خريطة السلطة في إسرائيل.. هل تشهد أفول نجم العسكر وصعود ساسة جدد؟
خريطة السلطة في إسرائيل.. هل تشهد أفول نجم العسكر وصعود ساسة جدد؟خريطة السلطة في إسرائيل.. هل تشهد أفول نجم العسكر وصعود ساسة جدد؟

خريطة السلطة في إسرائيل.. هل تشهد أفول نجم العسكر وصعود ساسة جدد؟

تقود شخصيات عسكرية إسرائيلية سابقة، محاولات مستميتة للوصول إلى رأس السلطة، لكن عقبات عديدة يواجهها هؤلاء، بعد أن طغت شعبية رؤساء الأحزاب السياسية الحاليين بشكل ملحوظ، سواء من الوسط أو اليمين، وعدم اكتراث الناخب الإسرائيلي بالماضي أو التاريخ العسكري لرجال السياسة.

وشكلت الإطاحة بوزير الدفاع السابق موشي يعلون، والذي يمتلك خبرات عسكرية واسعة، في آيار/ مايو الماضي، لصالح أفيغدور ليبرمان، رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" اليميني القومي، والذي لا يمت بصلة للمؤسسة العسكرية، ذروة الصدام بين هذا الجيل من الجنرالات وبين جيل من السياسيين ورؤساء الأحزاب، والذين طغت شعبيتهم بشكل ملحوظ على شعبية أولئك الذين ينتمون للمؤسسة العسكرية، كلٌّ حسب انتمائه.

أشكنازي ووصية شمعون بيريز

ويسعى غابي أشكنازي، الذي تولى رئاسة هيئة الأركان العامة بجيش الاحتلال الإسرائيلي في الفترة ما بين 2007 – 2011 للدخول إلى المعترك السياسي، لكنه كان يبحث عن سبب وجيه لتلك الخطوة، فزعم أن الرئيس الراحل شيمعون بيريز كان ألحّ عليه للدخول إلى هذا المعترك، وذهب أبعد من ذلك ليعلن أن بيريز أوصاه بأن يصبح جزءًا من القيادة السياسية.

وأجرت وسائل إعلام عبرية -في الأيام الأخيرة- حوارا مع أشكنازي، والذي انخرط عقب تقاعده في عالم المال والأعمال، ألمح خلاله إلى رغبته في الدخول إلى عالم السياسية، وقال إنه كان يلتقي بيريز من آن إلى آخر، وأن الأخير ألح عليه للانضمام إلى القيادة السياسية، مشيرًا إلى أنه يبحث الأمر حاليًا، وأنه سيطلع وسائل الإعلام على كل جديد في هذا الصدد.

باراك يعوّل على الشارع

ويحاول إيهود باراك العودة للمشهد السياسي مجددًا، والمنافسة على رئاسة الحكومة الإسرائيلية المقبلة، وهو الذي تولى رئاسة أركان الجيش الإسرائيلي في الفترة من 1991 – 1995، وحمل رتبة الفريق، قبل أن يتولى بعد ذلك رئاسة الحكومة الإسرائيلية في الفترة 1999 – 2001، ثم وزير الدفاع في الفترة 2007 – 2013

ولا يتوقف باراك منذ حزيران/ يونيو الماضي عن توجيه الاتهامات للحكومة الحالية ومن يقف على رأسها، وبلغ الأمر مداه، حين أكد أمام مؤتمر هيرتسليا السنوي السادس عشر أنه في حال لم تغير الحكومة سياساتها الحالية، فإنه ينبغي إسقاطها عبر احتجاجات شعبية عارمة.

وتوعد باراك بأنه في حال لم تعد الحكومة لرشدها، فإنه سيعود للمشهد السياسي وسوف ينجح بمساعدة الشعب في إسقاطها، ودعا الإسرائيليين للخروج في احتجاجات جماعية حاشدة بغية إسقاط حكومة نتنياهو في حال لم تعد إلى صوابها، وقدّر أن الطريق إلى إسقاط تلك الحكومة يجب أن يبدأ من الشارع عبر الاحتجاجات وينتهي أمام صناديق الانتخاب.

واتهم حكومة اليمين بزرع بذور التطرف بالمجتمع الإسرائيلي، وبأن حزب "الليكود" يتلاعب بالديمقراطية ويستغل ثغرات في قوانين الانتخابات ليحقق إنجازات مزعومة، وفي النهاية يزرع الخوف والضعف في قلوب الإسرائيليين، مضيفًا أن الواقع الإقليمي والعالمي يتغير، وأصبحت هناك تحديات بالجملة، واعتبر أن النظام العالمي يترنح ويميل نحو الانهيار.

يعلون يتحدى التطرف

ويقود وزير الدفاع السابق يعلون، الذي تولى أيضا رئاسة أركان الجيش الإسرائيلي بين سنوات 2002 – 2005، محاولات مماثلة، عقب الصفعة التي وجهتها له حكومة اليمين وحزب "الليكود" الذي ينتمي إليه، ويعمل حاليًا على تأسيس تحالف سياسي يقوده إلى رئاسة الحكومة الإسرائيلية.

وبدأ يعلون الشهر الفائت خطوات عملية نحو تأسيس حزب سياسي جديد، ويتواصل مع شخصيات سياسية تدعم هذه الخطوة، مطالبًا إياها بدعمه في إقامة كيان سيعدّ حجر الزاوية للحزب الجديد الذي سيرأسه، لخوض الانتخابات التشريعية المقبلة على رأسه.

ويمهد الجنرال السابق الأرض للبدء بخطوة تأسيس الحزب السياسي، واستهل ذلك بتأسيس جمعية ستمثّل حجر الزاوية لهذا الحزب، من دافع قناعته بأن إسرائيل تقف في مفترق طرق تاريخي، وأنه ينبغي توجيه الدولة نحو مسار جديد أفضل.

ولم تتوقف الإشاعات منذ تموز/ يوليو الماضي عن عزم وزير الدفاع المستقيل تأسيس الحزب الجديد الذي سينتمي لوسط يمين الخريطة السياسية، ويقول مراقبون إنه يسعى لمجابهة سيطرة الأحزاب -التي تنتمي لأقصى يمين الخريطة السياسية- على المشهد حاليًا.

شعبية "العسكر" على المحك

لكن المحاولات التي يقوم بها الثلاثي أشكنازي وباراك ويعلون تصطدم بالشعبية الجارفة التي يتمتع بها رؤساء الأحزاب السياسية الإسرائيلية سواء من اليمين أو الوسط، بين مؤيديهم، ولا سيما إذا كان الحديث يجري عن يائير لابيد، رئيس حزب "هناك مستقبل" الوسطي الليبرالي، أو نفتالي بينيت، وزير التعليم ورئيس حزب "البيت اليهودي" اليميني القومي، وأفيغدور ليبرمان وزير الدفاع ورئيس حزب "إسرائيل بيتنا" الذي يحمل أيديولوجيا مقاربة لسابقه، وهؤلاء الثلاثة لا ينتمون لجيل جنرالات الجيش السابقين.

وعلى الرغم من سياسة الحكومة الحالية القائمة على زرع الخوف بين الإسرائيليين واختلاق أعداء وهميين بشكل ثابت، كان من الطبيعي أن ترتفع شعبية "العسكر" على حساب من لا ينتمون لتلك المؤسسة، لكن ما حدث هو العكس.

سطوع نجم لابيد

وشهدت الأسابيع الأخيرة تحولًا ملحوظًا في شعبية رؤساء الأحزاب السياسية ممن لا ينتمون للمؤسسة العسكرية ولا يمتون بصلة للجيش، سواء من وسط أو يمين الخريطة السياسية، وأظهرت غالبية استطلاعات الرأي سطوع نجم يائير لابيد، الإعلامي السابق، ورئيس حزب "هناك مستقبل" متفوقًا للمرة الأولى على حزب "الليكود" وعلى رئيسه ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو.

وأظهر استطلاع انتخابي نشرت نتائجه في الثامن من أيلول/ سبتمبر الماضي، حصول الحزب الوسطي الذي يرأسه لابيد على 24 مقعدًا، فيما حصل "الليكود" على 22 مقعدًا فقط، وهي نتيجة وصفها مراقبون بأنها دراماتيكية. ورفع حزب "البيت اليهودي" برئاسة بينيت رصيده من 8 إلى 14 مقعدًا.

لكن الاستطلاع الانتخابي الثاني الذي نشرت نتائجه قبل يومين، أظهر أن لابيد قادر بكل ارتياح على تشكيل الحكومة المقبلة حال قرر التحالف مع الأحزاب الحريدية، بشرط أن يجدّد تحالفه أيضًا مع رئيسي الحزبين اليمينيين اللذين يرأسهما بينيت وليبرمان.

ويعتقد مراقبون أن عودة جنرالات الجيش السابقين لرأس السلطة السياسية أمر في غاية الصعوبة، لو وضعت بالاعتبار النتائج السابقة، وهو ما يعني أن المحاولات التي يقوم بها المستوى السياسي حاليًا لفصل الجيش عن السياسة، وكبح جماح القادة العسكريين ومنعهم من الإدلاء بتصريحات إعلامية تعبر عن آراء سياسية طالما ما زالوا في الخدمة، هي محاولات سوف تكلّل بالنجاح.

ويقدر هؤلاء أن طريق القيادات العسكرية وجنرالات الجيش لم تعد ممهدة  لتكرار تجربة جيل الجنرالات البارزين الذين حكموا إسرائيل.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com