الخدمة العسكرية تعمّق الخلاف الديني بين الأصوليين اليهود (فيديو)
الخدمة العسكرية تعمّق الخلاف الديني بين الأصوليين اليهود (فيديو)الخدمة العسكرية تعمّق الخلاف الديني بين الأصوليين اليهود (فيديو)

الخدمة العسكرية تعمّق الخلاف الديني بين الأصوليين اليهود (فيديو)

على الرغم من نجاح حزبي "شاس" و"يهودوت هاتوراة" الحريدييْن في ابتزاز رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، وانتزاع تنازلات تتعلق بنظام التجنيد، وإلغاء بند يتعلق بتوقيع عقوبات جنائية بحق المتهربين من الخدمة العسكرية الإلزامية، ممن لا تنطبق عليهم شروط الإعفاء، إلا أن أنصار الحزبين ما يزالون يرون نظراءهم ممن يلتحقون بالجيش الإسرائيلي على أنهم يخالفون الشريعة اليهودية.

وتطور الوضع، أمس الأحد، بشكل مثير للجدل، حيث اعترضت تظاهرة نظمها المنتمون لهذا القطاع، حافلة تقل عشرات الجنود من الكتيبة الحريدية "نيتساح يهودا"، التابعة للواء سلاح المشاة "كافير"، والذي يتبع قيادة الجبهة المركزية. وتخللت تلك الواقعة حالة من العنف اللفظي، وتعمد المتظاهرون إذلال الجنود المنتمين للقطاع ذاته، وأجبروهم على النزول من الحافلة، واصفين إياهم بـ"الصهاينة".

وأشارت وسائل إعلام عبرية إلى أن منطقة "مائه شعاريم" بالقدس المحتلة، والتي تعد من أكبر معاقل القطاع الحريدي، شهدت قيام العشرات من الشبان المنتمين للقطاع الحريدي بمهاجمة الحافلة، التي تقل جنوداً ينتمون للقطاع ذاته، كما عرضت مشاهد فيديو تظهر جانباً من الواقعة.

وقطع المتظاهرون الطريق أمام الحافلة، ما أجبر الجنود على النزول منها، بيْد أن العديد منهم بدأ بنعتهم بالصهاينة، أو بمصطلحات أخرى تتهمهم بمخالفة تعاليم اليهودية، نظراً لتجرئهم على الالتحاق بالخدمة العسكرية.

وبحسب مصادر، فإن السبب الرئيس وراء تنظيم تلك التظاهرات هو الاحتجاج على قيام الشرطة العسكرية باعتقال شاب حريدي بتهمة التهرب من أداء الخدمة العسكرية، ورفع المتظاهرون لافتات كتب عليها "عبرنا فرعون، عبرنا نبوخذ نصر، عبرنا النازيين، وسنعبر هذا أيضاً"، في إشارة إلى عدائهم للجيش الإسرائيلي.

ويلتزم الحريديم، أو"الأصوليون اليهود" بتعاليم التوراة بشكل صارم، ويعيشون حياتهم اليومية طبقاً لما يسمونها "الشريعة اليهودية"، كما يعيشون بمعزل عن المجتمع العلماني، ويرسلون أبناءهم للمدارس الدينية "اليشيفوت" لتلقي العلوم الدينية دون غيرها، عدا في حالات نادرة.

وينقسم المجتمع الحريدي حول فكرة "الصهيونية"، حيث يعارضها قطاع كبير، فيما أيدها قطاع آخر، وكان هذا الاختلاف سبباً في ظهور التيار القومي، وأتباع الصهيونية الدينية، والذين تمثلهم أحزاب سياسية بالكنيست، منها "البيت اليهودي"، و"إسرائيل بيتنا".

حرب طاحنة

يقود الحريديم الذين يشكلون قرابة 9% من المجتمع الإسرائيلي حرباً طاحنة ضد الخدمة العسكرية بالجيش، وفي المقابل يعمل الأخير على زيادة أعداد الوحدات التي تقبل باستيعاب الجنود المنتمين لهذا القطاع، ممن تنطبق عليهم شروط أداء الخدمة، وسط حالات تهرب بلغت، خلال 18 شهراً مضت، قرابة 4000 حريدي حاولوا التهرب من أداء الخدمة العسكرية، بزعم أنهم يكرسون حياتهم لدراسة التوراة ولا تنطبق عليهم شروط أداء الخدمة.

ويهدد الحريديم من آن إلى آخر بالخروج في احتجاجات عارمة في حال لم يتم إعفاء أبنائهم من الخدمة العسكرية، في وقت يحصل فيه الكثير منهم بالفعل على إعفاء حال  قدموا وثيقة تثبت تكريس حياتهم لخدمة الدين، طبقاً لما هو متعارف عليه في القوانين، فيما يتم إلزام من لا يقدم الوثيقة بالالتحاق بالخدمة العسكرية، وعدا عن ذلك، يعتبر متهربًا من أداء الخدمة كل من لم يقدم الوثيقة ولم يتقدم لمركز التجنيد المخصص للحريديم.

ذروة العداء

وبلغت حالة العداء بين الحريديم والجيش الإسرائيلي مداها في آب/ أغسطس العام الماضي، حين طالب الجيش مجندة حريدية من بلدة "إلعاد"، الواقعة بالقطاع الأوسط، بالعودة إلى القاعدة العسكرية "تل هاشومير" لتسوية وضعها، بعد فرارها من الخدمة. ووقتها هدد المنتمون للقطاع الحريدي، وعلى رأسهم حاخامات كبار، بالتضحية بأنفسهم منعًا للمساس بها.

وعلى سبيل المثال، هدد الحاخام يهودا كوهين، رئيس المدرسة الدينية "يكيري يورشاليم" بمدينة القدس المحتلة، بإشعال الأوضاع، والبدء باحتجاجات من شأنها أن تصيب البلاد بالشلل التام.

 وتوعد بأن الحريديم بصدد رد الحرب على جيش الدفاع الإسرائيلي"، على حد تعبيره.

وتكررت أحداث من هذا النوع في شباط/ فبراير الماضي، حين قام العشرات من أتباع  التيار الحريدي بمهاجمة قوة من الشرطة العسكرية الإسرائيلية، لدى محاولتها إلقاء القبض على متهربين من أداء الخدمة العسكرية الإلزامية، في أحد الأحياء ذات الطابع الحريدي بمدينة أشدود الساحلية.

ووقعت أعمال شغب كبرى، حين ألقى شبان حريديم الحجارة على سيارات الشرطة العسكرية التي وصلت إلى الموقع، لإلقاء القبض على المتهربين من الخدمة، والذين لم يثبتوا أنهم يكرسون حياتهم للدراسة الدينية، وبالتالي لا تنطبق عليهم المميزات التي يحظى بها أتباع هذا التيار، والتي تتعلق بالإعفاء من الخدمة العسكرية حال ثبت أنهم يكرسون حياتهم للدراسة التوراتية.

تنازلات سياسية

وقاد يائير لابيد، رئيس حزب "هناك مستقبل" الوسطي الليبرالي جهودا لتمرير قانون المساواة في الأعباء الخاصة بالخدمة العسكرية الإلزامية بين جميع القطاعات، إبان حكومة نتنياهو الثالثة، بما أتاح فرض عقوبة جنائية على المتهربين من الخدمة، بمن في ذلك من أتباع التيارات الحريدية.

ومارست الأحزاب السياسية الممثلة للحريديم بالكنيست، ولا سيما حزب "يهدوت هاتوراه"، ضغوطًا على رئيس الحكومة نتنياهو، واشترطت إلغاء العقوبة الجنائية بشأن الحريديم المتهربين من الخدمة العسكرية جنائيا، وهو الشرط الذي قبله نتنياهو في آيار/ مايو من العام الماضي خلال مفاوضات تشكيل حكومته الرابعة.

زيادة نزعة التجنيد

وتسود جيش الاحتلال الإسرائيلي نزعة تميل إلى عدم فرض الخدمة الإلزامية على أبناء القطاع الحريدي، وبدلا من ذلك يقدم حوافز محددة ونظامًا خاصًا لخدمتهم العسكرية، ومن ذلك تدشين كتائب خاصة لأبناء هذا القطاع.

وشهدت السنوات الأخيرة التحاق إسرائيليين حريديم كثر بوحدات عسكرية مختلفة، بما في ذلك وحدات قتالية واستخباراتية، فضلا عن وحدات مختلطة تضم مجندات، وهو أمر لم يكن متعارفًا عليه في هذا المجتمع الأصولي.

ولفت تقرير صادر عن شعبة الموارد البشرية بجيش الاحتلال تم عرضه على رئيس هيئة الأركان العامة الفريق جادي أيزنكوت في الشهور الأخيرة، أن ثمة زيادة ملحوظة في أعداد الحريديم الملتحقين بالخدمة العسكرية، وأن هناك توقعات بأن تصل أعدادهم عام 2018 إلى 3200 جندي سنويا، بعد أن كان  العدد قبل عامين لا يتخطى 1972 فقط.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com