لجأ الجيش المالي إلى الطائرات المسيّرة في عملياته ضد "الحركة الأزوادية" الانفصالية بالقرب من حدود البلاد مع الجزائر، وسط شكوك في قدرته على حسم المواجهة.
وتأتي خطوة الجيش هذه بعد أيام من خسائر فادحة تكبدتها القوات المسلحة المالية وحلفاؤها الروس.
وشنَّ الجيش المالي هجمات بطائرات مسيَّرة، ما أدى إلى مقتل حوالي 20 مدنيًا، بحسب ما ذكرته أوساط محلية، فيما ذكر الجيش في بيان له أن "مهمة استطلاع هجومية أتاحت رصد وتحديد هوية شاحنات صغيرة محملة بالعتاد الحربي ومتمركزة بعناية في باحة عقار في تنزاواتن".
وأضاف الجيش أنه "بعد مراقبة دقيقة، مكنت سلسلة من الضربات من تدمير هذه الأهداف الإرهابية، وتحييد نحو 20 مسلحًا".
وجاءت هذه الهجمات بعد أيام من إعلان الانفصاليين أنهم قتلوا عشرات من عناصر مجموعة فاغنر الروسية العسكرية والجنود الماليين خلال معارك، بين 25 و27 يوليو/ تموز، في منطقة تنزاواتن نفسها.
وعلّق الخبير العسكري عمرو ديالو على التطورات الميدانية في مالي بالقول إن "الجيش يسعى إلى ردة فعل، والرهان على الطائرات المسيّرة القادرة على رصد تحركات الانفصاليين والإرهابيين المنتمين لجماعة نصرة الإسلام وداعش".
وتابع ديالو في تصريح خاص لـ "إرم نيوز" بالقول إن "المشكلة تكمن في أن الانفصاليين يسيطرون، منذ سنوات، على الشمال في مالي، وهم قادرون على نصب كمائن والاختباء بعيدًا عن أنظار المسيّرات".
لذلك قال ديالو: "لا أعتقد أن المسيّرات وحدها قادرة على قلب المعادلة العسكرية على الأرض في مالي".
وقرر المجلس العسكري في مالي بقيادة الكولونيل أسيمي غويتا تصعيد الخيار العسكري منذ العام 2022. وأقدم بشكل خاص على كسر التحالف القديم مع فرنسا والشركاء الأوروبيين، ليتحول عسكريًا وسياسيًا نحو روسيا.
وجعل المجلس الذي يتولّى السلطة في مالي منذ 2020، من استعادة السيطرة على كامل أراضي البلاد إحدى أولوياته.
وفقدت بالفعل الجماعات الانفصالية المسلحة العديد من المناطق في الشمال منذ العام 2023، بعد هجوم شنه الجيش المالي أدى إلى سيطرته على معقلها مدينة كيدال.
وعلّق المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الأفريقية محمد أوال بالقول:"هناك مأزق يعانيه الجيش المالي بقيادة الكولونيل غويتا، والخيار العسكري أثبت فشله"، وفق قوله.
وأضاف أوال: "حتى لو تقدم الجيش، فإن ذلك سيكون على حساب المئات إن لم يكن الآلاف من المدنيين الذين راحوا ضحية معارك لا دخل لهم فيها".
ورأى أوال لـ "إرم نيوز" أن "هيبة الجيش المالي كُسرت، في هجوم يوليو / تموز الماضي، بعد أن خسر حوالي 47 من قواته أثناء محاولة للتوغل، ناهيك عن 97 قتيلاً في صفوف فاغنر، وهو أمر جعل الجيش يراهن على المسيّرات لاستعراض قدراته العسكرية لا أكثر"، بحسب تعبيره.
وأكد: "لا أعتقد أن المسيّرات ستقلب المعادلة العسكرية على الأرض، لأن هناك العديد من المعطيات الأخرى، بينها أساليب الخطف التي تعتمدها الجماعات المسلحة".
وأشار إلى "وجود حسابات أخرى، مفادها أن الرهان على المسيّرات سيتسبب بموجة نزوح كبيرة نحو الجزائر، وخسائر كبيرة في صفوف المدنيين، وهو أمر سيجد رفضًا إقليميًا ودوليًا".