هجوم أصفهان.. مساعدة إسرائيلية لأوكرانيا من وراء الكواليس

هجوم أصفهان.. مساعدة إسرائيلية لأوكرانيا من وراء الكواليس

لم تستبعد تحليلات أن يكون الهدف هو تقويض برنامج إيراني، لتطوير صواريخ تفوق سرعتها سرعة الصوت، سيحول إيران، حال نجاحه، إلى قوة عالمية في هذا المجال

أصبح الهجوم الذي استهدف مجمعًا لوزارة الدفاع الإيرانية بمحافظة أصفهان، وسط إيران، في وقت سابق، ونسبته وسائل إعلام أمريكية لإسرائيل، على الفور، مرتبطًا بشكل مفترض، بالحرب الدائرة منذ شباط/ فبراير 2022 بين روسيا وأوكرانيا.

وغلب على التحليلات والتقارير التي تتناقلها وسائل إعلام دولية وإقليمية، الحديث عن كون الهجوم يأتي في إطار دور إسرائيلي من وراء الكواليس في تلك الحرب.

ويعني ذلك الإطار عمليًا، أن إسرائيل تشن حربًا وقائية؛ تهدف إلى تخفيف الضغط على القوات الأوكرانية، وتقويض عمليات تدفق المُسيرات الانتحارية التي تصنعها إيران وتذهب مباشرة إلى القوات الروسية.

كما يفوت الفرصة على موسكو لاتهام تل أبيب بالانخراط في الحرب لصالح كييف؛ لأن الهجوم وقع في النهاية بعيدًا، داخل الأراضي الإيرانية؛ الأمر الذي يصعب تفسيره على أنه انضمام إسرائيلي للحرب ضد روسيا.

لكن في المقابل، لم تستبعد تحليلات أخرى أن يكون الهدف هو تقويض برنامج إيراني، لتطوير صواريخ تفوق سرعتها سرعة الصوت، سيحول إيران، حال نجاحه، إلى قوة عالمية في هذا المجال إلى جانب الصين وروسيا، في وقت تعمل الولايات المتحدة على قدم وساق؛ من أجل تطوير برنامجها الحصري للصواريخ الفرط صوتية.

"الجيش الإسرائيلي يعمل بانتظام على منع شحنات الأسلحة من إيران إلى سوريا ولبنان، التي تشمل المُسيرات الإيرانية والصواريخ التي تستخدمها روسيا في أوكرانيا أيضًا"
مسؤول إسرائيلي

فرضية الحرب الأوكرانية

سلطت صحيفة "إسرائيل اليوم" الضوء على بيان صادر، الإثنين، عن وزارة الخارجية الروسية، حذرت فيه من اضطرابات إقليمية على خلفية هجوم أصفهان.

وقالت الوزارة إن "مثل هذه الأعمال المدمرة يمكن أن يكون لها عواقب لا يمكن التنبؤ بها على السلام والاستقرار في الشرق الأوسط".

مشيرة إلى "الإدانة الروسية للضربة التي شنتها طائرات مُسيرة على منشأة عسكرية في أصفهان، وأبرزت تحذير موسكو مما وصفته بأعمال "استفزازية" يمكن أن تؤدي إلى تصعيد الوضع المتوتر بالفعل.

من ناحيتها، قدرت مجلة "فوربس" الأمريكية أن العمليات الإسرائيلية السرية ضد برنامج الصواريخ الإيرانية ومصانع المُسيرات قد تعود بالمنفعة على أوكرانيا، مشيرة إلى أن الهجوم "يأتي بعد يوم من كشف مسؤول إسرائيلي أن بلاده تعمل الكثير لمساعدة أوكرانيا من وراء الكواليس".

واستدلت على علاقة هذا الهجوم بالحرب الأوكرانية بتصريح صادر عن السفير الإسرائيلي في برلين، رون بروسور، السبت، قال فيه إن إسرائيل تعمل لمساعدة أوكرانيا "أكثر مما هو معروف علنًا، نحن نساعد أوكرانيا، وإن كان ذلك من وراء الكواليس، أكثر بكثير مما هو معروف".

وذكر بروسور أن "سبب رفض إسرائيل تزويد أوكرانيا بالمعدات العسكرية، هو الوجود العسكري الروسي في سوريا"، لكنه أشار إلى أن "الجيش الإسرائيلي يعمل بانتظام على منع شحنات الأسلحة من إيران إلى سوريا ولبنان، التي تشمل المُسيرات الإيرانية والصواريخ التي تستخدمها روسيا في أوكرانيا أيضًا".

"العمليات الإسرائيلية ضد المنشآت العسكرية الإيرانية يمكنها أن تساعد أوكرانيا على المدى القصير؛ إذا أسفرت عن تأخير إمداد القوات الروسية بمخزون متجدد من المسيرات الانتحارية"
مجلة "فوربس"
أخبار ذات صلة
إيران تستدعي القائم بأعمال سفارة أوكرانيا على خلفية هجوم أصفهان

تجدر الإشارة إلى أن ترحيب كييف بالهجوم يعد من بين الشواهد التي استندت إليها مجلة "فوربس" بشأن كون هجوم أصفهان على صلة بالحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا.

وكان مستشار مكتب الرئيس الأوكراني، ميخايلو بودولاك، قد غرَّد في تعليقه على القصف قائلًا: "منطق الحرب مميت ولا يطاق، ويجبر أمير الحرب والمتواطئين معه على التعويض".

وأعلنت وزارة الخارجية الإيرانية، الإثنين، استدعاء القائم بأعمال السفارة الأوكرانية في طهران، لشرح تغريدة بودولاك، بشأن القصف الذي تعرض له موقع عسكري بمحافظة أصفهان وسط إيران.

تأثير طفيف

ذكرت المجلة الأمريكية أنه "على الرغم من العمليات السرية ودورها في استباق وصول المُسيرات الإيرانية إلى روسيا؛ لاستخدامها ضد منشآت وبنى تحتية وأهداف مختلفة في أوكرانيا، بيد أن المصانع التي تنتج تلك الطائرات ليست قاصرة على الأراضي الإيرانية فحسب".

ولفتت إلى أن "أيار/ مايو 2022 شهد تدشين مصنع إيراني لتصنيع المسيرات في طاجكستان، كما كانت طهران قد وقعت اتفاقًا مع موسكو، مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر العام الماضي، لتجميع المسيرات الإيرانية داخل روسيا".

وخلصت إلى أن "العمليات الإسرائيلية ضد المنشآت العسكرية الإيرانية يمكنها أن تساعد أوكرانيا على المدى القصير؛ إذا أسفرت عن تأخير إمداد القوات الروسية بمخزون متجدد من المسيرات الانتحارية قبل نفاد المخزون قيد الاستخدام".

وقالت إنه "لو لوحظ أي نوع من التراجع في الهجمات الروسية على أهداف أوكرانية باستخدام المُسيرات الإيرانية، وقتها يمكن القول إن العمليات الإسرائيلية التي تجري من وراء الكواليس تحقق نجاحًا، ما يعني أنه في حال لم تتأثر الإمدادات لصالح الروس، فإنه من الصعب الحديث عن نجاح تلك العمليات".

"من مصلحة إيران، وربما بمساعدة روسية، تطوير سلاح تفوق سرعته سرعة الصوت، يمكن استخدامه في المستقبل لإطلاق رأس حربي نووي"
المحلل العسكري الإسرائيلي رون بن يشاي

صواريخ فرط صوتية

كتب المحلل العسكري الإسرائيلي رون بن يشاي، الإثنين، أن إسرائيل التي لم تعلن مسؤوليتها رسميًا عن الهجوم، بينما نسبه إليها مسؤول أمريكي، "تحرص على تقويض برنامج الصواريخ الفرط صوتية الذي تطوره إيران".

وتلك الصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، لديها قدرات على المناورة بشكل كبير، ويمكنها نظرًا لهذه الميزة ووصول سرعتها أحيانًا إلى 5 أضعاف سرعة الصوت، التحايل على أنظمة الدفاع الجوي، بما في ذلك الدفاعات التي تمتلكها إسرائيل.

ولا تمتلك هذا النوع من الصواريخ، سوى روسيا والصين، حسبما أشار المحلل العسكري الإسرائيلي، الذي أكد أن الولايات المتحدة تطور تكنولوجيا الصواريخ فرط صوتية بوتيرة متسارعة، لكنها لا تزال متخلفة عن الركب.

وقدَّر أن "من مصلحة إيران، وربما بمساعدة روسية، تطوير سلاح تفوق سرعته سرعة الصوت، يمكن استخدامه في المستقبل لإطلاق رأس حربي نووي، وأنه حتى من دون استخدامه لهذا الغرض، فمن شأنه أن يمنح إيران مكانة القوة العسكرية العالمية؛ مما يسمح لها بفرض إرادتها على بُعد آلاف الأميال من حدودها".

وفي وقت أشارت تقارير إلى احتمال إطلاق المسيرات التي ضربت المواقع الإيرانية في أصفهان من داخل أذربيجان، لم يستبعد بن يشاي أن تكون قد أُطلقت أيضًا من داخل إيران.

وعلل ذلك بأنه "رغم الخلافات بين إيران وأذربيجان، وتعرض سفارة الأخيرة في العاصمة الإيرانية لهجوم خلال عطلة نهاية الأسبوع، لكن هذا لا يبرر هجومًا انتقاميًا بهذا الحجم على مصنع أسلحة إيراني، يقع بعيدًا للغاية عن الحدود الإيرانية الأذرية".

في حال لم يحقق الهجوم على أصفهان نتائجه، فإنه على الأقل سيمنح حكومة نتنياهو الفرصة للظهور على أنها تعمل من أجل تحقيق وعودها بشأن إيران
أخبار ذات صلة
بلينكن: يجب مواصلة العمل لمواجهة "تصرفات" إيران

دعاية سياسية

وتتزامن العملية التي نُسبت لجهاز الموساد الإسرائيلي مع توترات أمنية تشهدها الساحة الفلسطينية الإسرائيلية، عقب اقتحام الجيش والشرطة الإسرائيليين لمخيم جنين للاجئين، الخميس الماضي، ما تسبب باستشهاد 10 فلسطينيين؛ الأمر الذي اتبعه هجوم نفذه شاب فلسطيني الجمعة، أودى بحياة 7 إسرائيليين، أعقبه هجوم إطلاق نار بالقدس أيضًا، أمس الأول السبت، تسبب في إصابات.

وكان مراقبون قد عبَّروا عن قناعتهم بأن التصعيد الأمني على الساحة الفلسطينية من شأنه أن يفوت الفرصة على معارضي سياسات بنيامين نتنياهو وحكومته الذين يحتشدون بشكل أسبوعي، في تظاهرات تخطت أعداد المشاركين فيها 100 ألف متظاهر.

وحقق التصعيد هذا الهدف بشكل نسبي؛ إذ لم تحظ تظاهرات السبت الأخير بنفس الزخم، كما بدأ شركاء نتنياهو الائتلافيون تمرير الأجندات السياسية الخاصة بهم، وسط أنباء عن مشاريع قوانين في غاية التطرف، أصبح بمقدورهم تمريرها في هذه الأجواء.

وفيما يتعلق بالتصعيد على الصعيد الخارجي، والهجوم على أصفهان، الذي نسبته مصادر أمريكية لإسرائيل، على الفور، وبشكل يثير تساؤلات، فإنه من غير المعروف بعد ما مدى الخسائر التي تعرضت لها المواقع المستهدفة، وإذا ما كان الأمر سيؤثر على إمدادات المسيرات الإيرانية للقوات الروسية بالفعل أم سيُعطل تطوير برنامج الصواريخ فائقة السرعة الذي تعمل إيران عليه.

وفي حال لم يحقق الهجوم على أصفهان نتائجه، فإنه على الأقل سيمنح حكومة نتنياهو الفرصة للظهور على أنها تعمل من أجل تحقيق وعودها بشأن إيران، ويعطي الائتلاف فرصة جديدة لإسكات معارضيه، تنضم إلى الفرصة التي وفرها التوتر على الساحة الفلسطينية.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com