رأى محللون سياسيون، أن تعيين الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، لليميني البارز، ميشيل بارنييه، رئيسا للوزراء، يعكس تنازله عن استرضاء اليسار، وخسارته لهم إلى الأبد، محذرين من أزمة شعبية على غرار أزمة "السترات الصفراء".
وقال الباحث السياسي الفرنسي المتخصص في الشأن الفرنسي، باسكال بونيفاس، لـ"إرم نيوز"، إن "خيار ماكرون يعكس صراحة تنازله عن استرضاء اليسار وخسارتهم للأبد"، موضحا أنه "إشارة إلى استعداده للدخول في صدام مباشر مع اليسار، لا سيما اليسار المتطرف".
إشعال الشارع
ورأى بونيفاس أن القرار "بمرتبة مكافأة للمعركة الشرسة التي نخوضها أمام المحاكم الإدارية منذ عدة أشهر، كما يعد انتصارا كبيرا للمجتمع المدني".
ودعا الباحث السياسي الفرنسي إلى ضرورة أن يسعى بارنييه للحصول على الأغلبية البرلمانية.
من جهته، رأى الباحث في معهد العلوم السياسية بباريس، أوليفييه روي، أن "تعيين ميشيل بارنييه يثير جدلًا واسعًا حول توجهات الحكومة الفرنسية المقبلة"، موضحا أن "الحكومة الجديدة تواجه تحديات جمة، حيث يجب على بارنييه أن يحدد سياسته، ويؤكد نفسه كقائد مستقل عن ماكرون".
كما حذر روي من "اندلاع أزمة شعبية نتيجة حشد اليسار المتطرف في الشوارع على خطى أزمة السترات الصفراء في فرنسا".
وقال روي في حديث لـ"إرم نيوز" إن "رئيس الحكومة الجديد ينأى بنفسه عن المعسكر الرئاسي من خلال الوعد بالاستماع والاحترام للمسؤولين المنتخبين والشركاء الاجتماعيين".
كما وصف الباحث السياسي الفرنسي بارنييه بأنه "الرجل الحكيم" الذي يتمتع "بقدرة كبيرة على الاستماع والتفاوض"، كما يتضح من دوره في خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، و"أنه سياسي ثابت قاوم نداءات المعسكر الرئاسي".
أصداء التعيين
وتصدر تعيين بارنييه عناوين الصحافة الفرنسية، وقد تباينت الآراء حول هذا القرار، فبينما يُثنَى على خبراته التفاوضية، يرى كثيرون أن هذا الاختيار يعكس تنازلات سياسية من جانب الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون.
وتصدرت الصفحات الأولى عناوين مثل: "غضب"، و"خيار الاسترضاء"، إذ أعربت صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية، عن ارتياحها لتعيين بارنييه، مشيدةً بخبرته السياسية.
في المقابل، تُظهر صحيفتا "ليبراسيون" و"لومانيتيه" المعروفتان باتجاهاتهما اليسارية استياء واضحًا، معتبرتين أن اختيار ماكرون يمثل تنازلًا لحزب الجبهة الوطنية لليسار.
ولا يزال الانقسام بين اليسار واليمين حاضرًا بقوة، إذ انتقدت صحيفة "ليبراسيون" قرار ماكرون بوضوح، مشيرة إلى أن بارنييه يأتي بعد انتخابات تشريعية شهدت تراجع اليمين.
بدوره، اعتبر، أوليفييه فور، السكرتير الأول للحزب الاشتراكي، أن هذا التعيين يمثل تحولًا نحو اليمين، مشيرا إلى أن بارنييه قد تكون له مواقف متشددة بشأن قضايا مثل الهجرة وحقوق المثليين، ما يثير القلق بين الناخبين اليساريين.
موقف لوبان
وبرزت في العناوين عبارة "موافقة من زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان"، ما يعكس الدعم الضمني لبارنييه من قبل التجمع الوطني، رغم رفضهم الانضمام إلى الحكومة.
وأعلنت مارين لوبان، أنها ستلتزم بمراقبة أداء الحكومة الجديدة، مشيرة إلى أهمية احترام تطلعات الناخبين.
واعتُبر هذا تحوّلًا في العلاقة بين اليمين المتطرف والحكومة، حيث يبدو أن التجمع الوطني مستعد للتفاعل مع بارنييه بشكل إيجابي، ولن يقدّم طلب سحب الثقة من الحكومة.