عودة المتشددين.. جدل لا يتوقف في تونس وسط تحذيرات من "سوريا جديدة"
عودة المتشددين.. جدل لا يتوقف في تونس وسط تحذيرات من "سوريا جديدة"عودة المتشددين.. جدل لا يتوقف في تونس وسط تحذيرات من "سوريا جديدة"

عودة المتشددين.. جدل لا يتوقف في تونس وسط تحذيرات من "سوريا جديدة"

لا يتوقف الجدل في تونس حول عودة المتشددين من بؤر التوتر، خاصة بعد إقرار الرئيس الباجي قائد السبسي، بأحقيتهم في العودة إلى بلادهم، تنفيذاً للدستور.

وتتباين ردود الفعل في المجتمع التونسي، فتجد من يعترض على عودة هؤلاء خوفًا من تأثيرات سلبية لتلك العودة، خاصة في ظل قدرتهم على حمل السلاح، والخبرة التي اكتسبوها في ميادين القتال، فيما يؤكد حزبيون وحقوقيون على ضرورة عودتهم، مع عرضهم على قانون مكافحة الإرهاب.

قانون الإرهاب لا يكفي

ورأى المدير السابق لمكتب تونس بمنظمة العفو الدولية، لطفي عزوز، أن "القانون الحالي لمكافحة الإرهاب لا يكفي لمحاكمة كل من تورط في ارتكاب جرائم خلال تواجده في بؤر التوتر"، مشيرًا إلى أن "مختلف الجرائم المرتكبة في سوريا وليبيا والعراق، واليمن هي جرائم ضد الإنسانية".

وقال عزوز، في تصريح لـ"إرم نيوز"، إن "التونسيين المنتمين إلى الجماعات المسلحة في هذه البلدان هم مرتزقة، اقترفوا هذه الجرائم، وبالتالي فإن صفة إرهابيين لا تليق بهؤلاء، ولا تتماشى مع طبيعة الجرائم التي ارتكبوها، وبالتالي لا يمكنهم الإفلات من العقاب، بأي حال من الأحوال".

وأشار إلى أن تونس "انضمت إلى المحكمة الجنائية الدولية خلال العام 2011، وبالتالي يفترض بالسلطات التونسية أن تعمل على أن تلائم تشريعاتها، أي قانون الإرهاب، ولكنها تتراخى ولا تعمل على ذلك".

ودعا السلطات التونسية إلى "القيام بعملية الملاءمة من خلال تضمين قانون الإرهاب عدد من الجرائم التي لا يشير إليها، ومنها جريمة الحرب، والجريمة ضد الإنسانية، وجريمة الإبادة، وغيرها"، مؤكدًا على "ضرورة اعتبار المتورطين في الانتماء إلى جماعات مسلحة في بؤر التوتر مرتزقة، مثلما يشير إلى ذلك القانون الدولي".

سوريا جديدة

من جانبه، وصف القيادي في الجبهة الشعبية (ائتلاف من أحزاب قومية وشيوعية)، منجي الرحوي، الدعوة إلى قبول عودة المتشددين التونسيين من بؤر التوتر "مخططًا لتدمير تونس"، مضيفًا "لن نقبل ذلك، وسنعمل بجميع الطرق القانونية على رفض عودة من تلطخت يداه بدماء الأبرياء، ويمثل خطرًا على المجتمع التونسي".

وشدد الرحوي في تصريح إذاعي، على "ضرورة الوقوف بقوة في وجه أطراف سياسية تدعو صراحة إلى عودة المتشددين، وتحويل تونس إلى فضاء يرتعون فيه، كما يحلو لهم"، متهمًا حركة النهضة بـ"الوقوف وراء هذه العودة، من أجل تحويل تونس إلى سوريا جديدة".

مسائل قضائية وأخلاقية

وطرح المحلل السياسي كمال الشارني رؤيته في هذه المسألة المثيرة للجدل، قائلًا: "القضية  تطرح مسائل قضائية وأخلاقية عويصة، مثل ضمان المحاكمة العادلة، فمن حق الإرهابي القاتل أن يحاكم بعدالة مع ضمان حقوقه كاملة، وهو ما يؤكد لنا الفارق بين الدولة والهمجية، أولًا لأن القضاء العادل وحده هو الذي يثبت الإدانة أو البراءة فيضمن العدالة، وثانيًا لأنه ليس من حق الدولة، ممثلة في السلطة التنفيذية أن تنتقم من الناس أو تقتلهم أو تسجنهم خارج إرادة القانون الممثلة في المحاكمة العادلة".

وأضاف الشارني في تصريح لــ"إرم نيوز" أن "أسئلة حقيقية ستطرح، حول ما إذا كانت النيابة العامة بصفتها أداة الدعوى القضائية، ضد العائدين من مناطق الجهاد، أو قضاء التحقيق، يملكان الوسائل لإثبات التهمة في أحداث وقعت خارج الوطن؟".

وتابع "نحن أمام خيار واضح.. إما أن نقيم دولة على أساس العدالة والقانون، وإما أن نقع في أحد الطرفين الخاطئين: إطلاق سراح كل العائدين وأيدي كثير منهم ملوثة بالدماء وكثير منهم مستعد لاقتراف الجرائم ذاتها في تونس، أو سجن الجميع بالشبهة، يعني أن نعكس المنطق".

من جانبه، عبر مجلس شورى حركة النهضة عن "مساندة موقف الحكومة بخصوص ملف العائدين من بؤر التوتر الإقليمية"، مجددًا موقفه الداعي إلى "المعالجة الشاملة لهذه القضية ذات البعد المحلي والدولي، وفق ما ورد في الاستراتيجية الوطنية لمقاومة الإرهاب ودعم جهود المؤسسة الأمنية والجيش الوطني في التصدي الحازم لهذا الخطر المهدد لأمن بلادنا واستقرارها".

وجدد المجلس دعوته إلى "عقد مؤتمر وطني حول الإرهاب يعزز مناعة البلاد حاضرًا ومستقبلًا".

الخوف من كشف الحقيقة

ويرى أستاذ القانون الدستوري جوهر بن مبارك، أن "من يرفض عودة الإرهابيين من بؤر التوتر ومحاكمتهم، يخاف كشف حقيقة من كان وراء عمليات تسفير الشباب التونسي إلى بؤر التوتر، وتنفيذهم لجرائم عديدة"، مشددًا على أن "عودتهم تمثل فرصة حقيقية لمعرفة حقيقة الإرهاب في تونس".

وأكد بن مبارك في تصريح لــ"إرم نيوز" أن "عديد التسهيلات قدمت للإرهابيين للالتحاق ببؤر التوتر في سوريا وليبيا والعراق"، مضيفًا أن "الإشكال، برأيي، يتمثل في خوف البعض من أن تظهر الحقيقة كاملة، عندما يكشف العائدون الحقيقة".

وشدد أستاذ القانون الدستوري على أن "الرافضين لعودة الإرهابيين التونسيين من بؤر التوتر، غير مطلعين على القانون، ففي الدستور التونسي يمنع رفض عودة أي مواطن تونسي إلى بلاده".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com