نجحت ميليشيا "فانو" المتمردة بإثيوبيا في السيطرة على بلدة المتمة المتاخمة للحدود مع السودان، الأمر الذي زاد المشهد الإثيوبي تعقيدًا، ودفع السودان لإغلاق حدوده، في خطوة تثير تساؤلات حول مدى القدرة على استعادة البلدة.
ورغم انتهاء حرب تيغراي التي استمرت عامين، تواجه حكومة رئيس الوزراء الإثيوبي آبيي أحمد الحاصل على جائزة نوبل للسلام صعوبة في القضاء على حركات تمرّد في منطقتي أوروميا وأمهرة.
وينصّ اتفاق سلام وقع بين الحكومة الفيدرالية و"جبهة تحرير شعب تيغراي" في نوفمبر في العام 2022 على انسحاب قوات أمهرة، التي قدمت دعمًا عسكريًا للجيش الإثيوبي خلال الحرب ضد متمردي تيغراي.
وقالت مصادر مطلعة إن "مليشيات فانو سيطرت بالفعل على المتمة الإثيوبية والمعبر الرابط بينها والسودان وفق ترتيبات عسكرية لقطع إمدادات السلع الغذائية والوقود القادمة من السودان إلى إقليم أمهرة".
وعلق الباحث المتخصص في الشؤون الإفريقية محمد تورشين على هذه التطورات بالقول إن: "التوترات في إقليم أمهرة ظلت متسارعة ومتصاعدة منذ فترة طويلة، وظلت ميليشيات فانو تسيطر على الكثير من البلدات والمناطق، بل ظلت تهدد كل الأنشطة والوُجود الحكومي في إقليم أمهرة".
وتابع تورشين في تصريح لـ"إرم نيوز"، إن "الحكومة الإثيوبية عاجزة تمامًا عن السيطرة على تلك الميليشيا، بل إن انتشار أنشطتها أسهم بشكل أو بآخر في عرقلة تنفيذ الاتفاق الذي تم بين الحكومة في أديس أبابا وكذلك جبهة تحرير تيغراي".
وأضاف: "لذلك في تقديري بعد سيطرة ميليشيا فانو على المتمة المجاورة للسودان والسيطرة على عدد من المناطق سيعقد المشهد أمام الجيش الإثيوبي والحكومة، بل سيجعل هذه الحكومة في تحديات حقيقية، ولا أعتقد أن تحرك أبي أحمد سيكون بشكل سهل كما حدث في الصراع مع جبهة تحرير تيغراي؛ لأن الأمهرة تشكل الدولة العميقة في إثيوبيا".
وأشار إلى أن "المسألة ستكون معقدة ومحل تحد حقيقي أمام الحكومة المركزية في إثيوبيا، فالحكومة حاضرة لكن هناك تململًا في تيغراي والأمهرة والأورومو الذين لديهم هواجس، وبالتالي فإن الجيش الإثيوبي سيستعيد هذه المنطقة، لكن مثل هذه العوامل تكشف خطورة المنهج الفيدرالي، وتشير إلى أن حدة إثيوبيا على المحك".
ومن جانبه، قال المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الإفريقية محمد أوال، إن "ما حدث في بلدة المتمة مؤشر خطير على استمرار التجاذبات الإثنية وغيرها في إثيوبيا وهي مؤشر أيضًا على عجز حكومة أبي أحمد عن حل الأمور بشكل سلمي".
وأوضح أوال في تصريح لـ"إرم نيوز"، أنه "منذ سنوات جنحت الحكومة الإثيوبية صوب الحلول العسكرية كما حدث في تيغراي، لكن هذه الحلول تنطوي على مخاطر حقيقية، ناهيك عن الأزمة الإنسانية التي تحل بالمدنيين والتكلفة الباهظة للحرب".
وأشار إلى أن التغلب على ميليشيات تعتمد أسلوب قطاع الطرق وغير ذلك أمر بالغ الصعوبة، لافتًا إلى أن "الجيش الإثيوبي سيستعيد السيطرة على المتمة، لكن التكلفة ستكون باهظة سواء على المستوى التجاري وأيضًا عسكريًا سيكون هناك ثمن".