مصادرة أملاك وطرد من الوظائف.. لماذا تقمع إيران "البهائيين"؟
مصادرة أملاك وطرد من الوظائف.. لماذا تقمع إيران "البهائيين"؟مصادرة أملاك وطرد من الوظائف.. لماذا تقمع إيران "البهائيين"؟

مصادرة أملاك وطرد من الوظائف.. لماذا تقمع إيران "البهائيين"؟

نشرت صحيفة "إيران بريس ووتش"، مقالًا استند إلى فيلم وثائقي قصير، تحت عنوان "قصة القمع الاقتصادي للبهائيين في إيران"، أنتجه البهائيون وأصدقاؤهم في إيران، ليظهروا للإيرانيين لمحة عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، والضغوط الثقافية التي تمارس على طائفتهم في ذلك البلد.

ويلفت المقال إلى أنه "بعد الثورة الإسلامية في إيران العام 1979، واجه البهائيون الإيرانيون إنكارًا لمواطنتهم وحقوقهم الإنسانية، علمًا بأن الدين البهائي "مستقل"، ويمثّل أكبر أقليّة دينية غير مسلمة في إيران، وعلى الرغم من ذلك، لا يتم الاعتراف بهم من قبل دستور بلادهم ويتعرضون للاضطهاد بقوة من قبل الحكومة.

ويشير إلى أن وسائل الإعلام الإيرانية ساهمت في تدعيم هذا الاضطهاد من خلال النشر المستمر للدعاية البغيضة التي تستهدف تشويه صورة البهائيين في نظر الإيرانيين.

ووفقًا للمقال، فإن النتيجة كانت تدمير أو مصادرة للمواقع الدينية والتاريخية والثقافية والأضرحة البهائية والمستشفيات والعيادات الخاصة المملوكة للبهائيين، فضلًا عن طرد المعلمين والأساتذة والطلبة البهائيين من المؤسسات الأكاديمية، وكل ذلك بهدف خنق الجماعة البهائية اقتصاديًا.

تهميش الطائفة

وقد بدأت المحاولات الأولى لشل حياة البهائيين في إيران، عن طريق الاستيلاء على الشركات التي تنتمي إلى الطائفة البهائية أو المملوكة لأفراد بهائيين.

وأعقب ذلك مصادرة ممتلكات تعود للبهائيين الذين أعدموا بالفعل، ولا يعرف سوى القليل عن مكان هذه الأصول التي تمت مصادرتها، أو أسماء أولئك الذين استفادوا ماليًا من الاستيلاء عليها، ولكن الواضح هو أن الهدف وراء ذلك هو تهميش الطائفة البهائية في محاولة لجعلهم بلا حول ولا قوة، وأن يعيشوا دائمًا في أوضاع صعبة.

منذ بداية الثورة، أنشأ النظام الإسلامي لجانا جديدة في كل وزارة في البلاد، وكان من بين الأنشطة الرئيسة لهذه اللجان طرد البهائيين من المناصب الحكومية، وتم فصل جميع الموظفين الذين رفضوا اعتناق الإسلام من العمل، وحرموا من مستحقات تقاعدهم تمامًا.

وعند تعيين محمد علي رجائي وزيرًا للتعليم، وفيما بعد رئيسًا للوزراء، عمل على زيادة الجهود المبذولة لفصل البهائيين من المؤسسات الأكاديمية.

وفي بداية العام 1980، نشرت الصحف الإيرانية تقارير عن الطرد الجماعي لمعلمي المدارس الابتدائية والثانوية من البهائيين.

ونتيجة لذلك، أُجبرت الجامعات والمكاتب الحكومية والمتاحف وحتى الشركات الخاصة تدريجيًا على أن تحذو الأسلوب نفسه في التعامل معهم.

اضطهاد شعبي

ويسرد المقال تاريخ الاضطهاد الطويل الذي تعرض له البهائيون، ففي الأشهر الأولى، بعد انتصار الثورة الإسلامية، اتخذ آية الله سادوغي مواقف عدائية تجاه البهائيين، وأمر -خلال خطبة صلاة الجمعة- بطرد جميع البهائيين من مناصبهم.

وعقب تصريحاته، اقتحمت مجموعات من الإيرانيين في مختلف المدن منازل البهائيين، ونهبوا ممتلكاتهم وانهالوا عليهم ضربًا، وحرقوا منازلهم.

ووفقاً لبيان نشر في صحيفة كيهان في 7 ديسمبر العام 1981، تم طرد جميع البهائيين من المناصب والوظائف الحكومية السياسة الرسمية للنظام.

ونتيجة لذلك، تم إنهاء عقود جميع الأطباء والممرضين والمدرسين وغيرهم من المهنيين من الطائفة البهائية. وفي كل حالة تقريبًا، يكون سبب الحكم الصادر بالفصل هو رفض اعتناق الإسلام، ويمكنهم العودة إلى العمل فقط إذا أعلنوا إسلامهم.

وجاءت ضربة أخرى إلى المجتمع البهائي في العام 1984، عندما أعلن رجال الدين والمحاكم الإسلامية رفض دفع رواتب الموظفين البهائيين، واعتبروا أن دفع هذه الرواتب هو أمر غير قانوني، ونتيجة لذلك، تمت مطالبتهم بردّ أي مبالغ حصلوا عليها في أي وقت مضى، وكان العديد منهم غير قادر على الامتثال لهذا الأمر وسجنوا في وقت لاحق.

وفي إطار السياسات التي تنتهجها الحكومة، واجه المزارعون والقرويون البهائيون ظروفًا أشدّ قسوة، فالمزارعون الذين عملوا خلال أجيال لشراء أراض لعائلاتهم وكسب قوتهم، فقدوا كل شيء فجأة بأمر من رجال الدين، خلال خطب صلوات الجمعة.

وخلال فترة رئاسة محمود أحمدي نجاد، زاد اضطهاد البهائيين في إيران بشكل لم يسبق له مثيل في شدته ونطاقه، واستمر هذا الاعتداء حتى اليوم.

وحتى الآن، لا يتم الاعتراف بحق البهائيين في العمل، حتى في القطاع الخاص، ويتم استجوابهم واعتقالهم واحتجازهم بشكل عشوائي، وكثيرًا ما يتم الهجوم على منازلهم وأعمالهم ومحلاتهم التجارية، وكثيرًا ما أغلقت مكاتبهم قسرًا.

في العام 2008، بدأت ضغوط اقتصادية جديدة في مدينة سمنان، من خلال إلقاء القبض على بعض أعضاء المجتمع البهائي ومنعهم من الخروج من أماكن أعمالهم، وتم نقل هذه الهجمات في وقت لاحق إلى مدن أخرى مثل همدان، تنكابن، رفسنجان، ساري، ومدن أخرى كثيرة.

وكانت سمنان بمثابة مختبر لاستكشاف إستراتيجيات الاضطهاد الاقتصادي التي يمكن تنفيذها على البهائيين في أجزاء أخرى من البلاد.

ووفقًا لما قاله أحد رجال الدين في صلاة جمعة في سمنان: "إذا تمكنا من طرد البهائيين من سمنان، فإننا سوف نكون قادرين على طرد جميع البهائيين من كل أنحاء إيران".

وكان الهدف النهائي لهذه العملية هو قمع البهائيين لدرجة ألا يكون لديهم خيار سوى مغادرة وطنهم.

منع الميراث

ويقول المقال، إنه يحظر على جميع الشركات والمصانع والمتاجر والبساتين والأراضي الزراعية التابعة للبهائيين، الانخراط في أي عمل تجاري في سمنان، وذلك على الرغم من أن البهائيين قد اعتادوا أن يشغلوا مناصب رفيعة، منها مديرو مصانع ومزارع ورجال أعمال وصناعيون، حتى أنهم تلقوا سابقًا جوائز من الحكومة ورسائل شكر وتقدير من الوزارات المختلفة في الجمهورية الإسلامية، وحاليًا بالكاد يتمكنون من البقاء على قيد الحياة من الناحية المالية واضطروا للجوء إلى المهن المتدنية، بسبب الظلم الجائر من قبل السلطات التي تهدف لطردهم من بلدهم الأصلي.

وسيلة أخرى تستخدمها حكومة إيران لممارسة ضغوط اقتصادية على الطائفة البهائية، هي منعهم من حقوقهم في الميراث، فقد تمكن رجال دين مؤثرين معادين للبهائيين من اتخاذ خطوات لحرمانهم من نصيبهم الشرعي في المواريث، فإذا كان هناك أحد الأقارب من المسلمين في عائلة البهائي المتوفي يخصّص له الميراث بالكامل، بغض النظر عن العلاقة أو درجة القرابة.

وفي حالات أخرى، لا يوجد بين أقارب المتوفى أحدٌ من المسلمين، هنا يتم الاستيلاء على الأصول والميراث ونقلها إلى المؤسسات الحكومية المنشأة حديثًا لهذا الغرض.

وفي العام 2014، تم إغلاق مقر العديد من الشركات البهائية، بحجة أن أصحابها قد خالفوا النظام لإغلاق محلاتهم للمشاركة في أحداث يوم مقدس للبهائيين، إذ إن هناك تسعة أيام في السنة يتوقف فيها البهائيون عن العمل، وذلك على الرغم من أنه وفقًا للوائح الاتحاد التجاري في إيران، يسمح لأي شخص يحمل رخصة تجارية إغلاق شركته لمدة تصل إلى 15 يومًا متتالية، لأي سبب من الأسباب.

ولكن بغض النظر عن هذا، ترى الحكومة من خلال مكاتب الإشراف على الأماكن العامة أن إغلاق المحال التجارية في الأيام المقدسة للبهائيين يخالف مبادئ تأسيس الجمهورية الإسلامية في إيران.

اتهامات بالجاسوسية

لسنوات عديدة، تتواصل الجماعة البهائية العالمية مع منظمات حقوق الإنسان، وتطلب المساعدة في الدفاع عن البهائيين المضطهدين في إيران.

ويقول المسؤولون في الحكومة الإيرانية إن هذه المطالبات هي مؤامرات ضد إيران من قبل إسرائيل والولايات المتحدة والمملكة المتحدة، الذين ينشرون البهائيين كجواسيس في العديد من البلدان، وكثيرًا ما تتكرر هذه الاتهامات في وسائل الإعلام الرسمية للدولة الإيرانية.

وفي استجابة محدودة لنداءات المجتمع الدولي لإيران، لاحترام حقوق الإنسان في التعامل مع البهائيين، قال ممثل إيران لدى منظمة حقوق الإنسان، جواد لاريجاني: "اسمحوا لي أن أتحدث عن مسألة الأقليات وخاصة البهائيين التي تتم الإشارة إليها من معظم الزملاء ممثلي الدول الأوروبية.. البهائيون أقلية في إيران وهم مواطنون يتمتعون بجميع الامتيازات كأي مواطن في إيران، وكثير منهم أثرياء، ولديهم الكثير من المصانع النشطة اقتصاديًا، كما أن لديهم أساتذة في الجامعات، ولديهم طلاب في الجامعات، وهم يتمتعون بكل الامتيازات".

ويخلص المقال إلى أنه بغض النظر عن معتقدهم وإيمانهم، فالبهائيون هم من الشعب الإيراني، وازدهار إيران هو أعز رغبة لكل واحد منهم، يجب أن ينتهي العنف والاضطهاد والظلم ضد البهائيين عند الشعب الإيراني النبيل، ويجب الحفاظ أكثر من أي وقت مضى على حقوق البهائيين وغيرهم من الأقليات إذا رغبت طهران في متابعة طريقها نحو الديمقراطية.

فيديو..

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com