شكك تقرير نشره موقع وكالة بلومبيرغ الإخبارية الأمريكية في قدرة الصين على "العمل بفاعلية في ساحة المعركة"، رغم امتلاكها قدرات عسكرية كبيرة، بما في ذلك أكبر قوة بحرية وصاروخية في العالم.
وعزا التقرير ذلك إلى عوامل مثل غياب تجربة صراع كبير، وتاريخ الفساد في الجيش، والصعوبات في التنسيق بين مختلف فروع القوات المسلحة.
وناقش تقرير بلومبيرغ المخاوف داخل الصين في ما يتعلق باستعداد جيش التحرير الشعبي (PLA) للصراعات المحتملة، ولا سيما في خضم الخلافات مع تايوان.
وأشار إلى أنه رغم الاستثمارات العسكرية الكبيرة والتقدم، فإن هناك شكوكا حول قدرة الصين على ترجمة ذلك إلى عمليات قتالية فعالة.
وقارن التقرير التحديات التي تواجهها روسيا في حرب أوكرانيا، مع التركيز على قضايا مثل التنسيق، ونقص الخبرة القتالية، والصراعات الداخلية داخل جيش التحرير الشعبي، متطرقا إلى انتقادات الرئيس الصيني شي جين بينغ وجهوده لمعالجة هذه المخاوف، ما يعكس التزامه ببناء جيش "عالمي المستوى" بحلول عام 2049.
وكانت الدروس الأخيرة المستفادة من حرب روسيا في أوكرانيا بمثابة تحذيرات إضافية للصين، ولاسيما في ما يتعلق بتنفيذ حرب مشتركة وعمليات جوية برية متكاملة.
وأشار التقرير إلى أن الحرب بين الولايات المتحدة والصين بشأن تايوان غير مرجحة على المدى القريب، لكن هناك احتمال نشوب صراع له تداعيات اقتصادية عالمية يؤثر على قرارات المشتريات العسكرية والاستثمار، مؤكدا أن التعقيدات المحيطة بالاستعداد العسكري الصيني، إلى جانب الشكوك، تجعل من الصعب تقييم الوضع.
وشدد التقرير على أهمية إعطاء الأولوية من جانب الرئيس شي جين بينغ لتعزيز فاعلية جيش التحرير الشعبي في الحرب المشتركة، وتحسين التنسيق بين الفروع العسكرية، ولاسيما في سياق الهجوم المحتمل على تايوان.
ورغم توجيهات شي جين بينغ بإيجاد قادة قادرين على القيام بعمليات مشتركة، تواجه الصين عقبات بسبب افتقار جنرالاتها إلى الخبرة القتالية، وكذلك تهدف الجهود التي يبذلها جيش التحرير الشعبي الصيني في التدريب المشترك إلى تطوير قدرات الهبوط البرمائي، لكن المنشورات تؤكد الصعوبات المستمرة، وفق التقرير.
وأكدت "بلومبيرغ" أنه من الممكن أن تؤدي تعيينات شي جين بينغ الأخيرة في القوات البحرية والجوية لقيادة الترسانة النووية للبلاد إلى تعزيز التكامل، ولكنها تشير أيضاً إلى مشاكل متأصلة داخل جيش التحرير الشعبي، موضحة أنه على غرار اعتماد روسيا على جنود الاحتياط غير المدربين في أوكرانيا، فإن الصين لديها جزء كبير من جيشها يتكون من مجندين لمدة عامين، ما يطرح تحديات في الحفاظ على الأفراد ذوي الخبرة.
ووفق التقرير، يشكل الفساد الموجود تاريخياً في جيش التحرير الشعبي تحدياً آخر، ولا سيما في قسم شراء المعدات التابع لجيش التحرير الشعبي، إلى الصعوبات المستمرة في معالجة المخالفات.
كما يسهم الافتقار إلى العمليات القتالية الكبرى منذ عام 1979 في ظهور ما أطلق عليه شي وجنرالاته "مرض السلام"، وهو ما يسلط الضوء على الحاجة إلى الخبرة القتالية الحربية لبناء جيش حديث، بحسب تأكيد بلومبيرغ.
وأكد التقرير أنه ورغم أن الصين قطعت خطوات كبيرة في مجال قدراتها العسكرية، بما في ذلك عمليات مكافحة القرصنة والمشاركة في بعثات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، فإن أهمية هذه التجارب في حرب حقيقية تظل غير مؤكدة، إذ لا تزال المخاوف قائمة بشأن قدرة الصين على إدارة سيناريوهات المعارك المعقدة في الصراعات البحرية والجوية.
وأوضح أن الهيكل التنازلي لجيش التحرير الشعبي يشكل، باعتباره الجناح المسلح للحزب الشيوعي، تحديات في اتخاذ القرار السريع أثناء العمليات، لافتا إلى أن التركيز على "السيطرة" بدلاً من "القيادة" قد يعيق خفة الحركة والمرونة، وهو أمر بالغ الأهمية في ظروف ساحة المعركة الديناميكية.
وتشير سيناريوهات لعبة الحرب إلى أن تحقيق النصر السريع أمر ممكن بالنسبة للصين، لا سيما إذا تم التغلب على تايوان قبل أن تتمكن الولايات المتحدة وحلفاؤها من التدخل بفاعلية.
وختمت بلومبيرغ تقريرها بالإشارة إلى الجهود التي تبذلها الصين لمعالجة نقاط الضعف في الاستعداد العسكري، مسلطة الضوء على التحديات المستمرة في الخبرة القتالية، والفساد، ومرونة القيادة. وقالت إن التعقيدات المحيطة بالصراع المحتمل حول تايوان والشكوك المتعلقة بالقدرات العسكرية للصين تجعل من الصعب تقييم الوضع بشكل نهائي.
المصدر: بلومبيرغ