باكستان تدير ظهرها لواشنطن وتتجه بتحالفاتها شرقًا
باكستان تدير ظهرها لواشنطن وتتجه بتحالفاتها شرقًاباكستان تدير ظهرها لواشنطن وتتجه بتحالفاتها شرقًا

باكستان تدير ظهرها لواشنطن وتتجه بتحالفاتها شرقًا

مع تزايد ضغوط الولايات المتحدة على باكستان، بسبب الملف الأفغاني، تعمل إسلام أباد على تعزيز علاقاتها مع تركيا وروسيا والصين وإيران؛ في محاولة منها لمواجهة سياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الجديدة في جنوب آسيا.

مسؤول رفيع المستوى بالخارجية الباكستانية، فضل عدم الكشف عن هويته، قال إن "ما يسمّى بالإستراتيجية الأمريكية في جنوب آسيا، والتي تسعى لتعزيز الدور الهندي في أفغانستان، لم تترك لنا خيارًا سوى البحث عن تحالف إقليمي جديد لمواجهتها".

ولفت المصدر إلى أنّ "إسلام أباد تعزز علاقاتها المشتركة مع كل من روسيا والصين وإيران وتركيا؛ في إطار مساعيها الرامية لشحذ الدعم بهدف مواجهة الإستراتيجية الأمريكية، باعتبارها تتعارض مع مصالحها ومصالح الدول الأربع المذكورة".

وأشار مسؤول الخارجية الباكستاني، في الصدد ذاته، إلى التصريحات الأخيرة للروس والصينيين، الداعمة لجهود بلاده في محاربة "الإرهاب"، معتبرا أنها تشكّل دليلا على أن إسلام أباد تحظى بالدعم في أماكن أخرى، على حد تعبيره.

وأوضح المسؤول أن حكومة بلاده أجرت اتصالات أوّلية مع روسيا والصين وتركيا وإيران، وأنها تلقت "إشارات إيجابية من قياداتها".

وفي هذا الإطار، يعتزم وزير الخارجية الباكستاني، خواجة محمد آصف، زيارة الصين غدا الجمعة، ومن ثم سيتوجه إلى موسكو، وطهران، وأنقرة منتصف سبتمبر/أيلول الجاري، حسبما أكد المتحدث باسم الخارجية نفيس زكريا.

وتأتي هذه الزيارات المكوكية في ظل تزايد مخاوف بكين على خلفية دعوة أمريكا إلى تعزيز الدور الهندي في أفغانستان، بصورة يمكن أن تشكّل فرصة أمام نيودلهي لزعزعة استقرار المناطق الجبلية وفي إقليم "بلوشستان" جنوب غربي باكستان (الحدودي مع أفغانستان) الغني بالمعادن، والذي يعدّ أيضًا بوابة لممر باكستان – الصين القتصادي.

تحالفات إقليمية جديدة

في السياق ذاته، يرى مراقبون أن التغيير في سياسة ترامب يمكن ملاحظته أيضًا من خلال الشروط الإضافية التي وضعتها واشنطن على حزمة مساعدات عسكرية بقيمة 255 مليون دولار لإسلام آباد، رهنت تقديمها ببذل مزيد من الجهود للقضاء على الإرهاب في الأراضي الباكستانية.

وفيما تزعم واشنطن أنها قدمت نحو 33 مليار دولار أمريكي كمساعدات لباكستان منذ عام 2002 وحتى الآن، تنفي إسلام آباد هذا الادّعاء جملة وتفصيلاً.

وتعقيبا عن الجزئية الأخيرة، قال المبعوث الأمريكى الخاص السابق لباكستان وأفغانستان، لوريل ميلر، الأسبوع الماضي، لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، إن "المبلغ المذكور أقل بكثير(من الرقم الحقيقي)".

ويتوقع بعض المحللين ظهور تحالفات سياسية وإستراتيجية جديدة في المنطقة، على خلفية السياسية الأمريكية الجديدة في جنوب آسيا، والتي حظيت برد فعل باكستاني "نادر من نوعه".

وعموماً فإن تحسين العلاقات الاقتصادية مع الصين وزيادة التبادلات الدبلوماسية والعسكرية مع موسكو يمكن أن تصبّا في مصلحة باكستان.

وقال جبار خاتاك، محلل سياسي من كراتشي في باكستان ، "إذا كان ترامب أعلن سياسة ليّ الذراع هذه (ضد باكستان) قبل بضع سنوات، لكان هناك أمل بنجاحها برأيي".

وأضاف أن "ديناميكية المنطقة تغيرت في ظل بعض التطورات الأخيرة، بما فيها تزايد الحصص الاقتصادية للصين في باكستان ضمن إطار مشروع الممر الاقتصادي بين باكستان و الصين، وتحسين العلاقات العسكرية مع روسيا المعادية سابقًا".

والممر الاقتصادي بين بكين وإسلام آباد، بمثابة مشروع اقتصادي ضخم يهدف إلى إنشاء طريق بري يربط بين مدينة كاشغر (في الصين) وميناء كوادر الباكستانية.

وتقدر التكلفة الإجمالية للمشروع بـ 46 مليار دولار وتعول باكستان كثيرًا عليه لدفع عجلة اقتصادها وخصوصًا في إقليم بلوشستان الفقير.

واشنطن تحتاج إسلام آباد

وإلى جانب تحسين علاقاتها مع القوى الإقليمية الأخرى، تسيطر إسلام أباد أيضًا على العديد من طرق الإمداد إلى أفغانستان، وهذه الطرق تعتبر ضرورية بالنسبة لواشنطن لدعم حملتها الجديدة ضد "الإرهاب".

ولفت خاتاك إلى أن "رفع عدد القوات (الأمريكية في أفغانستان) يستوجب زيادة الإمدادات، وليس هناك طريق إمدادات آخر مناسب إلى أفغانستان، سوى باكستان".

وكشفت وزارة الدفاع الأمريكية، نهاية الشهر الماضي، أن عدد قواتها في أفغانستان يصل إلى 11 ألف "مقاتل"؛، بزيادة قدرها 2600 عما كان معلناً في السابق.

وحتى وقت قريب، كان المعروف أن تعداد القوات الأمريكية في أفغانستان لا يزيد عن 8400 جندي، إلا أن الرئيس ترامب، منح وزير دفاعه جيمس ماتيس، صلاحية زيادتها "وفق ما تتطلب الحاجة"، ومن دون الرجوع إليه.

وكانت تقارير إعلامية تحدثت، في وقت سابق، عن احتمال نشر 3900 مقاتل إضافي في أفغانستان، تنفيذاً للخطة الجديدة لترامب.

وتابع المحلل خاتاك أن "باكستان تجيد استخدام أوارقها بحكمة، مع مراعاة أهمية دورها الفعّال بما يخص الملف الأفغاني، فضلًا عن التطورات الإقليمية الأخيرة".

ووفق المحلل، فإن ما تقدّم هو "ما جعل رد فعل إسلام أباد على الإستراتيجية الأمريكية الجديدة قاسيا وغير متوقع، ليس فقط بالنسبة لواشنطن بل للكثيرين في إسلام أباد ذاتها".

واستطرد قائلًا إن "واشنطن لم تتوقع هذا الرد بسبب سجل إسلام أباد القديم والضعيف، إذ إن ترامب كان يتوقع إذعان باكستان لتهديداته، كما فعلت عقب هجمات الـ 11 من سبتمبر/ أيلول الإرهابية، إلا أنه نسي أن الأمور قد تغيرت، ولم يعد هناك عالم أحادي القطب".

وفي الـ 18 من أغسطس الماضي، أعلن ترامب تغييرات جديدة في السياسات التي تنتهجها بلاده بكل من أفغانستان وباكستان والهند.

وأكد أن التغيير الجديد في سياسة بلاده تجاه أفغانستان سيستند إلى "الظروف بدل الوقت"، في إشارة إلى أن مهمة الجيش الأمريكي بأفغانستان، ستنتهي بتحسن الظروف الأمنية بها، وأنها غير مرتبطة بتاريخ معين.

واتهم ترامب في إستراتيجيته باكستان بأنها تمنح "ملاذًا للإرهابيين"، وهو ما رفضته إسلام أباد وطالبت الرئيس الأمريكي بالتخلي عن هذا الخطاب.

وكشف ترامب أغسطس/آب الماضي، عن تغييرات جديدة في السياسات التي تنتهجها بلاده بكل من أفغانستان وباكستان والهند، إذ تعهّد بتعزيز الدور العسكري لبلاده في مواجهة حركة "طالبان".

كما دعا الرئيس الأمريكي لتعزيز دور نيودلهي (الخصم التقليدي لإسلام أباد) في أفغانستان.

وأمام تخلي واشنطن الواضح عن حليفتها التاريخية، باكستان، وتوجهها للهند، ألغت إسلام أباد 3 اجتماعات عالية المستوى مع مسؤولين أمريكيين، ومررت مشروع قرار بالبرلمان ينتقد سياسة أمريكا الجديدة، ويصفها بـ "المعادية".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com