريقيا والصين الاقتصادي.