اعتبر خبراء سياسيون فرنسيون أن المغادرة المفاجئة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال قمة مجموعة السبع في كندا، لم تكن مجرد حدث بروتوكولي.
وقال الخبراء إن هذه المغادرة "نقطة تحول أثرت مباشرة في مخرجات القمة، خاصة فيما يتعلق بملف الحرب في أوكرانيا".
ورغم الدعم اللفظي لكييف، تراجعت حدة الخطاب ضد روسيا، وتم التخلي عن إصدار بيان مشترك، في سابقة تُنذر بتباين خطير في معسكر الغرب.
وجددت مجموعة السبع، يوم الثلاثاء، دعمها لأوكرانيا، ولكن من دون تشديد لهجتها تجاه روسيا خلال قمة انعقدت في كندا وتغيّرت مجرياتها بسبب مغادرة ترامب المبكرة، على خلفية التصعيد بين إيران وإسرائيل.
وكان النزاع في أوكرانيا من أبرز محاور القمة التي استضافتها جبال الروكي الكندية، وحضرها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي للدفاع عن موقف بلاده.
وقال المتخصص في العلاقات الأمريكية الأوروبية، جان بيار لوميير، إن "مغادرة ترامب المفاجئة زعزعت الإيقاع الدبلوماسي للقمة، وغيابه عن نقاشات أوكرانيا أضعف إجماع مجموعة السبع، كما أن رفضه التوقيع على بيان مشترك كشف عن تصدعات فعلية داخل المعسكر الغربي".
وأضاف لوميير لـ"إرم نيوز" أن "ما حدث في قمة مجموعة السبع هذا العام هو انعكاس مباشر لتحولات في توازن القوى داخل الغرب، فقد بدأنا نرى تراجعًا واضحًا لدور القيادة الأمريكية التقليدية، لا بسبب فقدان القوة، بل بسبب تراجع الإرادة السياسية لدى إدارة ترامب لأداء هذا الدور".
ولفت إلى أن "غياب ترامب عن الجلسات النهائية، خصوصًا تلك التي تناولت أوكرانيا، لم يكن غيابًا تقنيًا أو طارئًا، بل رسالة سياسية مفادها أن واشنطن لم تعد مستعدة للتورط طويل الأمد في الحرب ضد روسيا، على الأقل وفق منطق جماعي توافقي".
وقال لوميير: "هذا أمر خطير جدًا لأنه يعيدنا إلى مرحلة ما قبل الحرب العالمية الثانية، حين كانت كل دولة كبرى تفكر فقط من منظور مصالحها القومية الضيقة".
ولم يخفِ ترامب، المعروف بعلاقته الودية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، شكوكه حيال فرض عقوبات جديدة على موسكو.
وقال ترامب إن "العقوبات ليست بهذه البساطة"، موضحًا أن أي إجراءات جديدة ستترتب عليها "تكاليف هائلة" للولايات المتحدة نفسها.
وبدورها، قالت المحللة السياسية كلير دوفور إن "ترامب لا يريد التورط في التزامات ثابتة تجاه أوكرانيا أو حلف الناتو".
وأوضحت دوفور لـ"إرم نيوز" أن "هذا يربك الحلفاء الأوروبيين ويُضعف استراتيجيتهم طويلة الأمد لردع روسيا. وتَحول ترامب إلى عنصر غير منضبط يفقد مجموعة السبع وزنها الحقيقي".
واعتبر أن "المثير للقلق هو أن هذا التفكك بات يترجم إلى نتائج ملموسة؛ ليس هناك بيان موحد، ولا سقف جديد للعقوبات ضد روسيا، بل على العكس، تراجع في اللغة السياسية وتجنب واضح للتصعيد. لقد تحولت مجموعة السبع إلى نادٍ دبلوماسي، بينما يفترض أن تكون منصة لصياغة استراتيجية موحدة ضد التهديدات الكبرى".
ورأت أن "الرسالة التي تصل إلى موسكو وبكين، وطهران كذلك، هي أن الغرب لم يعد موحدًا، وأن إرادة المقاومة تضعف داخل نواته الصلبة. وبوتين سيقرأ هذا المشهد بدقة، وسيرى فيه فرصة لتعزيز موقعه التفاوضي ومواصلة التقدم في الميدان الأوكراني، معولًا على تعب الأوروبيين وخلافاتهم مع واشنطن".
توترات جديدة
وكان كثير من القادة يأملون أن تشكل القمة فرصة لتبريد المواجهة التجارية التي يشعلها ترامب، خاصة بعد فرضه رسومًا جمركية لا تقل عن 10% على معظم المنتجات المستوردة إلى الولايات المتحدة، وتهديده برفعها أكثر، لكن تصريحاته خلال رحلة العودة بددت تلك الآمال.
فعلى الرغم من أن اللقاءات بقيت مهذبة ظاهريًا، لم يفوت ترامب الفرصة لانتقاد القادة الأوروبيين من طائرته الخاصة.
وقال إن "الأوروبيين لم يقدموا حتى الآن عرضًا عادلًا لإنهاء الحرب التجارية"، في إشارة إلى المهلة المعلنة التي تنتهي في 9 يوليو/تموز.
وأضاف بلهجة حاسمة: "إما أن نتوصل إلى اتفاق جيد، أو سيدفعون ما نمليه عليهم".
كما هاجم ترامب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، قائلاً: "رجل أنيق، لكنه لا يفهم شيئًا أبدًا"، جاء ذلك بسبب حديث ماكرون باسم ترامب حول أفكار محتملة لإنهاء النزاع بين إيران وإسرائيل، وهو ما أثار استياء الرئيس الأمريكي.