تجدد الغارات الإسرائيلية على بلدة بوداي في بعلبك بالبقاع اللبناني
اتهم محلل إسرائيلي بارز حكومة بنيامين نتنياهو بحجب معلومات كثيرة عن الإسرائيليين بشأن الوضع الحقيقي على الأرض في قطاع غزة، وقال إنها تتسبب في رفع سقف طموح الإسرائيليين إلى مستويات لا يمكن بلوغها.
وشكك محلل شؤون الأمن القومي، رونين بيرغمان، في نجاح إسرائيل بتحقيق أي من الأهداف الاستراتيجية للحرب على غزة، وقال إنه من غير الممكن تحقيق تلك الأهداف سوى باحتلال القطاع بالكامل، ولكنه أكد أن واشنطن لن تسمح بذلك.
وأكدت صحيفة "يديعوت أحرونوت" اليوم الخميس، على لسان بيرغمان، أن لدى الحكومة الإسرائيلية قناعة بأن الحرب البرية والاحتلال المستمر لمزيد من المناطق في قطاع غزة "يشكلان قوة ضاغطة كبيرة على حركة حماس، ويجبرها على قبول صفقة لإطلاق سراح الأسرى".
وبحسب الصحيفة: "يشكل احتلال مجمع الشفاء الطبي بدوره وتحييد مركز عمليات حماس تحت الأرض، مع أن الحركة نقلته خارج مدينة غزة، أمرا مهما من النواحي العملياتية، وقبل ذلك خطوة كبيرة من النواحي الرمزية، كل ذلك يشكل المزيد من الضغط على حماس"، كما تعتقد الحكومة.
ولم تجد الصحيفة إجابة عن سؤال بشأن ما إذا كان احتلال قطاع غزة يسهم في الوصول إلى صفقة، أو ما إذا كان ذلك هو الطريق الصحيح، وقالت إن الأمر "في حاجة إلى إثباتات".
ولفتت إلى أنه في المقابل، تعتقد مصادر أمريكية أن استمرار الحرب البرية والضغط من جانب عائلات الأسرى يؤديان إلى تخفيف حدة المواقف الإسرائيلية.
وتتمسك إسرائيل في الوقت الراهن بموقف ينص على أنه لا هدنة طويلة الأمد، وتقول إنها مستعدة لقبول وقف قصير لإطلاق النار، مع أنها كانت ترفض الخيار الأخير أيضًا في مستهل الحرب البرية.
إمَّا عائلات كاملة أو أسرى فرادى
المحلل بيرغمان رأى أن حماس بدورها بدأت تمارس ضغوطًا، منها على سبيل المثال مقاطع الفيديو التي نُشرت يوم الإثنين الماضي على قناة تلغرام تتبعها، أظهرت إحدى المخطوفات الإسرائيليات بينما توجه رسالة، قبل أن يعاد تصويرها بعد أن فارقت الحياة جراء قصف إسرائيلي، الأمر الذي فسرته إسرائيل على أنه نوع من ممارسة الضغوط.
ولفت إلى أن يوم أمس الأربعاء، كان من المفترض أن ينعقد مجلس الحرب لمواصلة مسيرة المصادقة على صفقة الأسرى، مضيفًا أنه "حتى هذه اللحظة لم يبدأ الاجتماع، وهناك وزراء كانوا ليعربوا عن غضبهم ويتهموا المجلس بالخيانة والضعف، هذا لو كانت تلك حكومة أخرى".
وأوضح أن الصفقة التي يجري الحديث عنها بناءً على ما تقوله حماس "تشمل تحرير 50 أسيرًا (نساء وأطفال) دون الإدلاء بأسماء؛ إذ لم تعلن حماس أسماء النساء والأطفال الذين تحتفظ بهم، كما أن إسرائيل لم تُطلع حماس على أسماء الأشخاص الذين تعتزم إطلاق سراحهم".
وبحسب بيرغمان فإن المبدأ الوحيد المتفق عليه، هو أنه "إذا أفرجت حماس عن أبناء عائلة واحدة (أم وأبنائها على سبيل المثال) فإنه لا يتم الفصل بينهم، أي أنه على حماس أن تفرج عن عائلة بأسرها مجتمعة أو عن أفراد.
وكشف عن مسودة الصفقة التي ستكون على دفعات جماعية، في مقابل خمسة أيام هدنة إنسانية كما تسميها إسرائيل؛ بغرض عدم ترك انطباعات بأنها توافق على وقف إطلاق النار.
المتسللون – ما القصة؟
ورفضت إسرائيل ما تنشره حماس من أن ليس جميع الأسرى تحت سيطرتها، وأن هناك تنظيمات أخرى لديها أسرى؛ إذ تصر إسرائيل، وفق المحلل، أن حماس هي التي تسيطر على كل المخطوفين أو على الأقل الغالبية العظمى منهم، حتى عبر تنظيمات أخرى.
ومضى "بيرغمان" قائلًا إن لدى إسرائيل معلومات بأن حماس لديها أغلب المخطوفين وإن هناك 3 مجموعات من المخطوفين في أيدي تنظيمات هي: الجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية ومجموعة أخرى تسمى إسرائيليًا "المتسللون"، في إشارة إلى أشخاص تسللوا عبر السياج بين الساعة 11 إلى 12 في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر وارتكبوا أفعالًا (على الأقل جزء منهم) مثل التخريب والقتل والاغتصاب والاختطاف"، مضيفاً: "حماس أبلغت قطر أنها لا تستحوذ على كل الأسرى". في المقابل، ذكر بيرغمان أن إسرائيل تتهم حماس بالكذب والتنصل من المسؤولية.
وأوضح أن حماس تطالب بتحرير أعداد من الفلسطينيين أكبر من أعداد المخطوفين الإسرائيليين، الأمر الذي رفضته إسرائيل، والأخيرة تخشى أن تستغل حماس الوقت للوصول إلى هدنة تلو الأخرى، لتصبح تهدئة طويلة الأمد، في وقت يريد الجيش إتمام مهمة الحرب، وستعني هدنة تلو الأخرى صعوبة العودة للوضع القتالي من جديد.
لا أهداف استراتيجية تحققت
وبيَّن أنه "على الرغم من تعاون الجيش والشاباك مع جهات أخرى في استيفاء جميع أهداف الحرب على الصعيد التكتيكي واستعادة الجيش للثقة التي فقدها في السابع من أكتوبر، لكن أيًا من الأهداف الاستراتيجية للحرب لم يتحقق.
وكشف بيرغمان حقيقة أن إسرائيل مُنِيت بضرر هائل على الصعيد الدولي وعلاقات الشعب اليهودي بالخارج في ظل عدد الضحايا الهائل من سكان غزة، وقال إنه يشك أن الكثير من الإسرائيليين لا يعرفون شيئًا عن هذا الضرر الذي لحق ببلدهم.
وشكك في تحقيق أي إنجاز جراء اقتحام مجمع الشفاء الطبي، وقال إن الطريقة الوحيدة للحسم ضد حماس عسكريًا وسياسيًا وتنظيميًا هي احتلال قطاع غزة بأسره، لكنه أشار إلى أنه "من الصعب رؤية جدول زمني سيشمل استمرار الغطاء الأمريكي لإسرائيل إلى أن تحتل القطاع وتدمر الأنفاق".
كما تساءل بشأن الهدف الأهم وهو اغتيال قيادات حماس، يحيى السنوار ومحمد ضيف، "في وقت يحيطان فيه نفسيهما بالمخطوفين الإسرائيليين"، على حد قوله.
وختم بالقول: "تلك هي الحقيقة التي يخفيها قادة الدولة عن المواطنين، هذا الإخفاء (أسماه الادخار: شح المعلومات) يرفع سقف التوقعات لدرجة من الصعب جدا تحقيقها".