المعارضة التركية تتحضر للمعركة الانتخابية الجديدة نهاية مايو
حاولت المعارضة التركية، الأربعاء، التعافي من أداء انتخابي مخيّب للآمال وأطلقت هجوما جديدا في مسعى لهزيمة الرئيس رجب طيب أردوغان في الدورة الثانية المقررة في 28 أيار/مايو.
واجتمع الزعيم العلماني كمال كيليجدار أوغلو مع خمسة آخرين من قادة تحالفه، الأربعاء؛ من أجل التخطيط لإستراتيجية أقوى لوضع حد لهيمنة أردوغان المستمرة منذ عقدين.
وذكرت تقارير إعلامية أنه أقال فريق العلاقات العامة التابع له ويخطط لتعيين رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو المعروف بشخصيته الانفعالية وعلاقته المتوترة مع أردوغان قائدا لحملته.
ويشكّل تسليم زمام الحملة إلى إمام أوغلو وواضعة إستراتيجيات رئيس البلدية جنان قافتنجي أوغلو تحوّلا بالنسبة لزعيم المعارضة التركية.
وحاول الموظف السابق البالغ من العمر 74 عاما تنظيم حملة انتخابية شاملة للجميع خاطبت الناخبين عبر مقاطع فيديو سجّلها من مطبخه بينما تجاهل انتقادات أردوغان الشخصية بحقه.
ونجح هذا النهج إلى حد ما فحرمت المعارضة أردوغان من فرصة تحقيق الفوز من الجولة الأولى لأول مرة وجمعت أصواتا تتجاوز ما جمعته في أي مرحلة خلال فترة حكمه.
لكن نسبة 44,9 في المئة التي حصل عليها كيليجدار أوغلو ما زالت أقل من تلك التي حصل عليها أردوغان وبلغت 49,5 في المئة.
وأظهرت استطلاعات قبل الانتخابات تقدّم كيليجدار أوغلو وحتى احتمال فوزه مباشرة، الأحد الماضي.
وبدأت معركة كيليجدار أوغلو المضادة بفيديو، الثلاثاء، حدق خلاله مباشرة في الكاميرا وضرب بيده على طاولته عدة مرّات قبل أن يضرب على صدره قائلا بصوت مرتفع: "أنا هنا! أنا هنا!".
"أوجه قصور"
وأما أردوغان فبدا أكثر ارتياحا بكثير لدى تقييم أدائه عبر برنامج تلفزيوني بُثّ في وقت متأخر، الثلاثاء.
وأقر الرئيس البالغ 69 عاما بأن حزبه الإسلامي خسر بضعة مقاعد في البرلمان وشهد "أوجه قصور طفيفة".
وأظهرت نتائج أولية أن حصة تحالفه المحافظ تراجعت من 333 إلى 322 في البرلمان الذي يضم 600 مقعد.
وقال أردوغان في مقابلة "للأسف، تعرّض حزبي لبعض التراجعات. هناك أوجه قصور طفيفة"، مضيفا "علينا القيام باستعداداتنا للتخلص منها، سنجري حساباتنا الداخلية ونتّخذ الخطوات اللازمة".
ونادرا ما يصدر إقرار من هذا النوع عن الرئيس التركي الذي قضى فترة في الحكم تعد الأطول لأي زعيم في تركيا.
لكنه تبنى لهجة مدروسة مناسبة لرئيس حالي سيدخل الدورة الثانية بفارق كبير عن خصمه.
ونال باقي الأصوات قومي متشدد لا يعرف عنه الكثير تربطه قواسم مشتركة بإردوغان اليميني أكثر من العلماني، كيليجدار أوغلو.
وذكر أردوغان أنه سيزور مناطق في جنوب شرق البلاد نهاية الأسبوع ضربها زلزال شباط/فبراير المدمّر الذي أودى بأكثر من 50 ألف شخص.
وحافظ الرئيس على الدعم القوي الذي يحظى به في المنطقة رغم الغضب الذي عبّر عنه في البداية حيال تأخر عمليات البحث والإنقاذ الحكومية.
وأضاف أردوغان بأن فريقه سيلتقي الناخبين الشباب في إسطنبول وأنقرة في محاولة للفوز في أهم مدينتين في تركيا حيث هزم إمام أوغلو ومنصور يافاش حلفاء أردوغان في انتخابات 2019 البلدية.
"مصداقية"
تترافق المرحلة الثانية للحملة مع اضطرابات في الأسواق التركية هبطت الليرة التركية على إثرها إلى مستويات تاريخية أمام الدولار.
وبدأ المستثمرون أخذ فوز أردوغان في عين الاعتبار والاستمرارية طويلة الأمد لسياساته الاقتصادية غير التقليدية.
وتنبع كلفة تأمين التعرّض للديون التركية من المخاوف المرتبطة بإمكانية مواجهة قطاع البلاد المصرفي الذي كان مزدهرا في الماضي صعوبات كبيرة.
وشكّل قرار أردوغان إجبار المصرف المركزي التركي على مكافحة التضخم المرتفع لمستويات تاريخية عبر معدلات فائدة أكثر انخفاضا ضغوطا غير مسبوقة على الليرة.
ويعتقد محللون بأن أردوغان حاول دعم الليرة قبيل الانتخابات عبر تدخلات غير مباشرة في السوق انعكست سلبا على احتياطيات العملة الصعبة.
وأدخلت حكومته أيضا قواعد توجب على المصارف شراء المزيد من الليرات باستخدام عملاتها الأجنبية.
وحذّر بعض المحللين من أن تركيا قد تضطر لفرض ضوابط على رأس المال ما لم يغيّر أردوغان سياسته بعد أن تعهّد بإبقاء معدلات الفائدة منخفضة طالما أنه في المنصب.
وذكرت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني أن "تركيزنا بعد الانتخابات سيكون على مسألة إن كانت السياسات المالية والنقدية ستصبح أكثر مصداقية وثباتا".