كابول تحبس أنفاسها.. عودة أمير الحرب حكمتيار قنبلة في عالم السياسة الأفغانية المتأزم
كابول تحبس أنفاسها.. عودة أمير الحرب حكمتيار قنبلة في عالم السياسة الأفغانية المتأزمكابول تحبس أنفاسها.. عودة أمير الحرب حكمتيار قنبلة في عالم السياسة الأفغانية المتأزم

كابول تحبس أنفاسها.. عودة أمير الحرب حكمتيار قنبلة في عالم السياسة الأفغانية المتأزم

اعتبرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أنه عند عودة زعيم الحرب الهارب قلب الدين حكمتيار إلى وطنه وسط ترحيب رسمي هائل الشهر الماضي، رغم التمرد الذي قاده لمدة 16 عامًا وتاريخ الانتهاكات وقت الحرب، كان من المتوقع منه أن يتبنى بسرعة قضية السلام ويكون مثالاً تصالحيًا لمتمردي طالبان.

وأضافت الصحيفة أنه بدلاً من ذلك هبط الزعيم الإسلامي كقنبلة في عالم السياسة الأفغانية المتأزم، حيث وجه إهانة علنية للرئيس أشرف غني وتخلى عن التعهد بنزع سلاح عدة آلاف من المقاتلين الموالين له، وترك العاصمة المصابة بالذهول تتساءل عما إذا كانت دعوته للعودة  خطأً فادحًا.

لا يزال اسم حكمتيار يثير الخوف والرعب هنا. هذا الشخص الذي كان ذات يوم بطلاً بالميليشيات المناهضة للسوفييت أصبح سيئ السمعة خلال الصراعات الأهلية التي وقعت فيما بعد، بسبب وحشيته ضد الأسرى وقصف أحياء كابول، ولم يسمح له بالعودة إلى أفغانستان إلا بعد رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة ضد الإرهاب عنه.

ولكن منذ عودته لم يشر إلى الماضي ناهيك عن تقديم اعتذار وكانت خطبه مليئة بالتحدي.

ولم يشر إلى طالبان إلا بوصفهم "الأخوة" وأنهم يتقاسمون قضية مشتركة في الرغبة في تخليص أفغانستان من القوات الأجنبية ورغم ذلك تجاهل المتمردون حتى الآن عودته بعد إدانته فى الخريف الماضي بالخيانة لعقده اتفاق سلام مع الرئيس غني.

وفي أعقاب ظهوره العام المستفز، دخل حكمتيار في سلسلة من الاجتماعات الخاصة في مجمع تم تأسيسه بشكل أنيق وأخذ يرحب بالمؤيدين وقادة الميليشيات والمنافسين السياسيين وزعماء القبائل من جماعة البشتون العرقية التي يتنمي إليها، وتمت حراسة هذه المنشأة الكبيرة بقوات أمن تابعة لحكمتيار، تم توفيرها على نفقة الحكومة وغطت جدرانها المرتفعة صورًا ضخمة له.

التفسير الأكثر تفاؤلًا لسلوك حكمتيار هو أنه يعيد تدشين أوراق اعتماده القاسية والمضادة للغرب لإقناع طالبان التي حققت تقدمًا في ساحة المعركة، ولم تبد رغبة في استئناف محادثات السلام، وقال إنه يسعى إلى بناء جسور عبر المجتمع الأفغاني واستخدام نفوذه لإنهاء الصراع.

ولكن يبدو الأمر لبعض المراقبين وكأن الرجل القوي يستخدم اتفاق السلام كوسيلة لتحقيق طموحاته السياسية المحبطة منذ فترة طويلة، ويخشون من أنه بدلًا من تعاونه مع الحكومة التي قدمت له العفو والانخراط الكامل في الحياة العامة يسعى لتشكيل مجموعة من المعارضين - خاصة زملاءه الباشتيين الذين يشعرون بأنهم خرجوا من السلطة - لتحدي الحكومة المتعثرة وربما الإطاحة بالرئيس غني من منصبه.

وقال إسحاق غيلاني، وهو سياسي اجتمع مع حكمتيار عدة مرات منذ عودته في 28 أبريل: "أخشى مما سيحدث في الأشهر القليلة المقبلة هناك حديث عن تشكيل تحالف ضد الحكومة وضد الولايات المتحدة وضد الديمقراطية لقد ارتكب غني الكثير من الأخطاء، لكن إذا جمع حكمتيار جميع الشركاء الذين يكرهونه وتحالفوا ضد الحكومة فإن ذلك سيكون أمرًا مكلفًا جدًا لمستقبل أفغانستان".

حتى الآن لم يتحدث سوى عدد قليل من الأفغان ضد عودة حكمتيار، ولكن هناك إحساس متزايد بأن شهر العسل قد انتهى بالفعل وظل المسؤولون الحكوميون صامتين على الرغم من أن العديد منهم أعربوا عن صدمتهم وغضبهم من تصريحاته، ولم يصدر حكمتيار أي بيانات مؤخرًا وأصبح من المتعذر الوصول إلى مساعديه الذين كانوا في المتناول خلال فترة ما قبل وصوله.

وحتى الآن، يحبس معظم المراقبين هنا أنفاسهم آملين أن يتكيف أمير الحرب كبير السن- الذي أمضى السنوات الثلاثين الماضية في قتال القوات السوفياتية والميليشيات الأفغانية المنافسة وعدد من الحكومات المدنية المدعومة من الغرب - مع معايير السياسة الديمقراطية في مجتمع سريع التحديث.

وقد ضغط عليه أصدقاء ومستشارون من بينهم أعضاء معتدلون من الحزب الإسلامي الذي ظل فى كابول، بينما كان حكمتيار مختبئًا فى الخارج ليكون أكثر دبلوماسية وفي الأسبوع الماضي ألقى التحية على مقابر الزعماء المبجلين المناهضين للسوفييت الذين كانوا في السابق من أشد خصومه، ودعا آخرين لتناول الشاي معه في مقره السكني.

لكن النقاد يشكّون بأن حكمتيار من غير المرجح أن يغير نهجه أو ينزع سلاح رجاله أو يتراجع عن انتقاداته القاسية، فقد وصف حكومة غني بأنها غير شرعية صنعها المسؤولون الأمريكيون، وهاجم الصحافة واشتكى من أن الأقلية الشيعية قد حصلت على حقوق كثيرة جدًا وهذه تمثل دعوة لتحقيق الطموحات السنية الباشتونية التي تهدد بإثارة النزاع الطائفي.

وقال محمد عطا نور وهو حاكم مقاطعة من حزب الجماعة الإسلامية المنافسة: "لقد رحبنا باتفاق السلام ولكن بدلاً من الخضوع للحكومة، فإن السيد حكمتيار يتصرف كما لو أن الحكومة خاضعة له".

وأضاف: "يجب أن نعطيه بعض الوقت وإذا استيقظ وقبِل المبادئ الديمقراطية، فإن الجميع سيرحبون به، ولكن إذا استمر على هذا السلوك الاستفزازي فلن يكون ذلك أمرًا جيدًا لمستقبل أفغانستان".

عند هذه النقطة ليس من الواضح ما إذا كانت هذه الشخصية المتشددة يمكن أن توحد حزبها الممزق ناهيك عن أن يكون بمثابة عامل تشجيع من أجل السلام.

ويشعر مراقبون بالقلق من أن موقفه غير النادم سيكون له أثر عكسي على أعضاء حركة طالبان الذين سيعتبرونه منافسًا مسلحًا بدلاً من أن يكون نموذجًا لتحقيق المصالحة، وهم يخشون من أن يستخدم حريته الجديدة للقيام بمحاولة أخيرة من أجل تولي السلطة -إما عبر صناديق الاقتراع أو بوسائل أخرى- بتقديم بديل قوي متشدد دينيًا للرئيس غني.

وقالت سيما سمر رئيس لجنة حقوق الإنسان الأفغانية المستقلة، إن "الشيء الشجاع حقًّا الذي يجب أن يفعله، هو الاعتذار للشعب الأفغاني إذا كان قويًا بما فيه الكفاية للقيام بذلك فسوف يشفي ذلك الكثير من الجروح ويبعد الناس عن الانتقام، بل قد يساعد على تحقيق السلام".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com