فتحت الحكومة الروسية البيت الثقافي في تشاد في خطوة تهدف إلى تعزيز حضور الثقافة واللغة الروسيتين في البلد الواقع في الساحل الأفريقي، وهو بلد كان، تاريخيًّا، حليفًا للغرب.
ويثير هذا التطور تساؤلات حول ما إذا كان يعني بوابة لتدخّل روسي أوسع في تشاد.
وفي السنوات الماضية غيَّرت بضع دول في منطقة الساحل الأفريقي تحالفاتها بعد أن طردت القوات الفرنسية والغربية إثر انقلابات عسكرية شهدتها هذه الدول، مثل: النيجر، وبوركينا فاسو، ومالي؛ ما فسح المجال أمام روسيا التي نجحت في تكريس نفوذ لها في المنطقة.
التغلغل الثقافي
ويضم البيت الثقافي الروسي في العاصمة إنجامينا، أكبر مكتبة للأعمال باللغة الروسية في البلاد، تحتوي على 200 كتاب، كما سيتم تنظيم عروض سينمائية في هذا الفضاء.
وجاءت هذه الخطوة في وقت تستعد فيه تشاد وروسيا للاحتفال بمرور 60 عامًا على إنشاء العلاقات بينهما.
وقالت رئيسة البيت الروسي الثقافي في تشاد، صفية أحمد إبراهيم، في كلمة لها على هامش تدشينه، إن 'هذا المركز الجديد يمثل أكثر من مجرد مبنى بسيط، فهو رمز للصداقة والتعاون الثقافي بين جمهورية تشاد والاتحاد الروسي".
وعلق المحلل السياسي التشادي محمد إدريس على هذا التطور بالقول إنه "خطوة جديدة تستهدف، على الأرجح، استمالة تشاد نحو روسيا وتحالف الساحل الجديد، وقد كانت هناك مؤشرات سياسية سبقت هذا التطور اللافت الذي تحاول من خلاله موسكو القول إن لها أدوات أخرى تمكنها من كسب نفوذ في المنطقة" وفق تعبيره.
وأوضح إدريس في تصريح لـ "إرم نيوز" أن "من بين هذه الأدوات التغلغل الثقافي وهي أداة سبق لفرنسا أن استغلتها من خلال الفرنكفونية، لكن في النهاية بدأت هذه الأداة في فقدان أهميتها" بحسب تقديره.
وشدد على أن "العالم الآن يتجه للإنجليزية، بينما تبدو اللغتان الروسية والفرنسية في تراجع مستمر؛ لذلك لا يمكن الرهان عليهما لكسب نفوذ، وهو ما يجعلنا نجزم بأن هذه الأداة غير كافية لروسيا لإثبات حضورها في منطقة الساحل الأفريقي".
واعتبر إدريس أن "التساؤل الذي يُثار من خلال هذه الخطوة أيضًا هو هل لدى روسيا التمويلات الكافية لمنافسة المراكز الثقافية الغربية الموجودة في القارة؛ لأن هذه المراكز توفر فرصًا للتعليم في الدول التي تتبعها وغير ذلك وهو أمر قد لا يكون متوافرًا لدى المراكز الروسية".
أما المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الأفريقية محمد الحاج عثمان، فاعتبر أن "هذه الخطوة إيجابية إذ ستخلق فرصًا للكثير من الشباب المتحمس للانفتاح على الثقافة الروسية وثقافات أخرى" وفق تعبيره.
وتابع الحاج عثمان في تصريح لـ "إرم نيوز" أنه: "من غير المستبعد أن تتبع روسيا هذه الخطوة بفتح مراكز أخرى أكبر من حيث القدرة الاستيعابية، ومن حيث الأنشطة في دول، مثل: النيجر، وبوركينا فاسو، ومالي، وهذه الدول، اليوم، حليفة لموسكو".