الجيش اللبناني يعلن مقتل اثنين من جنوده في استهداف اسرائيلي لأحد مراكزه
في خضم الصراع الروسي الأوكراني، يشهد العالم حالة من الترقب وحبس الأنفاس، إثر التطورات العسكرية الروسية غير المتوقعة في الشرق الأوكراني، وتحديدًا في دونيتسك، بعد استمرار التقدم الروسي، والسيطرة على العديد من القرى والمدن بهذه المقاطعة الشرقية.
وكان الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، أعلن أن محور كراسنوارميسك الموجود في دونيتسك، تحت سيطرة القوات الأوكرانية، هو الأصعب بالنسبة للقوات الأوكرانية، وذلك بعد الهجمات الروسية العنيفة ليس فقط على كراسنوارميسك، بل أيضاً على محاور فريموفسكي وتوريتسكوي وكوراخوفسكوي.
وتعتبر مدينة كراسنوارميسك، المركز الإقليمي في الشمال الغربي من دونيتسك، ويقطنها حوالي 65 ألف نسمة، وتحتضن أكبر مراكز النقل التي تربط خطوط السكك الحديدية والطرق بين مقاطعتي دونيتسك ودنيبروبيتروفسك الأوكرانيتين.
وفي ظل حالة التكتم الإعلامي الأوكراني عن تفاصيل التصريحات التي أدلى بها زيلينكسي، قال السكرتير الصحفي لوزارة الدفاع الأمريكية، باتريك رايدر، إن روسيا تتقدم بثبات باتجاه كراسنوارميسك، وأن هناك قتالاً عنيفاً يجري على طول المنطقة الحدودية.
وأضاف رايدر: "سنواصل التواصل والتشاور مع الأوكرانيين لفهم احتياجاتهم بشكل أفضل، ومنحهم الفرصة للدفاع عن أراضيهم".
وبهذا الصدد، أكد المحلل السياسي الأوكراني، أندريه زولوتاريو، أن هناك العديد من الأسباب وراء تراجع القوات الأوكرانية في محور كراسنوارميسك، لعل أبرزها التكتيكات الروسية التي وضعت بشكل مفاجئ داخل بوكروفسك، مستغلة حالة الوهن والضعف لدى الجنود الأوكران التي رصدتها الاستخبارات الروسية بعد تمرد العديد من الجنود، ورفضهم الاستمرار في الهجمات ضد روسيا، خوفًا على حياتهم.
وأضاف المحلل الأوكراني، في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن الهجمات الروسية الأخيرة، وتحديدًا التي أصابت المنشآت العسكرية الأوكرانية في أكثر من 8 مقاطعات، قد تحسم الصراع الروسي على الأراضي الأوكرانية، وسط تراجع الدعم الغربي لكييف.
وأشار زولوتاريو إلى أن محور كراسنوارميسك كمركز إداري لكييف، له أهمية أوكرانية لطرفي النزاع، خاصة روسيا، التي تسعى لاستعادة السيطرة عليه كما كانت قبل تفكك الاتحاد السوفيتي في نهاية القرن الماضي، وأن ما يُساعدها في ذلك هو تفوق الجيش الروسي من ناحية، ومن ناحية أخرى تراجع الروح المعنوية لدى الجنود الأوكرانيين داخل كورسك والمدن التي سيطروا عليها خلال الأيام الماضية؛ بسبب عدم تحقيق أحلامهم بتراجع الجيش الروسي، الذي لم يفعل ذلك، بل ضاعف قواته وهجماته داخل المدينة الروسية، وأيضًا الأراضي الأوكرانية على حدٍّ سواء.
ولفت المحلل الأوكراني إلى مخاوف داخل الجيش الأوكراني من هروب الجنود من مواقعهم العسكرية، خوفًا على حياتهم تارة، وبسبب رفض الراحة تارة أخرى، وهو ما استغلته القوات الروسية في الهجوم على محور كراسنوارميسك، إلى جانب افتقار الجنود الجدد الذين التحقوا بالخدمة العسكرية للتدريبات، وعدم قدرتهم على أداء المهام القتالية.
وأشار الباحث في الشؤون الروسية، الدكتور رامي القليوبي، إلى أن الساحة الروسية شهدت في الأيام الماضية حالة من الإخفاق العسكري والاستراتيجي، في أعقاب التوغل الأوكراني في كورسك، خاصة وأن الاستخبارات الروسية لم تتنبأ بهذا الهجوم.
وقال القليوبي، في تصريح لـ"إرم نيوز"، إن رد الفعل الروسي جاء ليمحي هذه الإخفاقات والمخاوف التي شهدتها موسكو، وأن الخسائر التي شهدتها أوكرانيا في الشرق الأوكراني تصل لمقتل 700 عسكريّ، وتدمير عشرات المركبات بكافة أنواعها.
وأضاف أن سيطرة القوات الروسية على كراسنوارميسك ستكون البداية نحو استعادة الهيبة الروسية التي كُسرت بعض الشيء في أعقاب الهجوم على كورسك، خاصة بعد هيمنتها على محور دونيتسك، واستهداف كافة منشآت الطاقة، التي تعتبر عصب الجيش الأوكراني ومصدر الإمداد الرئيسي.
وتوقع أن تتغير قواعد اللعبة خلال الأيام المقبلة، ما لم يتحرك حلف الناتو خلال جلسة وزراء الدفاع المقبلة، لوقف التوغل الروسي في الأراضي الأوكرانية، وتحديدًا في الشمال الشرقي.
وأكد أن القوات الروسية نجحت في نشر قواتها على الحدود الشمالية الروسية الأوكرانية، وبالتالي إحباط كافة المحاولات الأوكرانية للتوغل في مدينة فوديانوي بجمهورية دونيتسك الشعبية، من خلال استخدام أقوى الأنظمة الدفاعية التي تمكنت من التعامل مع الصواريخ التكتيكية الأوكرانية "المسيرات الأمريكية"، وإسقاطها حال محاولاتها اختراق الحدود الشرقية.
وعن الأنباء المتداولة حول استخدام موسكو بعض الأسلحة النووية في هجماتها الأخيرة على المقاطعات الأوكرانية، نفى القليوبي صحة هذه الأنباء، قائلًا إن "العقيدة النووية الروسية لن تسمح باستخدام أسلحة الدمار الشامل - النووي - إلا في حالتين: أولاهما تعرُّض موسكو لهجوم نووي، وثانيهما تعرضها لهجوم يهدد سيادتها ووجودها، وهما لم يتحققا"، لافتًا إلى أن التوغل الأوكراني في الأراضي الروسية لم يغير شيئًا في هذه العقيدة.