مجلس الأمن الدولي يشدد على "الحاجة لمساع دبلوماسية تؤدي إلى نهاية دائمة للصراع"
قالت صحيفة "لوموند" الفرنسية، إنه رغم انخفاض أعداد الوافدين غير النظاميين بنسبة 39 بالمئة منذ بداية عام 2024، فإن القادة الأوروبيين من مختلف الأطياف السياسية يتبنون سياسات متشددة تجاه الهجرة.
وأضافت أن سياسة الهجرة كانت مرتبطة تاريخياً باليمين المتطرف، لا سيما وأن هذا الاتجاه تصاعد بشكل ملحوظ بعد أن أعادت ألمانيا فرض الضوابط الحدودية الداخلية في أوائل سبتمبر/أيلول، مما أعاد ملف الهجرة إلى صدارة النقاش.
وبحسب الصحيفة، يتبنى القادة الأوروبيون، من رئيس الوزراء البريطاني من حزب العمال كير ستارمر إلى رئيسة الوزراء الدنماركية الاشتراكية الديمقراطية ميته فريدريكسن، مواقف أكثر تشددًا بشأن الهجرة. ولفتت إلى أن زيارة ستارمر إلى إيطاليا لدراسة سياسات رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني التقييدية تعكس هذا التحول الأوسع.
وأضافت أن مسؤولين في هولندا والمجر يسعون للحصول على استثناءات من سياسات الهجرة المشتركة للاتحاد الأوروبي، بينما هيمنت قضية الهجرة على الحملة التشريعية الأخيرة في النمسا.
أكدت لوموند أن تصاعد الخطاب المناهض للهجرة يأتي في وقت شهدت فيه أوروبا انخفاضًا كبيرًا في عدد الوافدين غير النظاميين. ففي عام 2024، عبر 140 ألف شخص الحدود الأوروبية بشكل غير قانوني، ما يمثل انخفاضًا بنسبة 39%. وعلى الرغم من أن طلبات اللجوء تقترب من مليون طلب سنويًا، إلا أنها لا تزال متواضعة مقارنةً بعدد سكان أوروبا البالغ 450 مليون نسمة.
بدوره، يُرجع الخبير في الهجرة ماتيو تارديس، من مركز سيرغينز ميغراسيون، هذه المواقف المتشددة إلى السياسة الانتخابية، حيث إن استعادة ألمانيا للضوابط الحدودية جاءت بعد خسائر كبيرة للحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPD) في الانتخابات الإقليمية، حيث تحولت أصوات الناخبين نحو حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف، لا سيما بعد حوادث مأساوية مثل هجوم السكين في سولنغن الذي ارتكبه لاجئ سوري في 23 أغسطس/آب.
وفي فرنسا، جعل وزير الداخلية الجديد، برونو ريتايو، مسألة إدارة الهجرة قضية سياسية محورية.
أوضحت الصحيفة أن النهج المتشدد تجاه الهجرة في بلدان مثل ألمانيا والنمسا ينبع من سنوات من استقبال أعداد كبيرة من اللاجئين. بين عامي 2014 و2023، استقبلت ألمانيا 35% من طالبي اللجوء في أوروبا، واعتبرت 1.4 مليون منهم لاجئين. وبالمثل، استقبلت النمسا أكبر نسبة من اللاجئين مقارنة بعدد سكانها.
وأشار المحلل السياسي إيفان كراستيف إلى أن هذا التشدد يُعد رد فعل طبيعي بعد موجات هجرة كبيرة. تاريخياً، عانت دول عديدة من تحول في السياسات بعد ارتفاع أعداد المهاجرين، كما حدث في الولايات المتحدة بعد موجات الهجرة الكبرى.
صعوبة الاتحاد الأوروبي في التعامل مع سياسة الهجرة
وأضافت الصحيفة أنه على الرغم من نجاح الاتحاد الأوروبي في تجاوز أزمات مثل الأزمة المالية وجائحة كورونا، إلا أنه لا يزال يكافح مع ملف الهجرة. ورغم التوصل إلى اتفاق بشأن ميثاق الهجرة في وقت سابق من هذا العام، إلا أن تطبيقه لن يبدأ قبل منتصف عام 2026.
يُعد الاتفاق بين الاتحاد الأوروبي وتركيا عام 2016، الذي أدى إلى استقرار 4 ملايين لاجئ سوري في تركيا، الإستراتيجية الوحيدة الناجحة حتى الآن. ومع ذلك، فإن الجهود المبذولة للتوصل إلى اتفاقيات مماثلة مع تونس ومصر قوبلت بانتقادات بسبب انتهاكات حقوق الإنسان والتكاليف المرتفعة.
أكدت لوموند أن السياسات المتشددة تجاه الهجرة والخطاب المصاحب لها عبر أوروبا تعكس تزايد النفوذ السياسي لحركات اليمين المتطرف.
القادة يعدون بالحد من الهجرة، لا سيما من الدول غير الأوروبية، مستغلين مخاوف تتعلق بالسيادة الإقليمية والتغيرات الديموغرافية.
بدورهم، يحذر الخبراء من أن الخطر يكمن في تفكيك قوانين اللجوء الوطنية والدولية، الأمر الذي يهدد بحماية حقوق الإنسان الأساسية في جميع أنحاء أوروبا.
وختمت الصحيفة بالقول إن مع تشديد سياسات الهجرة الأوروبية، يبقى المستقبل غير واضح بشأن إلى أين سيؤدي هذا الاتجاه.