هل يشكل فوز لوبان بالانتخابات الفرنسية نقطة تحول في تاريخ يهود فرنسا؟
هل يشكل فوز لوبان بالانتخابات الفرنسية نقطة تحول في تاريخ يهود فرنسا؟هل يشكل فوز لوبان بالانتخابات الفرنسية نقطة تحول في تاريخ يهود فرنسا؟

هل يشكل فوز لوبان بالانتخابات الفرنسية نقطة تحول في تاريخ يهود فرنسا؟

تحمل الانتخابات الرئاسية الفرنسية التي توصف بأنها الأكثر شراسة في تاريخ البلاد منذ عقود، طابعاً خاصة بالنسبة للجالية اليهودية في فرنسا، والتي تعد من أكبر الجاليات اليهودية في أوروبا، حيث يبلغ قوامها قرابة نصف مليون نسمة.

وترتبط مخاوف اليهود في فرنسا بالفرص الكبيرة التي تحظى بها مارين لوبان، زعيمة "الجبهة الوطنية" اليمينية المتطرفة، والتي تنتمي لتيار ينتشر في القارة الأوروبية، ويتبنى نزعات معادية للمسلمين واليهود والأجانب، لا سيما وأن لوبان نفسها كانت قد عززت تلك المخاوف خلال الأسابيع الأخيرة، حين كشفت النقاب عن برنامجها الانتخابي، مؤكدة أنها لن تسمح للمواطنين الفرنسيين بحيازة جنسية أخرى، وأنها ستجرد أصحاب الجنسيات المزدوجة من جنسيتهم الفرنسية وتطردهم خارج البلاد.

تحذير اليهود

ومع انطلاق الانتخابات الرئاسية، حذر حاخام روسيا الأكبر شلومو دوفبير بنحاس لازار، الشهير باسم "بيريل لازار" يهود فرنسا من فوز لوبان، داعيًا إياهم للهجرة حال فازت في الانتخابات الرئاسية الفرنسية، معللاً ذلك بأن الأوضاع في أوروبا في المجمل أصبحت مقلقة بالنسبة لليهود، ليس فقط بسبب هجرات المسلمين، ولكن بسبب صعود اليمين المتطرف.

وضرب لازار مثالاً على ذلك بصعود أحزاب اليمين المتطرف ولا سيما في فرنسا، وقال إنه في حال انتخاب لوبان رئيسة للبلاد، على اليهود الهجرة منها فورًا.

ولم يكن لازار وحده من دعا في الأيام الأخيرة لهجرة اليهود الفرنسيين حال انتخاب لوبان، حيث شهدت الأيام الأخيرة تحذيرات مماثلة أطلقها خبراء إسرائيليون، زعموا أن اليهود في أفضل الظروف سيعودون للعيش داخل "الغيتوهات" حال فازت مرشحة اليمين المتطرف بالرئاسة الفرنسية.

خوف مبر، حيث دعا د. دوف ميمون، زميل معهد سياسات الشعب اليهودي، والمسؤول عن الديسك الأوروبي بالمعهد، وخبير العلاقات اليهودية – الإسلامية في فرنسا، دعا في الأيام الأخيرة الحكومة الإسرائيلية للاستعداد لاستيعاب موجات من الهجرة اليهودية حال فازت لوبان بالانتخابات الرئاسية.

وأرجع ذلك في حوار نشرته القناة الإسرائيلية السابعة في الفترة الأخيرة، إلى ما وصفها بـ"الكارثة" التي تواجهها فرنسا، وقال إن الأخيرة "تقف أمام أزمة اقتصادية، تلقي بظلالها في العديد من الاتجاهات، حيث أصبح الشباب الفرنسي بلا هدف أو أمل وزادت نسبة الفقر، وسدت جميع الآفاق، لذا فقد أصبحت الوجهة الحالية نحو الحلول المتطرفة"، على حد قوله.

وتسبب كل ذلك من وجهة نظره في تفاقم النظرة العنصرية والكراهية ومعاداة السامية في فرنسا، والتوجه نحو البحث عن الهوية الفرنسية من جديد، ونحو فرنسا بلا أجانب أو يهود، بعد أن ظن الفرنسيون أنهم فقدوا هويتهم وأنه ينبغي العودة إلى فرنسا الأم والبعد عن العولمة الثقافية والاقتصادية التي نجمت عن عضويتها بالاتحاد الأوروبي.

وزعم أن نتائج الانتخابات الفرنسية ستحدد مصير الجالية اليهودية، حيث يتبنى اليمين المتطرف الذي تمثله لوبان رؤية سلبية تجاه اليهود ويرفض حتى أن يرى من يرتدون غطاء الرأس اليهودي "الكيباة"، والعادات والطقوس الدينية التي يمارسها اليهود مثل الذبح والختان، فضلا عن غضبه إزاء التبرع بالأموال لصالح المؤسسات اليهودية الخيرية.

وقدر أنه في حال صعود لوبان وحزبها إلى الرئاسة، فإنه في غضون خمس سنوات ستصبح حياة الجالية اليهودية جحيمًا، وسوف يبدأون في الانعزال مجددًا والعيش بداخل "الغيتوهات" أو الأحياء اليهودية المعزولة، فيما سيهاجر قسم كبير منهم إلى إسرائيل، لذا طالب الأخيرة بالاستعداد.

لوبان تعزز المخاوف

ولم تأت المخاوف المشار إليها من فراغ، فقد كشفت لوبان في الحادي عشر من شباط/ فبراير الماضي، عن برنامجها الانتخابي، وتعهدت بأنها لن تسمح للمواطنين الفرنسيين بحيازة جنسية أخرى، مشيرة إلى أنه سيتم تجريد أصحاب الجنسيات المزدوجة من جنسيتهم الفرنسية وطردهم خارج البلاد.

وأعلنت أنها ستعمل على إلغاء الجنسية المزدوجة من الدول غير الأوروبية، وذلك خلال حديثها عن برنامجها الانتخابي ورؤيتها لملف الهجرة. مشيرة في حوار متلفز إلى أنه "على اليهود في فرنسا الاختيار ما بين الجنسيتين الفرنسية والإسرائيلية، ولا سيما وأن الأخيرة ليست جزءا من الاتحاد الأوروبي".

وطرحت المرشحة اليمينية للانتخابات الرئاسية الفرنسية، مبادرة تتضمن العديد من التعهدات، من بينها طرح مسألة بقاء فرنسا داخل الاتحاد الأوروبي للاستفتاء الشعبي، وإعادة العمل بالفرنك، فضلاً عن التفاوض حول قضايا مثل الحدود، ووضع بلادها في حلف الناتو، وعشرات القضايا الأخرى.

الجالية اليهودية غاضبة

واستقبلت الجالية اليهودية تعهدات لوبان بشأن الجنسية المزدوجة بحالة من القلق الشديد، واعتبر بعضهم أن تصريحاتها وتعهداتها ضد الجاليات الإسلامية في البلاد، دفعتها لإحداث توازن عبر التطرق أيضًا لليهود ممن يحملون الجنسية الإسرائيلية.

وأدلى نشطاء إسرائيليون بتصريحات عبرت عن حالة من القلق لوسائل إعلام عبرية، وقالوا إن الأخيرة وجدت نفسها في قلب عاصفة سياسية وخلافات حادة أثارتها زعيمة الحزب اليميني، بعد أن أكدت أنها في حال فازت بمقعد الرئاسة الفرنسية فإنها لن تسمح أيضًا لحاملي الجنسية الفرنسية بحمل جنسية إسرائيلية.

وأجرى موقع "واللا" الإسرائيلي وقتها حوارًا مع آفي زانا، مدير منظمة "عامي" المعنية بالمهاجرين اليهود من فرنسا إلى إسرائيل، والذي أشار إلى أن "من يعتقد أن لوبان واليمين المتطرف في فرنسا يركزان فقط على المسلمين فهو مخطئ، لأن اليمين المتطرف لا يرى أن المسلمين وحدهم هم المشكلة الأساسية"، مضيفا "دائمًا يبحثون عن اليهود رغم كونهم لا يشكلون سوى نصف في المائة من سكان فرنسا".

وهاجم مدير المنظمة تصريحات لوبان، كما فعل الأمر ذاته بالنسبة لوسائل الإعلام الفرنسية، التي زعم أنها تتعامل بنوع من الجهل مع الجالية اليهودية في فرنسا.

وحاور الموقع أفرهام أزولاي، مدير صحيفة "Le Petit Hebdo" الأسبوعية، التي تصدر في إسرائيل موجهة للناطقين بالفرنسية، والذي أشار بدوره إلى أنه لم يصدم من تصريحات لوبان، قائلاً: "المشكلة تكمن في الضغوط التي يمارسها المسلمون، لو كانت لوبان قد هاجمت المسلمين، فإنها ستكون مضطرة للنيل أيضًا من اليهود، رغم أنهم ليسوا المشكلة في فرنسا على خلاف المسلمين"، على حد زعمه.

تردي الوضع الأمني

ومع ذلك، لا يعد صعود اليمين المتطرف سبباً وحيدًا لتفكير اليهود الفرنسيين بالهجرة إلى إسرائيل، حيث قدرت الوكالة اليهودية أن عدد المهاجرين اليهود من فرنسا إلى إسرائيل سيظل في تزايد، وذلك منذ الاعتداء الذي استهدف صحيفة "شارلي إبدو" في السابع من كانون الثاني/ يناير 2015، على خلفية نشرها رسوم مسيئة للإسلام، فضلاً عن مقتل أربعة في حادث احتجاز رهائن في متجر للأطعمة اليهودية شرقي باريس.

وأعلنت الوكالة اليهودية في التاسع من شباط/ فبراير 2015 أن قرابة 10 آلاف من يهود فرنسا، تشاوروا مع مندوبيها بشأن الهجرة إلى إسرائيل، ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مصدر بالوكالة، أن الاهتمام الذي يبديه يهود فرنسا بالهجرة إلى إسرائيل "ينبع من الأوضاع الأمنية المتردية هناك، عقب سلسلة الاعتداءات الإرهابية".

ووقتها لفت الحاخام موشي كوهين، أحد ممثلي حركة "حاباد" اليهودية المنتمية لليهودية الأرثوذكسية، في باريس إلى أن ثمة حالة من الهلع تنتاب الجالية اليهودية في فرنسا، وأن سماع صوت سيارات الشرطة في الشوارع، يكفي لأن يدفعهم للتحصن بداخل منازلهم وعدم مغادرتها.

وقال الحاخام موشي ليفين، من يتولى الإرشاد الديني بالشرطة الفرنسية لرجال الشرطة ممن يعتنقون الديانة اليهودية، ومدير لجنة حاخامات أوروبا، أن هناك حالة من الصدمة بين يهود فرنسا، وأن جميع التجارب السابقة تثبت أن اليهود هدف للإرهاب.

الأكثر قراءة

No stories found.
logo
إرم نيوز
www.eremnews.com