صحف عالمية: ماكرون وحكومته "على حافة الانهيار".. وأزمة أوكرانية تهدد "هجوم الربيع"
تناولت صحف عالمية صادرة صباح اليوم تقارير كشفت عن فوضى شهدتها فرنسا، أمس، على المستوى السياسي، بعدما استخدمت الحكومة سلطتها الخاصة لتمرير قانون مثير للجدل بشأن رفع سن التقاعد، دون تصويت، في خطوة تهدد سلطة الرئيس إيمانويل ماكرون، وتجعل الحكومة على حافة الانهيار.
وسلطت صحف أخرى الضوء على التطورات الميدانية للحرب الروسية الأوكرانية، وقالت إن كييف تعاني من أزمة في الذخيرة قد تعرقل هجومها المرتقب في الربيع على نطاق واسع، وذلك لاستعادة الأراضي التي سيطرت عليها موسكو بعد أكثر من عام على الحرب.
كما تطرقت صحف للشأن الصيني، وناقشت تقارير تتحدث عن "رؤية صينية شاملة" من أجل عالم متعدد الأقطاب، وتغيير النظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة.
ماكرون وحكومته "على حافة الانهيار"
رأت صحيفة "الغارديان" البريطانية أن الرئيس إيمانويل ماكرون وحكومته باتا على حافة الانهيار أكثر من أي وقت مضى، وذلك بعد تمرير قانون مثير للجدل لا يحظى بتأييد الشعب حول رفع سن التقاعد بدون تصويت، ما أثار رد فعل عنيف داخل البرلمان وفي شوارع البلاد.
وذكرت الصحيفة أن ماكرون استخدم "سلطات خاصة" لفرض خطته لرفع سن التقاعد، الأمر الذي أعقبته مشاهد فوضوية داخل أروقة البرلمان، وسط هتافات تدين رئيسة الوزراء، إليزابيث بورن، لمنعها من التحدث، فضلاً عن مظاهرات حاشدة في الشوارع الفرنسية احتجاجاً على القانون.
وأوضحت الصحيفة أن ماكرون اتخذ قراره في اللحظة الأخيرة لتجنب تصويت برلماني. وأشارت إلى أنه قبل دقائق من التصويت، كان ماكرون يعقد سلسلة من الاجتماعات المحمومة مع شخصيات سياسية بارزة، إلا أنه اختار فجأة استخدام "سلطات خاصة" بدلاً من المخاطرة بالتصويت، وذلك للدفع بخطته لرفع سن التقاعد من 62 إلى 64 عاماً.
وقالت الصحيفة البريطانية إن الخطوة كانت "استفزازية للغاية" من قبل الحكومة وأثارت غضب المشرعين الذين قد "ينتقمون" من خلال اقتراح بحجب الثقة عن الحكومة، وإرسال المتظاهرين فورًا إلى شوارع باريس، وضمان المزيد من الإضرابات في البلاد خلال الأيام المقبلة.
وفي سياق متصل، قالت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية إنه بعد دقائق من خطاب بورن عقب "فرض القرار بالقوة"، أعلنت إحدى أكبر النقابات في البلاد عن احتجاجات جديدة، كما صرحت الزعيمة اليمينية مارين لوبان أن مجموعتها البرلمانية تستعد "بوضوح" لاقتراع لحجب الثقة.

وأوضحت الصحيفة أن مثل هذا التصويت يمكن أن يطيح بالحكومة بقيادة بورن. وقالت إنه بالرغم من أن التصويت – إذا تم بالفعل - لن ينهي رئاسة ماكرون، إلا أنه سيشكل تحديًا كبيرًا لقدرته على تنفيذ أي خطط أخرى على مدى السنوات الأربع المقبلة.
وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن النقابات وثلثي الجمهور الفرنسي عارضوا مقترحات التقاعد، ما أدى إلى ثمانية أيام من الاحتجاجات والإضرابات في الأسابيع الأخيرة. وذكرت أن الزعيم الفرنسي - الذي مضى عليه 10 أشهر من ولايته الثانية التي مدتها خمس سنوات - يفتقر إلى الأغلبية البرلمانية المطلقة، وأن موافقة المشرعين على خططه لم تكن مؤكدة على الإطلاق.
وأضافت الصحيفة أنه في حين أن مجلس الشيوخ الفرنسي صادق على القانون بسهولة، صباح أمس الخميس، كانت هناك انتقادات شديدة من قبل اليسار واليمين المتطرف في مجلس النواب (الجمعية الوطنية) الأكثر قوة. وتابعت أن دعم بعض المشرعين من يمين الوسط، الذين بدوا في البداية داعمين إلى حد كبير لخطط ماكرون، ظل غير واضح.
وكان ماكرون يضغط من أجل تغييرات في نظام المعاشات التقاعدية في البلاد منذ انتخابه في العام 2017، كوسيلة لدعم الوضع المالي لمجتمع رمادي والحفاظ على المنافسة في فرنسا، كما أن لدى فرنسا حدا أدنى لسن التقاعد أقل من العديد من جيرانها الأوروبيين.
ونقلت "واشنطن بوست" عن إحدى النقابات قولها إنه بدلاً من رفع سن التقاعد، "يجب على الحكومة زيادة الرواتب ومعالجة ظروف العمل غير المستقرة بين العديد من الشباب وبعض كبار السن".
هل تستطيع أوكرانيا شن هجومها المرتقب؟
تساءلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية حول ما إذا كانت أوكرانيا قادرة على شن هجوم متوقع على نطاق واسع خلال الربيع لمحاولة استعادة الأراضي التي سيطرت عليها موسكو، بعد أكثر من عام على حرب طاحنة كلفت طرفي النزاع خسائر فادحة.
وذكرت الصحيفة أنه بينما تلقى الجانبان خسائر بشرية وعسكرية، إلا أن أوكرانيا تعد الجانب الأكثر تضرراً؛ نظراً لترسانة روسيا الهائلة واعتمادها بشكل أكبر حتى الآن على مخزونها السوفيتي من الأسلحة، فضلاً عن القوى العاملة لدى موسكو، والتي قد تلجأ إليها في أي وقت.
وقالت الصحيفة إنه رغم الخسائر الأوكرانية الفادحة، تصر كييف بغرابة على مواصلة الدفاع عن مدينة باخموت شرق البلاد، في معركة استنفدت بشكل كبير حجم الذخيرة لديها وجعلت قواتها محاصرة بشكل تام من قبل القوات الروسية.
وأضافت الصحيفة، في تحليل إخباري لها، أن التعنت الأوكراني حول باخموت يهدد معاركها في المستقبل، وخاصة هجومها المزعوم في الربيع، حيث تستخدم كييف آلاف قذائف المدفعية يوميًا مع عدم قدرة حلفائها الغربيين على توفير المزيد من المساعدات العسكرية.

وصرح مسؤولان أمريكيان للصحيفة بأن القصف الأوكراني كان مكثفًا لدرجة أن وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) أثارت مخاوف مع كييف مؤخرًا بعد عدة أيام من إطلاق نيران المدفعية دون توقف، ما يسلط الضوء على التوتر بين قرار أوكرانيا بالدفاع عن باخموت بأي ثمن وآمالها في استعادة الأراضي في الربيع.
وأضاف المصدران – اللذان طلبا عدم الكشف عن هويتيهما – أن مسؤولين بارزين في البنتاغون حذروا أوكرانيا من إهدار الذخيرة في وقت حاسم. وتابعا أن الحلفاء الغربيين ليس لديهم ما يكفي من الذخيرة لمواكبة وتيرة أوكرانيا، وأن مخزوناتهم منخفضة للغاية.
وقالت "نيويورك تايمز" إنه في ضوء الرواية السابقة، أصبحت أوكرانيا في موقف محفوف بالمخاطر بشكل متزايد؛ حيث من المرجح أن تكون لقواتها فرصة واحدة ذات مغزى هذا العام للشروع في الهجوم ودفع القوات الروسية واستعادة الأراضي التي احتلتها، "وهي أن تفعل ذلك في ظل النقص المستمر في الذخيرة".
وتابعت الصحيفة أنه بالإضافة إلى حالة عدم اليقين، قال العديد من المسؤولين إن الخسائر في الأرواح في أوكرانيا كانت شديدة لدرجة أنه سيتعين على القادة أن يقرروا ما إذا كانوا سيرسلون وحدات للدفاع عن باخموت أو استخدامها في هجوم الربيع.
وأضافت الصحيفة أن الولايات المتحدة تأمل في إنتاج 90 ألف قذيفة مدفعية شهريًا، لكن من المحتمل أن يستغرق ذلك عامين. كما أشارت إلى أن الاتحاد الأوروبي يقوم بتجميع الموارد لتصنيع وشراء حوالي مليون قذيفة، الأمر الذي سيستغرق بعض الوقت أيضاً.
الصين.. خطة دبلوماسية لعالم متعدد الأقطاب
سلط عدد من الصحف الضوء على النهج الجديد الذي تتبناه الصين على مدار الأيام القليلة الماضية، ورؤيتها الدبلوماسية من أجل عالم متعدد الأقطاب، بدلاً من النظام "الأحادي" الذي تقوده الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية.
وفي هذا الصدد، ذكرت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية في افتتاحيتها أنه من الواضح أن الصين "لديها خطة لاستعراض قوتها الدبلوماسية حول العالم، بعد الإعلان عن خطة لتحقيق السلام في أوكرانيا وسط أنباء عن زيارة مرتقبة للزعيم الصيني شي جينبينغ إلى موسكو، وعقد محادثة مع الرئيس الأوكراني، فضلاً عن توسط بكين في اتفاق تاريخي بين السعودية وإيران.
ورأت الصحيفة البريطانية أن التطورات السابقة تعطي لمحة مختصرة عن رؤية الصين الكبرى بشأن العالم الذي تريده. وقالت الصحيفة إن ما جعل الصين تصور نفسها على أنها "أداة لحل المشكلات العالمية" هو التوسط في الاختراق الدبلوماسي قبل أسبوع بين المملكة العربية السعودية وإيران، حيث اتفق البلدان على إعادة العلاقات بعد قطيعة دامت سبع سنوات.
وأوضحت الصحيفة أن بكين لعبت دورًا رئيسيًا في صفقة إعادة العلاقات هذه، ما سمح للصين بتعزيز سمعتها لدى البلدين وجعلها شريكاً موثوقاً، ما ينعكس إيجابياً على المنطقة ويحد من التوترات هناك.
ورأت الصحيفة أن الاتفاق سيجعل الصين الدولة الوحيدة التي تتمتع بنفوذ اقتصادي ودبلوماسي، لضمان تمسك طهران بأي اتفاق مستقبلي.
وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية أشارت، في وقت سابق أمس، إلى أن الصين ربما جنيت أولى ثمار الوساطة، وذلك بعدما وافقت طهران على وقف تسليح جماعة الحوثي الإرهابية في اليمن كجزء من الاتفاق مع الرياض الذي كان الصراع اليمني أول اختباراته الحقيقية.
ورأت الصحيفة أن الخطوة الإيرانية ستضخ زخماً جديداً في الجهود المبذولة لإنهاء أطول الحروب في المنطقة، والتي فاقمتها جماعة الحوثي التي كانت تتلقى دعماً مادياً وعسكرياً ثابتاً من إيران. ونقلت الصحيفة عن مسؤولين سعوديين وأمريكيين قولهم إنه إذا توقفت طهران عن تسليح الحوثيين بالفعل، فقد تضغط عليهم للتوصل إلى اتفاق لإنهاء الصراع.

وفي السياق ذاته، قالت صحيفة "واشنطن بوست" إن شي يواصل جهوده لقلب النظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة، وإنه تحول إلى كيفية إنشاء نظام عالمي أفضل سيعتمد على الاحترام المتبادل والتسامح والمساواة.
وذكرت الصحيفة أن صورة الصين كصانعة سلام تعطي شي دفعة إضافية قد تمكنه في ولايته الثالثة غير المسبوقة من اقتراح نظام عالمي بديل يلائم المصالح الصينية يحمل شعار "لن تحتاج الدول إلى اختيار أحد الجانبين في معركة بين الاستبداد والديموقراطية"، في توبيخ صريح للولايات المتحدة.
ونقلت الصحيفة عن محللين قولهم إن الصين تدرك أنها بحاجة لخلق شيء جديد. إنها تحتاج إلى إنشاء مساحة جديدة لها تعيد تحديد دورها في العالم، أملاً في إعادة تشكيل النظام العالمي.
وقال تشونغ جا إيان، الأستاذ المشارك في العلوم السياسية بجامعة سنغافورة الوطنية: "ما تحاول الصين الإشارة إليه هو أن العالم لا يعتمد على الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين. تحاول الصين أن تكون لاعباً عالمياً شاملاً وأن تثبت أنها أيضاً قادرة على تأمين المصالح".
بدوره، صرح شي ين هونغ، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة رينمين في بكين، أن الصين تحاول "إعادة تأكيد نفوذها ومكانتها الدولية بعد سنوات قليلة صعبة". وأضاف: "شي سيكون موضع ترحيب في بعض أنحاء العالم، ولكن بالتأكيد ليس في الولايات المتحدة وحلفائها في أوروبا الشرقية".