الترهل وتراجع الأداء يضعفان المعارضة التركية ويعصفان بها على وقع الاستقالات
الترهل وتراجع الأداء يضعفان المعارضة التركية ويعصفان بها على وقع الاستقالاتالترهل وتراجع الأداء يضعفان المعارضة التركية ويعصفان بها على وقع الاستقالات

الترهل وتراجع الأداء يضعفان المعارضة التركية ويعصفان بها على وقع الاستقالات

في الوقت الذي تتهم فية  أحزاب المعارضة التركية بالترهل وعدم قدرتها على مواجهة حزب العدالة والتنمية الحاكم، ووصف أدائها بالهزيل، تستمر الانشقاقات والاستقالات في صفوفها  لتعكس واقع أزمة متفاقمة تعيشها قوى المعارضة منذ أعوام.

وأكدت صحف محلية، اليوم السبت، أن القيادية في حزب الشعب الجمهوري، أكبر الأحزاب المعارضة، سيلين سيد بوكا، استقالت من منصبها كنائب لرئيس الحزب، وناطقة باسمه.

وقالت بوكا:"إن سبب استقالتها من منصبها يعود إلى عدم موافقتها على المفهوم الإداري الحالي لحزبها، بصفتها سياسية تؤمن بالديمقراطية التشاركية والمبادئ العالمية للديمقراطية الاجتماعية، واستخدام الحقوق الديمقراطية الدستورية خارج البرلمان، جزء من مهمة الحزب"، مشيرة إلى "مواصلتها أداء مهامها كعضو في البرلمان وعضو في مجلس إدارة الحزب".

وحالة الامتعاض هذه من أداء قيادة الحزب العلماني ليست جديدة، إذ تبرز بين الحين والآخر دعوات لتغيير قياداته، وتجديد خطابه السياسي، ليتمكن من تجسيد رؤى وتطلعات قواعده.

ووصلت الفجوة بين القواعد والقيادة لحدوث انشقاقات سابقة؛ منها انشقاق القيادية في الحزب، أمينة أولكر طرهان عام 2014، إثر خلافات مع زعيم الحزب كمال كلجدار أوغلو، وتأسيسها لحزب جديد حمل اسم حزب الأناضول .

ومع تمكن حزب العدالة والتنمية الحاكم من تمرير تعديلات دستورية خلال استفتاء شعبي جرى يوم 16 نيسان/إبريل الماضي، باتت أزمة قوى المعارضة أكثر تفاقمًا، في ظل غياب البدائل عن الأحزاب التقليدية، وعدم وجود قامات وطنية معارضة تستقطب المواطنين المخالفين لتوجهات الحزب الحاكم.

وتسود في الأوساط المعارضة حالة من عدم الرضا عن أداء الأحزاب المعارضة، بعد تراجع شعبيتها بشكل ملحوظ على مدى الأعوام الأخيرة، وسط جمود خطابها السياسي، وغياب الرؤية الجاذبة للناخب التركي، لتبقى نسبة مرتفعة من جمهور المعارضين العلمانيين في حالة بطالة سياسية.

وعقب فوز المعسكر المؤيد للتعديلات الدستورية، عبّرت بعض قواعد حزب الشعب الجمهوري، عن امتعاضها من قيادات الحزب، لتنظم مظاهرة أمام مقر الحزب مطالبة برحيل زعيمه كلجدار أوغلو. كما شهدت الساحة السياسية الداخلية، خلال الأعوام الأخيرة حراكًا واضحًا، أسفر عن ولادة أحزاب أخرى من رحم الأحزاب المعارضة، عقب سلسلة من الانشقاقات.

إلا أن اللافت في تلك القِوى الصاعدة أنها تفتقر لوجود أسماء معروفة، وقيادات قوية، تستطيع التأثير في الجماهير، وتغيير موازين القِوى، لمواجهة المد الشعبي المتزايد للحزب الحاكم، وزعيمه السابق، رئيس الدولة الحالي، رجب طيب أردوغان، الذي لا زال يمتلك نفوذًا واسعًا فيه، وعاد للانتساب إلى صفوفه الأسبوع الماضي، تمهيدًا للعودة إلى تزعمه الأمر الذي سيناقشه الحزب في مؤتمره في 21 أيار/مايو الجاري.

ويرى محللون أتراك، أن جهود الأحزاب الناشئة، المتململة من حالة الجمود في الأحزاب العلمانية المعارضة، لن تستطيع الوصول إلى أهدافها، باستقطاب زخم شعبي، كونها لم تتمكن من الحصول على تأييد ومساندة قامات وطنية لها ثقلها في الداخل.

وينذر الترهل في قوى المعارضة التقليدية والصاعدة، باستمرار سيطرة الحزب الواحد، متمثلًا بحزب العدالة والتنمية، ذي الجذور الإسلامية المتفرد بحكم البلاد منذ العام 2002، بالإضافة إلى ضعف احتمال بزوغ نجم حزب مركزي جديد، قادر على تقديم مشروع سياسي واقتصادي واجتماعي متكامل، يحمل رؤية جديدة للبلاد، بعيدة عن مشاريع الأحزاب الإسلامية.

وسبق أن أكد معارضون على أن "الزخم الشعبي الذي يحظى به الحزب الحاكم، غير ناتج عن الرضا عن نهجه، بل يعود إلى حالة التشاؤم لدى المواطنين، لعدم وجود مشروع وطني بديل"، وهذا ما تجلى بوضوح في استحقاقات انتخابية جرت خلال الأعوام الأخيرة. إذ استطاع الحزب الحاكم استقطاب أصوات لا يستهان بها من مؤيدي الأحزاب المعارِضة.

ولا تقتصر أزمة الأحزاب المعارضة على حزب الشعب الجمهوري؛ إذ شهدت توجهات حزب الحركة القومية تغيرًا لافتًا، دفع الكتاب والإعلاميين إلى عدم تصنيفه كحزب معارض، عقب التقارب مع الحزب الحاكم بعد انقلاب تركيا الفاشل، منتصف تموز/يوليو 2016.

وتخلى حزب الحركة القومية عن انتقاد ومعارضة الحزب الحاكم، ليعلن صراحة مساندته في قضايا مصيرية؛ كالحرب على حزب العمال الكردستاني، التي تجددت في تموز/يوليو 2015، والتخلي عن عملية السلام مع الأكراد، بالإضافة إلى الدعم الأخير غير المسبوق للحزب الحاكم في الاستفتاء الأخير، ودعم مساعيه الرامية إلى إعادة العمل بعقوبة الإعدام.

وأدى تغير نهج حزب الحركة القومية، إلى بروز معارضة داخل الحزب، حاولت تنظيم نفسها أواخر العام الماضي، لتنحية زعيمه، دولت بهجلي، إلا أن تدخل الحزب الحاكم وانحيازه لبهجلي، أسفر عن منع انعقاد مؤتمر الحزب، واستمرار بهجلي في قيادته. لتبقى الأصوات المعارضة في تركيا رهينة لترهل الأحزاب التقليدية، وغياب الأمل في بروز أحزاب جديدة، تستقطب جمهور المعارضين العلمانيين.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com