احتفالات نهاية السنة في أفريقيا.. تفاؤل يطيح بجدار الأزمات
احتفالات نهاية السنة في أفريقيا.. تفاؤل يطيح بجدار الأزماتاحتفالات نهاية السنة في أفريقيا.. تفاؤل يطيح بجدار الأزمات

احتفالات نهاية السنة في أفريقيا.. تفاؤل يطيح بجدار الأزمات

من الكونغو الديمقراطية المهتزة على وقع أزمة سياسية مفتوحة على أسوأ الاحتمالات، مرورا بالكاميرون إذ لا تزال هجمات "بوكو حرام" تلقي بظلالها على منطقة أقصى شمالها، وصولا إلى بوروندي المثقلة منذ نحو عامين بأزمة سياسية وأمنية خانقة.

أزمات وصراعات خلفت آلاف القتلى في 2016، ومع ذلك يُقبل الأفارقة على احتفالات نهاية العام بأمل يجاهدون من أجل دفعه خارج مناطق الألم، متفائلين بعام جديد قد يطيح بمنسوب التوتّر في بلدانهم.

الأناضول رصدت في جولة أفريقية، استعدادات استقبال العام الجديد في عدد من بلدان القارة السمراء.

الاحتفال وإن كان عبر الاستدانة في الكونغو- كنشاسا

في العاصمة الكونغولية كنشاسا، لم تمنع موجة الاحتجاجات الدامية، الرافضة لبقاء الرئيس جوزيف كابيلا في الحكم إلى ما بعد انقضاء ولايته في الـ19 من ديسمبر/ كانون الأول الجاري، من الاستعداد للاحتفال بنهاية السنة.

فمنذ أيام، بدأ السكان في تزيين منازلهم ومحلاتهم التجارية وواجهات المقاهي والمطاعم، بل إن الجميع يقول إن "الاحتفال بحلول السنة الجديدة أمر مقدّس في كنشاسا"، بحسب مراسل الأناضول.

أجواء مرحة نجحت في تبديد الكآبة المطبقة على المدينة بسبب حالة عدم اليقين السياسية، وتراجع المؤشرات الاقتصادية بفعل الأزمة، بل إن المحلات التجارية والأسواق استعادت الكثير من حيويتها، بإقبال السكان عليها بشكل متزامن لابتياع الهدايا والملابس التي يعتزمون ارتداءها في آخر أيام العام.

"جان"، شاب كونغولي وهو أب لعائلة، اعترف أن أسعار مختلف المنتجات شهدت ارتفاعا في الأشهر الأخيرة؛ ما دفعه إلى طلب قرض من البنك لـ "يحتفل في الـ 31 من الشهر كما يجب"، على حدّ تعبيره.

"أعتقد أنني لست الوحيد الذي لجأ للتداين من أجل الاحتفال بنهاية العام"، يتابع للأناضول، "فالجميع يريد أن يكون الاحتفال بالسنة الجديدة لائقا لكي تحقق لنا الخير الذي نتمناه".

 "هدنة الأحزان" في بوروندي

أما في بوروندي، هذا البلد الغارق منذ نحو عامين في أتون أزمة سياسية وأمنية لم تضع أوزارها حتى الساعة، فلم تمنع أحزان السكان من الاستعداد بحيوية للاحتفال بنهاية السنة، متحدّين آلامهم، حتى أن البعض يقول مازحا "إنها فرصة البورونديين لمنح أحزانهم هدنة".

ووفق مراسل الأناضول، اكتظت الأسواق والمتاجر بالهدايا والملابس، وتلاقي خلال هذه الفترة إقبالا استثنائيا رغم غلاء المعيشة وانخفاض القدرة الشرائية للبورونديين وتباطؤ نسق النمو الاقتصادي عموما.

"سيكست غاهونغو"، أب لعائلة ويقيم في العاصمة بوجمبورا، قال للأناضول إن "حفلات نهاية السنة تمنحنا فرصة الالتقاء بالعائلة الموسّعة وتبادل الهدايا".

وأضاف "سيكست" المنحدر من منطقة "موغامبا" جنوبي البلاد، أن "الاحتفال يشكّل مناسبة أيضا للتوجّه إلى المستقبل وتمنّي عاما جديدا مليئا بالحظ والنجاح".

الاحتفال أمام التلفزيون في النيجر

في نيامي عاصمة النيجر، يتخذ الاحتفال بنهاية السنة شكلا مغايرا ومميّزا، وينضم المسلمون إلى المسيحيين، خصوصا في المناطق الحضرية، حيث يحتفلون بنهاية العام من خلال العديد من الأنشطة.

ففي الليلة الأخيرة من العام، تتواتر دعوات الأصدقاء لبعضهم البعض إلى العشاء والاحتفال بالسنة الجديدة في المطاعم والمقاهي.

لكن حين يختار أحدهم قضاء الليلة بين العائلة، فإن المناسبة تقتضي تحضير أطباق خاصة تقدّم في منتصف الليلة، وهذه الأطباق تتكون من وجبات "ملكية" أعدّت خصيصا لتليق بالمناسبة الهامة.

أما المدعوون فغالبا ما يأتون محمّلين بالهدايا لأطفال العائلة التي استضافتهم على العشاء، قبل أن يتجاذب الجميع أطراف الحديث وتناول الطعام في انتظار منتصف الليل.

"إنه يوم عظيم"، يقول الخمسيني المقيم في نيامي، "هامسو ديالو"، متحدثا عن آخر أيام السنة، "ولذلك ينبغي الاحتفال به بكثير من البهجة والفرح".

وتابع للأناضول: "نتبادل التهاني ونطلب من الله أن تكون السنة الجديدة مليئة بالسعادة والنجاح للجميع".

وتتميز حفلات نهاية السنة في نيامي بتزيين محلات بيع الهدايا بالمدينة، إضافة إلى الألعاب النارية التي يقبل عليها الشباب بكثافة خلال هذه المناسبة.

غير أن الحدث الأبرز الذي يحتكر جل الاهتمام، يظلّ السهرة الثقافية التي ينظّمها ديوان الإرسال التلفزي والإذاعي (حكومي) في الـ 31 من ديسمبر/ كانون الأول من كل عام.

سهرة يحضرها عدد كبير من الفنانين النيجريين، وتبث مباشرة عبر الإذاعة والتلفزيون الرسميين في البلاد، ويقول ديالو إنه ينتظرها "على أحر من الجمر" للاستمتاع بعروضها الشيقة، ويقبع طوال الليل أمام شاشة التلفزيون لكي لا يفوّت عليه متعة ينتظرها على مدار العام.

 التفاؤل يطغى على التشاؤم في مالي

للاحتفالات بنهاية السنة الميلادية في مالي، مذاق مختلف تغلب عليه المرارة والخوف، فالأزمة التي تهز البلاد منذ 2012 ألقت بظلالها على الاقتصاد عموما وعلى أنشطة أصحاب الفنادق بوجه خاص.

"الظرفية سيئة"، يقول سيدو، مدير فندق للأناضول، في إشارة إلى التوقعات الحالكة التي ينتظرها هذا العام بخصوص الحجوزات لليلة الموعودة.

"خفضنا أسعارنا من 100 ألف فرنك أفريقي (ما يعادل 152 يورو) للزوجين إلى 75 ألفا (114 يورو)"، يوضح، "ومع ذلك لم نسجّل حتى الآن غير عدد ضئيل من الحجوزات".

مخاوف يتقاسمها معه موهاليد، وهو مسؤول بأحد فنادق العاصمة باماكو، والذي قال للأناضول إنه يخشى أن تستمر تداعيات الأزمة الاقتصادية.

وأضاف أنه منذ الهجوم الذي استهدف في الـ 20 من نوفمبر/ تشرين الثاني 2015، فندق "راديسون بلو" في العاصمة، وأسفر عن سقوط 22 قتيلا، أصبح السكان يتحاشون الأماكن العامة، باعتبارها الهدف المفضل للإرهابيين.

من جانبه، قال عثمان كايتا المقيم بالعاصمة: "سأحتفل كما يجب بالعام الجديد، رغم الصعوبات المالية". وأضاف: "أريد أن أكون متفائلا، وسأستقبل العام الجديد بالكثير من الفرح برفقة عائلتي".

ووفق مراسل الأناضول، فإن الماليين غالبا ما يحتفلون بنهاية السنة بين العائلة أو ضمن مجموعات يشكّلونها حسب التوافق في السنّ أو في الأفكار أو غيرها.

أما الشباب فيفضلون في معظم الأحيان الأجواء الاحتفالية في العلب الليلية الموجودة بالفنادق.

ولتغطية الطلب خلال هذه المناسبة، تنظم الفنادق الكبرى بالعاصمة حفلات عشاء ورقص، يؤمّنها نجوم الموسيقى المحليون أو العالميون.

ومع أن الأجواء تبدو أقل صخبا هذا العام، جراء المخاوف التي لا تزال مخيمة على الأذهان عقب الهجوم الدامي، إلا أن التفاؤل استطاع أن يتغلّب على مشاعر الرهبة، رافعين شعار "لنعمل جميعا من أجل غد أفضل"، على حدّ قول سيدو.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com