في أعقاب الإخفاقات العسكرية داخل القوات الأوكرانية شرقي كييف، والإعلان عن تحطم مقاتلة غربية من طراز "إف – 16" خلال هجوم روسي غير متوقع، فاجأ الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينكسي الدول الغربية بإجراء تعديلات وزارية كبيرة بعدما قدّم 6 وزراء بينهم وزير الخارجية، استقالاتهم للبرلمان الأوكراني.
وخلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء الأيرلندي، سايمون هاريس، في كييف، قال زيلينسكي إن بلاده تحتاج إلى "طاقة جديدة"، خاصة أن بعضهم كان يتولى منصب وزير منذ 5 سنوات.
ووصف الخبراء هذه التعديلات الوزارية في الحكومة الأوكرانية، بـ"غير المُجدية"، خاصة أنها تأتي في وقت حاسم خلال الحرب التي تشنها روسيا في شمالي شرق أوكرانيا، وهو ما يدل على حالة من عدم الاتزان والتخبط السياسي في المشهد الأوكراني منذ 5 سنوات، كما أكد زيلينسكي.
وبحسب الخبراء، فإن الجيش الأوكراني يعاني التخبط الشديد بعد إقالة وزير الدفاع، وليكسي ريزنيكوف، بسبب وقائع فساد، وأعقبها إقالة ميكولا أوليشتشوك، قائد سلاح الجو من منصبه، فكان له عظيم الأثر في الانتكاسة التي تعرضت لها القوات العسكرية في كثير من المدن الروسية والأوكرانية معًا خلال الأشهر الماضية.
وقال حامد فارس، أستاذ العلاقات الدولية، إن التغيير الكبير الذي طرأ على الحكومة الأوكرانية، وشمل ما يزيد على 6 وزراء، يأتي على رأسهم وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا، دليل قاطع على أن الرئيس الأوكراني "زيلينسكي" يسعى إلى تشكيل حكومة تبحث عن زيادة الدعم الغربي إلى أوكرانيا في ظل حالة من التعقيد والتشابك في المشهد.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ"إرم نيوز" أن هذه الحكومة تبحث عن روح داعمة لتوجهات الرئيس الأوكراني في المدة المقبلة، وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على حالة من عدم الاتزان والتخبط السياسي في المشهد الأوكراني بِعدِّ هذه الحكومة بها وزراء مستمرون منذ ما يزيد على 5 أعوام.
وتابع أستاذ العلاقات الدولية، في تصريحاته قائلًا: "زيلينسكي أقال وزير الدفاع الأوكراني في سبتمبر من العام الماضي نتيجة قضايا فساد، ويدل هذا التغيير على حالة من عدم الاتزان والاستقرار السياسي عامة، ويدفع إلى التغير في أوكرانيا".
وأضاف حامد فارس، أن هذه التغيرات التي أجراها زيلينكسي قد تؤثر سلبيًّا في السلام في ظل هذه الحكومة الجديدة، ولكن تظل الحكومة الأوكرانية رهينة لموافقة الغرب وأمريكا للتوصل إلى تفاهمات مع الجانب الروسي.
وأوضح أستاذ العلاقات الدولية في تصريحاته، أن وزراء الحكومة الجديدة ترغب في إنهاء حالة الحرب، وذلك على عكس رغبة الرئيس الأوكراني الذي يطالب بالسلام، وفي الوقت نفسه شن الهجمات المضادة على القوات الروسية.
وشدد بأن هذه الخطوة قد تفاقم الوضع الداخلي داخل الحكومة الأوكرانية، خاصة بعد فشل الحكومة السابقة في تهدئة الأوضاع.
وعن تداعيات هذا التعديلات المرتقبة من وجهة النظر الروسية، قال الخبير في الشؤون الروسية، تيمور دويدار، إن التعديلات في حكومة كييف لن تؤثر مباشرة في الحرب الروسية الأوكرانية، ولن توقف القوات الروسية في الأراضي الأوكرانية حتى في حالة تعديل وزير الدفاع المحتمل، أو مسار المفاوضات التي يطالب بها زيلينسكي.
وأشار الخبير في الشؤون الروسية في تصريحات لـ"إرم نيوز" إلى أن هذه التعديلات الوزارية كانت مطالب غربية منذ أشهر، وطرحت أوكرانيا الأسماء المقترحة، إلا أن رئيس الدولة انشغل بالصراع والهجوم على روسيا، من دون تحقيق أهدافه.
وأضاف دويدار أن المفاجأة في هذا التعديل، ليست بتغيير نصف الحكومة أو عدد كبير منها، بل الإطاحة بوزير الخارجية المكلف بالتفاوض مع الغرب على الدعم العسكري والمادي بعد فشله في إتمام مهماته وتراجع الدعم.
وتوقع استمرار الحال كما كان عليه من الحكومة الحالية؛ بسبب موقف الغرب، وليس دهاء الأشخاص.
وأوضح الخبير في الشؤون الروسية، وجود مخاوف أوكرانية من تفاقم الأزمات الحالية بين القوات العسكرية والحكومة المدنية الجديدة تارة وبين الحكومة الجديدة والغرب تارة أخرى بسبب الدعم الغربي.
بالإضافة إلى الضغوط التي يضعها زيلينكسي عليهم لإتمام صفقات كبيرة مع الغرب لاستمرار الحرب حال فشل جولة المفاوضات، ومؤتمر السلام الذي ترغب كييف في عقده خلال أكتوبر المقبل.