مخطط مدروس لحكومة اليمين.. إغراء المهاجرين في السويد بالمال للعودة
لم يعد خيار البقاء في السويد أو العودة إلى الوطن الأم خيارًا شخصيًّا يرتهن لقرارة نفس المهاجر العربي، وإنما أصبح في بعض الأحيان نتيجة ومصيرًا محتومًا بعد سلسلة إجراءات وصفت بأنها "تعسفية" من قبل الحكومة اليمينية التي حكمت البلاد على نهج صرف أنظار العرب عن السويد كخيار للجوء.
فبعد سياساتها الجديدة بحق اللاجئين، وتقديم تسهيلات لم الشمل والحصول على الجنسية، وعودة زخم حملات سحب الأطفال، تعلن حكومة اليمين اليوم استعدادها لتكثيف حركة عودة المقيمين إلى أوطانهم مهما كلف الأمر من الأموال، وذلك عبر إغراء المهاجرين بالأموال مقابل العودة.
"مجموعات كبيرة من المهاجرين وصلت في العقود الأخيرة ولم تنجح في الاندماج".. عبارة تطلقها الحكومة بين الحين والآخر ذريعة للإجراءات التي تتخذها لتضييق الخناق على اللاجئين الجدد والمقيمين الأجانب، والتي كان آخرها حث الناس على العودة ودفع مزيد من الأموال في ظرف اقتصادي صعب.
إغراءات مادية
وقال القانوني السويدي جورج شلهوب (39 عامًا)، لـ"إرم نيوز": "بدأت الإجراءات على شكل دعوة لتزويد الراغبين بالعودة إلى بلدانهم الأصلية بمعلومات حول إمكانيات العودة والمساعدة والدعم الذي يمكنهم الحصول عليه، ثم انتقلت الحكومة للإغراءات المادية".
وأضاف شلهوب، وهو من أصول لبنانية ويقيم في مدينة سودرتاليا: "أعلنت الحكومة صراحة أنها ستعزز الهجرة الطوعية عبر الحوافز المالية، وبالتأكيد هي مستعدة لدفع المزيد من الأموال، لأن هذه النقود ستوفر عليهم نفقات سيسددونها للمهاجرين، والنتيجة تعزيز الانقسام والشرخ في المجتمع السويدي الذي يعاني من العنصرية أساسًا" بحسب قوله.
واعتبرت المعارضة السويدية الإجراء الحكومي الأخير القاضي باستخدام الحوافز المالية لتسهيل العودة الطوعية إجراءً يعكس تأثير اليمين المتطرف على الحكومة السويدية، وعلى الشارع السويدي الذي بدأ يروج بشكل كبير على منصات التواصل للعودة إلى البلدان العربية.
وتابع شلهوب: "من الواضح أن ما يجري يتم بمخطط مدروس، بدأ من سياسات الترهيب بسحب الأطفال، ثم الترويج لخطر الخطف بحق الأطفال من أصول مهاجرة، وأخيرًا بتنامي تيار متطرف في الشارع يدعو للوقوف بصمت أمام ممارسات حرق القرآن الكريم" على حدّ وصفه.
وأضاف: "كل شعارات الترحيب وتقبل الآخر والتنوع تبخرت مع اشتداد قبضة اليمين المتطرف في البرلمان والحكومة، ورغم أن قرارات العودة الطوعية والحوافز المالية قديمة، فإن تفعيلها الآن بهذا الشكل والترويج لها، يعكس توجهًا خبيثًا يقوم به الحكام الجدد".. وفقًا لتعبيره.
وحثت الحكومة السويدية مكتب الهجرة على بذل جهود إعلامية للإبلاغ عن إمكانية الدعم المالي عند الانتقال من السويد، عدا عن تطوير المقترحات كالمنح والحوافز المالية وغيرها من أشكال الدعم التي من شأنها أن تزيد من عودة الهجرة.
ذريعة عدم الاندماج..!
وكشفت صحيفة "Dagens Nyheter" السويدية، أن مجلس الهجرة السويدي تلقى تكليفًا بمراجعة كيفية زيادة هجرة العودة الطوعية، لتتماشى مع توجه الحكومة لاستهداف مجموعات كبيرة من المهاجرين لم تنجح في الاندماج بالمجتمع السويدي، بحسب تعبير الحكومة.
من جانبه، قال منيار الموحسن (33 عامًا) لـ"إرم نيوز": "تم رفض طلب اللجوء المقدم من قبلي، وبعد أن قمت بالطعن تم قبول الطلب، لكن إلى الآن لم تصل إقامتي ولم تتم معالجة وضعي، بحجة أنني لا أحتاج إلى الحماية ولم أقدم أسبابًا كافية للبقاء في السويد، واليوم أنا تحت تهديد الترحيل".
وأضاف الموحسن، وهو سوري من محافظة دير الزور: "عرضوا عليَّ دفع تكاليف العودة بشكل كامل، والسفر إلى دولة غير سوريا تستقبلني، كما منحني مكتب الهجرة إشعارًا يخولني أن أتلقى الرعاية الطبية والدعم النفسي من الصليب الأحمر السويدي".
وتابع: "لا يوجد شيء اسمه عودة طوعية، هم يجبرون الناس على العودة، فمن غير المعقول أن يعود أي عربي إلى بلاده خاصة إذا كانت تعاني من حروب أو أزمات اقتصادية".
وإضافة لتكاليف السفر، عرض مكتب الهجرة على الموحسن مبلغ 50 ألف كرونة، أي ما يعادل 3600 يورو، لكنه لم يوافق حتى الآن على توقيع طلب العودة الطوعية.
وقال الموحسن: "هذه الممارسات تتعارض مع اتفاقية جنيف التي تفرض على سلطات أي بلد يستقبل لاجئين دراسة طلبه وعدم ترحيله أو حثه على الرحيل إلا بقرار قضائي".
يذكر أن الحكومة السويدية ألغت فكرة منح اللجوء الدائم للاجئين، وتعهدت بتقليل عدد اللاجئين المقبولين في البلاد، وقامت بالعديد من الخطوات التي أبعدت السويد عن أنظار اللاجئين.
وكشفت دراسة أجراها المركز السويدي للمعلومات أن "ظاهرة العنصرية والإقصاء أصبحت تشغل حيّزًا واسعًا في حياة المهاجرين في السويد، خاصة المسلمين منهم" بحسب وصفه.
وفي تقرير لمجلس منع الجريمة تبين أن "مخاوف العرب من المواقف السلبية تجاههم ازدادت في السويد بعد استلام اليمين المتطرف الحكم في البلاد" وفقًا لتقرير المجلس.