إعلام فلسطيني: غارة إسرائيلية على منزل في محيط ميدان الشهداء بمخيم الشاطئ غرب غزة
يقول مقربون من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إن تفاصيل الرواية الحقيقية لمسار العلاقة بين دونالد ترامب وإيران كانت واضحة منذ البداية.
وأشار المقربون، في حديث لـ"إرم نيوز"، إلى أن الموقف في البيت الأبيض كان في حالة انقسام بين رأي يدعو إلى التعلّم من جميع التجارب السابقة التي خاضها الرؤساء الأمريكيون المتعاقبون على البيت الأبيض عندما تم استهلاك جهودهم من قبل المفاوض الإيراني دون التوصل إلى تحقيق نتائج جادة في الملف النووي.
والأسوأ من ذلك أن الرهان الإيراني على عامل الزمن لم يكن بريئًا بالقدر الذي كان يهدف إلى تحقيق مزيد من التقدّم في أهدافها النووية.
هذا الطرح يقول بشأنه مستشارو الرئيس من الجناح المتشدد إنه لم يبقَ هناك خيار آخر في التعامل مع طهران سوى استخدام الخيار العسكري الجدي؛ لأنه هو وحده القادر على تحقيق الأهداف المرجوّة، وفي مقدّمتها منع إيران من امتلاك السلاح النووي.
أما الخيار الآخر فكان يقول إن علينا أن نذهب مجددًا إلى خيار التفاوض حتى نجنّب المنطقة مزيدًا من الأزمات والصراعات والحروب؛ لأن الدخول في مواجهة مفتوحة مع إيران من شأنه أن يحوّل المنطقة بكاملها إلى ما يشبه الجحيم، خاصة إذا كانت المواجهة الأمريكية الإيرانية مفتوحة في عرض مياه البحر الأحمر.
إلا أن هناك خيارًا آخر، وهو الثالث من بين الخيارين، وهو الخيار الذي انحاز إليه الرئيس ترامب وأيَّده بقوة، وذلك بوضع الخيار العسكري جانبًا لبعض الوقت، والدخول في مفاوضات محددة سلفًا للسقف الزمني الذي لا يجب أن يتعدى فترة الستين يومًا.
وخلال هذه الفترة تلتزم واشنطن وإسرائيل باستبعاد الحديث عن جميع احتمالات المواجهة العسكرية.
وفي مقابل ذلك، عمل القادة العسكريون على مستوى البنتاغون على وضع مجموعة خطط عسكرية متنوعة ومختلفة، يتم فيها مراعاة جميع الاحتمالات الممكنة، ووضعها على مكتب الرئيس، وانتظار اللحظة المناسبة لاختيار الأنسب منها للتعامل مع التطورات في حال فشل المسار التفاوضي.
يوضح المقربون أن فترة الستين يومًا التي حددها الرئيس ترامب وأبلغ بها المفاوضون الإيرانيون، كانت واضحة جدًّا ومحددة في أهدافها.
المقترح الأمريكي... نقطة التحول
في أعقاب الجولة الخامسة من المفاوضات، انتهت جهود الفريق الأمريكي المفاوض إلى وضع صياغة مقترح رئاسي لإيران، وهو المقترح الذي ضمن لإيران الحصول على هدفها الاستراتيجي من تخصيب اليورانيوم، ولكن على أن يكون ذلك خارج إيران ومن خلال رقابة دولية، وكذلك على أن يتم تشكيل تجمّع إقليمي نووي سلمي يسمح لإيران بأن تكون جزءًا من الشراكة الإقليمية في الأغراض السلمية للطاقة الذرية، وضمن قيادة أمريكية لهذا التجمّع الإقليمي.
البيت الأبيض، وعلى لسان مسؤوليه، قدّم لإيران المقترح عبر الوسيط العماني، وكان يبدو أن هناك استعدادًا أمريكيًّا لمناقشة مزيد من تفاصيل هذا المقترح.
رد إيراني سلبي وإحباط أمريكي
يقول المقربون إن التوقع كان كبيرًا بين محيط الرئيس ترامب بأن الاتفاق بات وشيكًا؛ لأن الإيرانيين أظهروا في الجولات السابقة مرونة واستعدادًا راهنت عليه هذه الإدارة بأنه سوف يكون بوّابة لتجنّب الذهاب إلى المواجهة العسكرية.
هذه الفترة شهدت هي الأخرى كثيرًا من الخلافات بين وجهات نظر الرئيس ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي؛ لأن التقارير السرية كان جميعها يشير إلى أن معدلات التخصيب بلغت مستوى قياسيًّا لدى الإيرانيين، وأن السماح بمرور المزيد من الوقت سوف يقرّب الإيرانيين أكثر من هدف امتلاك الرؤوس النووية، ومنها فترة الستين يومًا التي حددها الرئيس ترامب.
هذا التخوّف من جانب الإسرائيليين كان يزداد ارتفاعًا مع كل جولة يحصل فيها الإيرانيون على المزيد من الوقت للعودة إلى طهران والتشاور مع كبار مسؤوليهم، وترك المفاوضين الأمريكيين في حال انتظار موافقة إيرانية، ولكن في غالب الأحيان تكون الردود الإيرانية دائمًا سلبية.
المقربون يوضحون أن الرد الإيراني على المقترح الأمريكي الأخير أظهر أن الموقف الإيراني ذاهب في اتجاه المزيد من التشدّد؛ لأنه فيما يبدو أن الإيرانيين فهموا أنهم وخلال الجولات الخمس الماضية نجحوا في امتصاص غضب المفاوض الأمريكي، وأن الوقت الآن بات مناسبًا للرهان على لعبة الزمن كما كان عليه الوضع مع الإدارات السابقة.
عندما وصل الرد الإيراني إلى المكتب البيضاوي كان ذلك الالتزام بالسقف الزمني يلوح في الأفق وبقوة؛ لذلك نهاية الأسبوع الماضي كانت مختلفة.
نهاية الأسبوع التي حسمت كل شيء
على غير العادة، لم يسافر الرئيس ترامب إلى ولاية فلوريدا لقضاء إجازته الأسبوعية في المنتجع العائلي، وفضّل البقاء في منتجع كامب ديفيد الرئاسي الذي لا يذهب إليه إلا قليلًا.
هناك كانت الصورة المسوَّقة للإعلام المحلي أن الرئيس الذي يجتمع مع كبار معاونيه الأمنيين والعسكريين والدبلوماسيين يبحث تطورات مظاهرات لوس أنجلوس؛ لكون الاجتماعات كانت مخصصة للتحضير للساعة الصفر لنفاذ الموعد المحدد للإيرانيين، والذي كان يصادف الخميس من الأسبوع الموالي.
بعد ذلك تغيرت مفردات الرئيس ترامب ومعاونيه بصورة كاملة وهم يتحدثون عن إيران، وتوالت التصريحات التي تتفق جميعها على أن آمال التوصل إلى اتفاق باتت ضئيلة جدًّا بعد الرد الإيراني. وهنا ازداد الحديث حجمًا ودقّة عن الخيار البديل، ألا وهو الخيار العسكري.
وكانت الخطة بالتفاصيل التي أُعلن عنها لاحقًا، وهي سحب الدبلوماسيين وأفراد عائلات المجنّدين الأمريكيين من المنطقة، وهو احتياط احترازي قال ترامب بشأنه إنه لجأ إليه رغم أنه يقدم إشارات واضحة عن شيء ما يُحضّر لتنفيذه على الأرض، لكنه فضّل تجنّب وقوع ضحايا في الأرواح أو إصابات وتعقيدات يمكن تفاديها.
في هذا التوقيت، خرج ترامب إلى الصحفيين في البيت الأبيض ليقول، ساعات قليلة قبل تنفيذ الهجمات، بأنه يرى عملية عسكرية محتملة جدًّا، لكنه تمنى على الإسرائيليين عدم القيام بها؛ لأن هناك مسارًا تفاوضيًّا قد يصل بواشنطن إلى أهدافها المرجوّة.
في حقيقة الأمر، عندما كان الرئيس ترامب يقول بهذه التصريحات التي تحتمل العمل العسكري وتُبقي على العمل الدبلوماسي، كان كل شيء قد بات جاهزًا، وكانت الطائرات الإسرائيلية تحلّق في سماء المنطقة وتشُقّ طريقها إلى أهدافها في مختلف جهات إيران.