مقتل 10 أشخاص في غارة إسرائيلية على مسجد شهداء الأقصى بدير البلح

logo
العالم

انقلابات أم مساومات.. كيف ستخترق واشنطن "الصندوق الأسود" للأنظمة الأفريقية؟

انقلابات أم مساومات.. كيف ستخترق واشنطن "الصندوق الأسود" للأنظمة الأفريقية؟
محتجون مناهضون للوجود العسكري الأمريكي في النيجرالمصدر: رويترز
06 سبتمبر 2024، 7:39 ص

تبحث الولايات المتحدة عن حلفاء جدد أكثر موثوقية في أفريقيا، ويسعى "البنتاغون" إلى اختراق "العلبة السوداء" لجيوش المنطقة لتنصيب موالين لواشنطن، وفق مراقبين.

ويأتي هذا التوجه بعد الانتكاسة التي تعرضت لها فرنسا في منطقة الساحل الأفريقي وطرد جنودها من هناك، ما أثار مخاوف من تمدد موجة الرفض للانتشار العسكري الغربي، وفرَض على واشنطن البحث عن بدائل.

بدائل أمريكية

ومنذ عقد من الزمن، كانت النيجر إحدى حلفاء الولايات المتحدة الأكثر موثوقية في منطقة الساحل، قبل أن تعلن الصيف الماضي سحب جنودها نهائيا وترك قواعدها العسكرية لحلفاء نيامي الجدد وهم: روسيا، وإيران، والصين. لتدخل بعدها إدارة الرئيس جو بايدن في محادثات أولية مع دول مثل كوت ديفوار وبنين وغانا للاستقرار العسكري بها.

وكانت الولايات المتحدة تزود النيجر بالمعدات العسكرية منذ عام 1962، بعد استقلال هذه المستعمرة الفرنسية السابقة، وسمحت القاعدة الجوية 201، الواقعة على مشارف أغاديز (شمال البلاد)، منذ عام 2019 للطائرات بدون طيار والطائرات الأمريكية بتنفيذ مهام مراقبة في منطقة شاسعة ذات حدود يسهل اختراقها، حيث تنتشر الجماعات المسلحة وتهريب المخدرات والأسلحة والبشر.

وأمام تحذير تقارير أمنية أمريكية من تمدد "كرة ثلج" سخط الشعوب الأفريقية من الحضور العسكري الغربي والأمريكي في المنطقة، تتحرك في عدة اتجاهات لحماية مصالحها مثلما تفعل روسيا في دعم الانقلابيين.

يسلط إعلان حكومة الكونغو الديمقراطية، في مايو الماضي ضلوع 3 أمريكيين في محاولة الانقلاب الفاشلة التي تعرضت لها البلاد، الضوء على دور واشنطن في المحاولة وأسباب هذا الدور.

وانتهت محاولة الانقلاب الفاشلة بمقتل كريستيان مالانغا، وهو رجل يبلغ من العمر 41 عامًا، يحمل الجنسية الأمريكية، وأنشأ منظمة سياسية بين الشتات الكونغولي في الولايات المتحدة، وأعلن نفسه رئيسا للكونغو في المنفى. 

كما شهدت بوركينا فاسو محاولتي انقلاب هذا العام اتهمت فيهما قوى غربية بالوقوف وراءها، وتم القبض على عسكريين بينهم رئيس الأركان السابق لقوات الدرك الوطنية، المقدم إيفرار سومدا، وتوجيه تهم لهم بالتخطيط لاغتيال الرئيس الانتقالي إبراهيم تراوري.

ومنذ عام 2020، تم تنفيذ 7 انقلابات بالمنطقة، 4 منها كانت ناجحة، في النيجر، وغينيا، وبوركينا فاسو، ومالي.

أخبار ذات علاقة

رهان "الكونفدرالية".. مواجهة واشنطن وموسكو في الساحل الأفريقي (فيديو إرم)

 

وتُرجح الباحثة في شؤون الساحل الأفريقي، ميساء نواف عبد الخالق، عدم اكتفاء أمريكا بالوقوف مكتوفة الأيدي في هذه المنطقة الغنية بالثروات، بعدما سيطر الروس على المشهد، وهو أمر في غير صالح باريس وواشنطن.

ورغم أن واشنطن دخلت في "وحول أوكرانيا"، وبالتالي في مواجهة مع روسيا، تتوقع الباحثة اللبنانية، في تصريح لـ"إرم نيوز"، بعد أن تهدأ الأمور، أن تعود أمريكا إلى البحث عن دور جديد في منطقة الساحل الأفريقي، سواء عبر انقلابات، أو الدخول في مساومات جديدة.

ويرى مراقبون أنه وفي إطار الاستراتيجية الأمريكية للهيمنة العالمية، اتجهت واشنطن لتبني مقاربة إعادة الانتشار الجيوستراتيجي في عدة مناطق على الصعيد العالمي، لتشمل أفريقيا والساحل تحديدا. 

وتزامن مطلع الألفية الثالثة مع إعلان الاستراتيجية الأمنية الجديدة، مما يعني دخول أفريقيا ضمن نطاق الأمن العسكري والنفطي الأمريكي بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 التي مثلت تهديدا لمكانة الاستراتيجية الأمنية.

واتجهت الإدارة الأمريكية نحو بلورة 3 اتجاهات لسياستها في الساحل والصحراء، تحمل أبعاد: الأمن، والطاقة، والاقتصاد، والعمل على دمج المغرب العربي في مشروع الشرق الأوسط الكبير، حيث هدفت إلى حشد التأييد الدولي لمكافحة الإرهاب وتجفيف منابعه. وبالنظر للحساسية الجيوأمنية للساحل الأفريقي، وجدت أمريكا نفسها مدفوعة لإيجاد موطئ قدم في ظل تزايد الاهتمام والاستقطاب الدولي للمنطقة.

ثروات أفريقية

وتؤكد ميساء نواف عبد الخالق رغبة أمريكا في الاستفادة من الخيرات الأفريقية؛ إذ إنّ قارة أفريقيا التي تتميز بموقعها الجغرافي الاستراتيجي، والمساحة الإجمالية التي تتجاوز 30.190 مليون كلم مربع، تمتلك أكبر مخزون للعديد من الثروات والمعادن الاستراتيجية، فمن بين 50 معدنا مهما في العالم، يوجد 17 معدنا منها في أفريقيا، وباحتياطات ضخمة.

وتمتلك القارة النسبة الأكبر من احتياطي البوكسيت والفروكوم والكوبلت والماس والذهب والمنغنيز والفوسفات والمعادن البلاتينية والتيتانيوم والفانديو، ومن بين تلك المعادن يوجد الكثير في دول الساحل الأفريقي، لذلك كان من الضروري أن تشمل الاستراتيجية الأمريكية هذه القارة، وبخاصة إذا أضفنا إلى كل ما سبق، ثروة النفط والغاز، إذ تعد أفريقيا المنطقة الأخيرة في العالم التي يوجد فيها احتياطي هائل.

ويقدر الخبراء حجم النفط الأفريقي بين 8 و9 % من إجمالي الاحتياط العالمي، ما يوازي 100 مليار برميل خام، حيث تنتشر حقول النفط داخل القارة في كثير من دولها، وعلى شواطئها الغربية، وهو أسهل وأسرع في استخراجه، مع سهولة نقل الخام المتدفق.

وتقود المساعي الأمريكية نحو التسلل إلى بلدان أخرى في القارة لطرح تساؤلات موقف شعوب الساحل الأفريقي، وإن كانت ترحب باستبدال النفوذ الغربي بالنفوذ الروسي.

أخبار ذات علاقة

كيف تخطط واشنطن لتحريك أحجار الدومينو في الساحل الأفريقي؟

 

ويوضح القيادي في حزب التجديد الديمقراطي الجمهوري في النيجر عمر الأنصاري، في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن "شعوب الساحل الأفريقي تتوق للاستقلال والحرية بسبب ما عانته من الإمبريالية الغربية، ولذلك تدخلت جوقة الإعلام الروسي بمزيد من الدعاية ضد الغرب المشوه مسبقا، وكانت الأغلبية تناصر تلك الشعارات من باب عدو عدوي صديقي"، وفق تعبيره.

وأضاف أن الحكومات الانقلابية جاءت ولم تجد من يساندها على التمسك بالسلطة غير الشرعية سوى موسكو، واستفاقت شعوب الساحل على حكومات عسكرية دكتاتورية تستمد شرعيتها من الأسلحة الروسية ومرتزقتها، التي لا يقل ضررها عن الإمبريالية الغربية.

وأكد أن "هناك الكثير من الحركات المتمردة على تلك الحكومات، زيادة على الجماعات المتطرفة، وكل ذلك يضاعف الضغوط على شعوب المنطقة التي ستنفجر وتطالب باختيار حكامها"، بحسب قوله.

وختم السياسي النيجري قوله: "حينها إن لم تستجب هذه الأنظمة الانقلابية للمطالب الشعبية ربما يستغل رفقاؤهم الشرفاء بالمؤسسة العسكرية ذلك لإنقاذ مؤسسات الدولة والرجوع للوضع الدستوري والديموقراطية"، وفق تقديره.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC