رجح متخصصون في العلاقات الدولية، عودة "النووي الإيراني" إلى "الواجهة" مجددًا، كملف "خلافي" بعد الحرب على غزة، لإشغال المنطقة به، مشيرين إلى أن طهران تعمل على ربط العلاقات الدولية والإقليمية من جهة، بالملف النووي وعودة البحث والحوار حوله، من جهة أخرى.
ويرى مدير مركز بروكسل الدولي للبحوث والدراسات د. رمضان أبو جزر، أن هناك خلافات كبيرة حول ملف "النووي الإيراني"، وهو محور الصراع الأكبر بين طهران والغرب خلال السنوات الماضية، ودائمًا ما يستخدمه النظام الإيراني وسيلة اتصال وابتزاز للغرب، وفي الوقت نفسه استخدمته أمريكا وحلفاؤها، ذريعة لفرض عقوبات على طهران لتهذيب سلوكها. وعلى الأقل لمنعها من امتلاك سلاح نووي يشكل خطرًا على إسرائيل والغرب.
ويعتقد أبو جزر في حديثه لـ"إرم نيوز" أن هذا الملف يعود مجددًا بعد أن اختفت ملفات عديدة في ظل سياسة "الديمقراطيين" التي تسير دائمًا نحو تطويع إيران من خلال المفاوضات، كما كان في عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما على عكس أسلوب الرئيس السابق دونالد ترامب المنسحب من "الاتفاق النووي".
"خطاب عاطفي"
وأضاف أبو جزر أنه من الناحية العملية لم تثبت إيران أنها عدو صريح للغرب من خلال تصرفات وأعمال، بل فقط من خلال شعارات على شاكلة "الموت لأمريكا وإسرائيل" ليس أكثر."وحقيقة الأمر فإن إيران كانت وما زالت عاملًا مساعدًا لتنفيذ سياسات الغرب في المنطقة، إذ إن طهران هي التي قدمت المساعدات اللوجستية، وفتحت محيطها الجوي وأراضيها للقوات الأمريكية في الحرب على أفغانستان، كما قدمت التسهيلات الحدودية في الحرب الأمريكية على العراق.
وأوضح قائلًا: "في المفاصل الكبرى تكون إيران طوعًا وخادمًا للغرب، ولكن في ظل الاستقطابات في المنطقة وضمن المشاريع الإيرانية الدينية، فإنها تستخدم شعارات ضد الغرب لاستقطاب عواطف الشعوب العربية لتحريضها على حكوماتها".
وتوقع أبو جزر عودة الملف النووي الإيراني إلى الواجهة كملف "خلافي" لا سيما بعد حالة التجاذبات والتهديدات ورفع وتيرة التصعيد بين تل أبيب وطهران مؤخرًا، بعد الحرب على غزة، ليتم إشغال المنطقة به، موضحًا أنه دائمًا ما كان الطموح بأن يبقى هذا الملف صفقة في ظل إتقان الغرب لسبل التفاوض.
"خطر على العالم"
المحلل السياسي طاهر نضال، أكد أن وضع "الملف النووي الإيراني" في سياق صفقة بين طهران والغرب حاضر بقوة في ظل وجوده على نحو مباشر، أو غير مباشر من جانب نظام "الملالي" ضمن المباحثات مع الأطراف الدولية في أي قضية، حتى لو كانت ليس لها علاقة بهذا الملف أو إيران.
وقال "نضال" لـ"إرم نيوز"، إن النظام الإيراني يعمل دائمًا بقوة على ربط العلاقات الدولية والإقليمية من جهة، والملف النووي وعودة البحث والحوار حوله من جهة أخرى، ولا سيما منذ أن خرجت الولايات المتحدة من الاتفاق، لدرجة أن هذا الملف بات حاضرًا في كل ما يتعلق بتهديد استقرار المنطقة، وذلك عبر ميليشياتها وأذرعها، بشكل واضح.
وأضاف أن "المسؤولين الإيرانيين يتمسكون بالحصول على الاعتراف الرسمي بمشروعها النووي في ظل أن الكثير من دول العالم الكبرى ترى خطورة في هذا المشروع مع دولة لا تلتزم بالأعراف الدولية، وسيكون هذا السلاح في يدها خطرًا على العالم أجمع، ومع ذلك تضغط طهران على العالم بإرهابها وممارساتها الإقليمية الدولية؛ لإعادة تنشيط الملف النووي وأخذ ما تريد".
"إحدى الصفقتين"
ويقول الباحث في الشأن الأمريكي أحمد ياسين، إن طهران تستغل الوقت الحالي الخاص بالانتخابات الأمريكية، للسير في صفقتين قد تحقق إحداهما مكاسب لها، والعنوان هو الحزب الديمقراطي من خلال الرئيس الحالي جو بايدن ونائبته المرشحة للانتخابات الرئاسية كامالا هاريس، بالحصول على مكاسب قد تتعلق برفع التجميد عن بعض أموال إيران المتحفظ عليها في الخارج في إطار استخدام ورقة البرنامج النووي.
وأضاف ياسين لـ"إرم نيوز"، إن الصفقة الثانية قد تكون على المدى المتوسط حال فوز هاريس، بالعمل من جانب إيران على الابتزاز بالمشروع النووي لرفع عقوبات ثقيلة عليها أو إعادة إيجاد طرح آخر، يخص تعامل الغرب مع مشروعها النووي.
وأشار إلى أن أي صفقات بين طهران وواشنطن لن تكون حاضرة حال فوز المرشح الجمهوري والرئيس السابق دونالد ترامب، إلا إذا كان لدى ترامب -في حال فوزه- خريطة جديدة يتعامل بها مع الإيرانيين في ظل اشتعال منطقة الشرق الأوسط، وما يشهده البحر الأحمر من توترات تنعكس على التجارة العالمية.