صحف عالمية: رسالة "عنيفة" من بوتين لأمريكا.. وتعهد "خطير" لبايدن في بولندا
هيمن موضوع "التلاسن المباشر" بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين، والأمريكي جو بايدن، على عناوين الصحف العالمية، بعدما أدلى كل زعيم بخطاب "مثير ومتناقض" حول رؤيته للحرب، في صدام "على مستوى القادة" ينذر بمستقبل قاتم ليس فقط لأوكرانيا، بل للعالم بأسره.
وتناولت الصحف تقارير تكشف أن مصير زعيمي أكبر قوتين نوويتين في العالم بات مرتبطاً بنتائج الحرب في أوكرانيا، وذلك بعدما أعلن بوتين مواصلة الجهود العسكرية حتى النصر، بينما تعهد بايدن بأن روسيا "لن تنتصر".
وفي السياق ذاته، أوردت الصحف "مبادرة سلام" صينية تكشف عن الخطوط العريضة لخطة الزعيم، شي جين بينغ، في ما يتعلق بتعزيز السلام العالمي، بعدما تعهدت بكين بالتوسط في حل الأزمة الأوكرانية.
رد "عنيف" من بوتين.. ومستقبل قاتم لأوكرانيا
رأت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية أن إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، عن تعليق مشاركة بلاده في معاهدة للحد من التسلح النووي مع الولايات المتحدة، بمثابة رسالة "شديدة اللهجة" رداً على زيارة بايدن، الاثنين، إلى كييف، والدعم الغربي لأوكرانيا.
وذكرت الصحيفة أن الرد "الأكثر عنفاً" من الزعيم الروسي جاء بعد تعهده، أمس الثلاثاء، بمواصلة الحملة العسكرية في أوكرانيا، ما يؤدي لاتساع الفجوة الدبلوماسية بين موسكو والغرب، وينذر بمستقبل قاتم لكييف التي مزقتها الحرب.
جاء ذلك خلال خطاب واسع النطاق ألقاه بوتين عن حالة الأمة أمام الهيئة التشريعية الفيدرالية الروسية في العاصمة موسكو، أمس، قبل الذكرى السنوية الأولى للحرب في أوكرانيا، محذراً واشنطن من أنها "إذا كانت ستختبر أنواعًا جديدة من الأسلحة النووية، فإن روسيا ستفعل الشيء نفسه".
وتحت عنوان "انعدام الثقة بين القوتين"، قالت الصحيفة إن تصريحات الزعيم الروسي بشأن معاهدة الحد من التسلح النووي، المعروفة بـ"ستارت الجديدة"، تزيد من العداء بين واشنطن وموسكو، وتضاعف القلق العالمي حول تداعيات القرار، رغم أنه لم يرتق لحد الانسحاب الكامل من المعاهدة.
وفي هذا الصدد، نقلت الصحيفة الأمريكية عن سيرجي ماركوف، مدير معهد الدراسات السياسية الموالي للكرملين، قوله إن خطوة موسكو لن يكون لها على الأرجح عواقب وخيمة على المدى القصير، لكنها "لا تبشر بالخير بالنسبة للمستقبل".
وأضاف ماركوف: "إذا لم تستمع واشنطن إلى موسكو الآن، فهذا تحذير من بوتين بأنه قد ينسحب كليًا من المعاهدة. وفي غضون سنوات قليلة، قد يكون هناك تغيير هائل من شأنه أن يقلل بشكل كارثي من الأمن النووي للولايات المتحدة،" محذراً أن روسيا "ستنتقل من صواريخ نووية أحادية الرأس إلى صواريخ برؤوس حربية متعددة".

وأوضحت الصحيفة أنه بينما أشارت تصريحات بوتين إلى أن روسيا ستستمر في رفض عمليات التفتيش في الموقع بموجب المعاهدة، فإنه لم يشر إلى ما إذا كانت بلاده ستعلق الامتثال لبنود أخرى من الاتفاقية من خلال رفض تقديم بيانات عن قواتها النووية أو حجب الإخطار عن التجارب صاروخية.
وأبلغ مسؤولون أمريكيون بارزون "وول ستريت جورنال" أن الرئيس الروسي يبدو وكأنه يترك الباب مفتوحًا أمام احتمال استمرار موسكو في مراعاة البنود الأساسية للمعاهدة، لكنهم أشاروا إلى أن قرار بوتين يهدف إلى إضافة عقبات إلى أي جهد للتفاوض على اتفاقية متابعة بعد انتهاء صلاحية "ستارت الجديدة" في فبراير 2026.
ورأت الصحيفة الأمريكية أن خطاب بوتين أمس كان مصمماً جزئيًا لتعزيز الدعم المحلي للحملة العسكرية في أوكرانيا، مشيرة إلى أنه كرر تأكيداته المتزايدة بأن الولايات المتحدة وحلفاءها الأوروبيين قد بدأوا الصراع من خلال تقريب الحكومة الأوكرانية من أوروبا.
وجاءت تصريحات الرئيس الروسي قبيل زيارة وانغ يي، كبير الدبلوماسيين الصينيين، إلى موسكو، حيث من المقرر أن يلتقي بنظيره الروسي، وزير الخارجية سيرجي لافروف، اليوم الأربعاء. وصرح المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، بأن بوتين قد يجتمع أيضاً مع وانغ.
وأشارت الصحيفة إلى أن بوتين استخدم الخطاب الذي طال انتظاره لطمأنة الروس بأن البلاد ستكون قادرة على تحمل العزلة الدولية المتزايدة، وتعهد بإعطاء الأولوية لبرامج الرعاية الاجتماعية مع دخول الصراع عامه الثاني. كما أكد بوتين أن الاقتصاد الروسي قد تجاوز أسوأ العقوبات.
خطاب "هجومي" لبايدن.. وتطمينات لبولندا
جدد بايدن في بولندا أمس التزامه بدعم أوكرانيا في مواجهة الغزو الروسي، حيث أعلن في خطاب "هجومي" أن الغرب لن يتردد مطلقاً في دفاعه عن الديموقراطية، متعهداً بأن روسيا "لن تنتصر أبدًا"، في تصعيد خطير للتوترات قد يؤدى إلى تداعيات "كارثية" على أوكرانيا.
وذكرت صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية أن الظهور الثاني لبايدن في يومين متتاليين بالمنطقة المضطربة – بعد زيارة مفاجئة لكييف الاثنين – يعد جزءاً من تضامن الولايات المتحدة مع أوكرانيا وبولندا العضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو) التي تشعر بالقلق من طموح الزعيم الروسي.
ورأت الصحيفة الأمريكية أن تصريحات بايدن التي أكد فيها أن "بوتين فشل في تحقيق أهدافه العسكرية"، تتعارض مع حرب لا تظهر أي بوادر للتراجع، كما أنها تتنافى مع الأوضاع في ساحة المعركة، حيث لا تزال روسيا تسيطر على أكثر من 20% من أراضي أوكرانيا فضلاً عن نيتها شن هجوم كبير متجدد على شرق البلاد.
وأضافت بوليتيكو أنه بالرغم من فشل اندفاع بوتين الأولي في كييف، هناك شعور بين الخبراء العسكريين بأن روسيا سوف تطغى على أوكرانيا في القريب العاجل. ووصفت الصحيفة الأجواء التي شهدتها بولندا أمس بأنها "تجمع حماسي" لحلف الناتو على حدود أوكرانيا، في خطوة قد تستفز بوتين.
وكان بايدن قد أجرى محادثات مع نظيره البولندي، أندريه دودا، بشأن تعزيز الجناح الشرقي للناتو في مواجهة الحرب الروسية المستمرة في أوكرانيا، مما يؤكد العلاقة الوثيقة بشكل متزايد بين واشنطن ووارسو.

ونقلت صحيفة "الغارديان" البريطانية عن بيوتر غلينسكي، نائب رئيس الوزراء البولندي، قوله إن على وارسو أن تنتهج سياسة الحشد العسكري لأن "لدينا عدوًا شديد الكراهية" في روسيا، مضيفاً أن حلفاء بلاده الرئيسيين في هذا الجهد "هم الولايات المتحدة وبريطانيا، وبدرجة أقل دول البلطيق".
وجادل غلينسكي بأن زيارة بايدن كانت مهمة لأنها أثبتت "سياستنا الجديدة المتمثلة في الاستقلال" داخل الناتو، قائلاً إنه يظهر أن الولايات المتحدة تدرك أهمية العلاقات الثنائية، مما يعكس جهود وارسو في الحرب الأوكرانية، موضحاً: "إنهم (الأمريكيين) يستخدموننا كمحور ويحترمون مكانتنا كشريك".
في غضون ذلك، رأت صحيفة "الغارديان" البريطانية أن مستقبل كل من بوتين وبايدن السياسي مرتبط بشكل كبير بنتيجة الحرب الأوكرانية، حيث يقول الزعيم الروسي إن الحرب تتعلق بحق موسكو في الوجود، بينما يصفها نظيره الأمريكي بأنها معركة من أجل الحرية.
وذكرت الصحيفة أن خطابي أمس كانا متباعدين بشكل واضح في ما يتعلق بتفسيراتهما للحرب التي اندلعت أوائل العام الماضي. وقالت إن الزعيمين تجنبا تحديد "خططهما للنصر، أو كيف تسير المعركة على الخطوط الأمامية". وقالت الصحيفة إن الشيء الوحيد الذي اجتمع عليه الجانبان هو أن "الحرب لن تنتهي في وقت قريب".
مبادرة صينية للسلام.. ومخاوف أوروبية
نشرت صحيفة "غلوبال تايمز" الصينية عبر موقعها الإلكتروني إنفوغرافاً يتضمن ما وصفته بـ"المفاهيم والمبادئ الأساسية لمبادرة الأمن العالمي" التي أطلقتها بكين لتحدد الخطوط العريضة لخطة الزعيم، شي جين بينغ، للسلام العالمي، وذلك في وقت يستعد فيه كبير الدبلوماسيين الصينيين، وانغ يي، لإجراء محادثات في موسكو.
وقالت الصحيفة الصينية – الناطقة بالإنجليزية – إن المبادرة تهدف إلى القضاء على الأسباب الجذرية للنزاعات الدولية وتعزيز الأمن العالمي".
ونقلت الصحيفة عن وزير الخارجية الصيني، تشين جانغ، قوله إن "مبادرة الأمن والتعاون منفتحة وشاملة، وإذا انضمت أي دولة إلى المبادرة وأرادت بصدق حماية السلام العالمي، فسوف ندعم ذلك".
وأضاف تشين: "سنواصل تعزيز محادثات السلام، وتوفير الحكمة الصينية للتسوية السياسية للأزمة الأوكرانية، والعمل مع المجتمع الدولي لتعزيز الحوار والتشاور لمعالجة مخاوف جميع الأطراف والسعي لتحقيق الأمن المشترك".
وتابع أنه في الوقت نفسه، "نحث الدول المعنية على التوقف فورًا عن إضافة الوقود إلى النار، والتوقف عن إلقاء اللوم على الصين، والتوقف عن تضخيم الخطاب الأوكراني اليوم، وتايوان غدًا"، (في إشارة إلى الولايات المتحدة).
ومن المقرر أن يلقي الزعيم الصيني "خطاب سلام" في 24 فبراير الجاري، تزامناً مع الذكرى السنوية الأولى للحرب. وصرح تشين أمس بأنه بعد وضع الخطوط العريضة لخطة الرئيس الصيني بشأن "السلام العالمي"، تشعر بكين بالقلق من أن الصراع الأوكراني "سيستمر في التصعيد أو حتى يخرج عن نطاق السيطرة".

على صعيد آخر، اعتبرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن "مغازلة" الصين للقوى الأوروبية تصطدم بجدار روسي، قائلة إن بكين، وهي في حاجة ماسة إلى إنعاش اقتصادها، تريد إصلاح العلاقات مع القارة العجوز، لكنها تكافح من أجل خلق مسافة بينها وبين موسكو.
وكان كبير الدبلوماسيين الصينيين قد قام بجولات مكوكية عالية المخاطر في أوروبا، حيث دافع عن مصالح بلاده في مواجهة مع وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، وأعاد تأكيد صداقة بكين مع روسيا بزيارة موسكو أمس.
وقالت الصحيفة إن جولات وانغ تسلط الضوء على اللغز الذي تواجهه الصين في الوقت الذي تحاول فيه تعزيز علاقتها مع الاتحاد الأوروبي، أكبر شريك تجاري لها، دون عزل روسيا التي باتت القوة العظمى الوحيدة المتبقية لها في مواجهة الهيمنة الأمريكية.
وقالت الصحيفة الأمريكية إن خطابات الصين النارية بشأن الدفاع عن علاقاتها مع روسيا لن تفيد كثيرًا في طمأنة المسؤولين الأوروبيين، حيث كان القادة يأملون في سماع بكين تعدل من نبرتها وإظهار استعدادها لخلق مسافة أكبر بينها وبين موسكو، وذلك في خضم مزاعم أمريكية حول نية بكين تزويد موسكو بـ"أسلحة فتاكة".
وأشارت الصحيفة إلى أن خطاب وانغ "الناري" في "مؤتمر ميونيخ للأمن"، السبت، الذي هاجم فيه الولايات المتحدة بشكل حاد، واستبعاده مواجهة عسكرية بشأن تايوان، قد زاد من قلق الأوروبيين بسبب تصاعد التوترات بين بكين وواشنطن.