المخابرات التركية راقبت حتى ألوان ملابس أنصار غولن لكنها لم تكتشف الانقلاب
المخابرات التركية راقبت حتى ألوان ملابس أنصار غولن لكنها لم تكتشف الانقلابالمخابرات التركية راقبت حتى ألوان ملابس أنصار غولن لكنها لم تكتشف الانقلاب

المخابرات التركية راقبت حتى ألوان ملابس أنصار غولن لكنها لم تكتشف الانقلاب

سلّطت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، الضوءَ على فشل المخابرات التركية في كشف محاولة الانقلاب التي جرت في البلاد، رغم أنها كافحت من أجل فهم أدلة توصلت إليها، قبل المحاولة، وكانت تشير إلى احتمال وقوع انقلاب، لكن يبدو أن الأدلة لم توضح شيئًا حتى تحققت أسوأ مخاوفهم ليلة 15 يوليو الجاري.

وذكرت الصحيفة، في تقرير مطوّل لها، أن الفشل في الكشف عن محاولة الانقلاب، كشف أوجه قصور في وكالة المخابرات التركية، المعروفة باسم MIT، والتي يُنظر إليها على أنها تدير نظاما للمراقبة الداخلية واسع النطاق يدعي منتقدو الحكومة أنه يعمل على حماية الرئيس رجب طيب أردوغان.

وأضافت الصحيفة، نقلاً عن مسؤولين كبار بالمخابرات التركية، أنه خلال الأشهر التي سبقت انقلاب تركيا الفاشل، قام جهاز المخابرات باختراق غرف الدردشة على شبكة الإنترنت، وفك شفرة ملايين الرسائل السريّة، لكنه لم يعثر على أي شيء يتعلق بهذه المؤامرة.

وفحص الجهاز معلومات، تشير إلى انقلاب، لكنه لم يتوصل إلى شيء، ودرس المحللون بالجهاز خطب فيديو مسجلة لإمام تتهمه الحكومة بالمشاركة في توجيه المؤامرة، وإذا ما كان لون ثيابه قد أوحى بأوامر سرية لأتباعه.

وقال مسؤولون أتراك، للصحيفة، إن وكالات الاستخبارات الأمريكية، التي يتصف عملها مع المخابرات التركية بعدم الثقة، لم تكتشف أيضًا محاولة الانقلاب التي أضرت بسمعة ثاني أكبر جيش في منظمة حلف شمال الأطلسي،  مشيرين إلى أن الوكالات كانت تركّز فقط على حالة الاستياء السياسي، كما ركّزت أجهزة مراقبة الاتصالات الأمريكية في تركيا على المتشددين وليس على ضباط الجيش.

وكانت السلطات التركية، أشارت إلى الزعيم الديني فتح الله غولن المقيم بولاية بنسلفانيا في تدبير الانقلاب، وشنت حملة تطهير ضد عشرات الآلاف من شركائه المزعومين، وطالبت بتسليم غولن إلى تركيا؛ ما أضاف مزيدًا من التوتر بين البلدين، بحسب الصحيفة.

وينفي غولن ومنظمته "خدمة"، أي دور لهما في الانقلاب واتهما الرئيس أردوغان بتدبير الانقلاب، لبناء نظام دكتاتوري، وهو ادعاء نفاه أردوغان.

وقال ألب أصلاندوغان، المتحدث باسم غولن، إن الادعاءات التي تقول بتورط غولن في الانقلاب هي ادعاءات غير صحيحة، وإذا شارك المتعاطفون مع غولن في الانقلاب، فقد فعلوا ذلك دون الحصول على إذن منه.

وسعى غولن مرارًا وتكرارًا إلى أن ينأى بنفسه عن الانقلاب، وذكر في مقال له بإحدى الصحف هذا الأسبوع أن المشاركين فيه "خانوا مبادئه".

ويقول مسؤولون أمريكيون، إنهم يشتبهون في مشاركة أتباع غولن في الانقلاب ولكن الولايات المتحدة لم تتمكن من الوصول إلى المصادر الأولية في تركيا، لكي تحدد بشكل مستقل من فعل هذه المحاولة، وقالوا إنه حتى الآن لا يوجد أي دليل مقنع عن تورط غولن شخصيًا.

انهيار التحالف

وتلفت الصحيفة إلى أن غولن وأردوغان، كانا شريكين، قبل أن تحوّل وكالة التجسس التركية أنظارها إلى غولن، بفترة طويلة، وكان الرجلان يحملان فلسفات إسلامية مختلفة، لكنهما عملا معًا ابتداء من أواخر التسعينات للاستيلاء على السلطة من المؤسسة العلمانية في تركيا.

وطلب غولن، من أتباعه السعي نحو تولي أدوار قيادية في بيروقراطية الدولة، من أجل تعزيز حكومة أردوغان وتعزيز نفوذه.

وفي ذروة الشراكة العام 2010 ساعد أتباع غولن في الشرطة والقضاء والإعلام في سجن المئات من كبار الضباط بالجيش اتهموا بالتخطيط لانقلاب للإطاحة بالحكومة الاسلامية.

وقد تم إلغاء أحكام الإدانة، بعد مرور بضع سنوات بعد اكتشاف أن الأدلة كانت ملفقة، ولكن مسؤولين أتراكا وأمريكيين قالوا إن الشراكة مهدت الطريق أمام المتعاطفين مع غولن للارتقاء إلى المواقع القيادية في الجيش.

وفي العام 2012 انهار التحالف بين أردوغان وغولن بسبب خلافات حول تقاسم السلطة، ما أدى إلى وضع أنصار غولن  تحت رقابة رئيس جهاز المخابرات التركية هاكان فيدان.

وفي داخل جهاز المخابرات التركية، قضى مجموعة من كبار المحللين أيامًا طويلة في جمع معلومات عن أتباع غولن وتحليل خطبه، سواء كلماته أو إشاراته، من أجل التوصل إلى رسائل خفية مزعومة.

وأصاب غولن ومجموعته جهاز المخابرات بالإحباط لفترة طويلة، فنظرًا لإدراكهم بتجسس المخابرات عليهم، فرضوا نظامًا صارمًا على الاتصالات الجارية بينهم، بمساعدة بعض العاملين المخضرمين بالاستخبارات العسكرية الذين يجيدون لعبة التجسس.

وقال أصلاندوغان، المتحدث باسم غولن، إن الحركة "لديها مشكلة مع الشفافية" بسبب الاضطهاد الطويل الأمد الذي تعرضت له من قبل الدولة التركية.

وتوقف الزعيم الديني، عن استخدام الهواتف وأعطى تعليماته بشكل شخصي إلى مجموعة قليلة من كبار مستشاريه خلال زياراتهم له في منزله بولاية بنسلفانيا، وطلبت أنقرة من واشنطن منع أتباع غولن من دخول الولايات المتحدة، لكن المسؤولين بالإدارة الأمريكية لم يعتقدوا أنهم يشكلون تهديدًا.

وبحسب مسؤولين كبار في الاستخبارات التركية، بدأت جماعة غولن في العام 2014 باستخدام تطبيق  ByLock للرسائل المشفرة لتجنب الكشف عن تحركاتها.

وقال أحد الأشخاص المقربين من الحركة: "ليس لدي أي معرفة مباشرة بمثل هذه الممارسة. وإذا كان هذا صحيحًا، فقد يكون لمحاولة تجنب غضب الحكومة".

واكتشف جهاز المخابرات قناة الاتصالات هذه، في الشتاء الماضي، وبدأ عملية شاقة لفك تشفير الرسائل، والتي بلغ عددها بالملايين. وحددت المخابرات في نهاية المطاف 40 ألف اسم، من بينهم 600 من كبار ضباط الجيش، يشتبه في صلتهم بالجماعة.

وقال مسؤولون كبار بالمخابرات التركية، إن رسائل تطبيق ByLock لم تُشر إلى مؤامرة انقلاب.

وعلمت وكالات الاستخبارات الأمريكية بتزايد المعارضة السياسية لأردوغان، وشمل تقييم أمريكي سري تركيا ضمن قائمة من البلدان المعرضة لخطر تزايد عدم الاستقرار السياسي ولكنه لم يتوقع حدوث انقلاب.

وقال مسؤولون كبار بالمخابرات التركية إنه بعد فترة وجيزة من توصل المخابرات التركية لرسائل جماعة غولن على تطبيق ByLock أدرك عناصرها أن القناة تم اكتشافها وتحولوا إلى تطبيق آخر للرسائل ظل عصيًا على الاختراق.

وفي أوائل الربيع، تشاركت وكالة الاستخبارات التركية الملفات غير المشفرة مع الوزارات الحكومية الأخرى.

وبعد مرور عدة أيام، في 21 مارس، رأى محللون أتراك "فيديو" على موقع يوتيوب يظهر فيه غولن مرتديًا لأول مرة رداءً كاكي اللون الذي يشبه لون الزي الذي يستخدمه الجيش التركي.

ويعتقد المحللون في المخابرات إنه كان يوجّه إشارة بذلك الزي لأتباعه في الجيش، ولكن لم يكن لديهم فكرة عن ماهية هذه الإشارة. وقال شخص قريب الصلة من جماعة غولن، إن هذه التكهنات لا أساس لها من الصحة.

اكتشاف المؤامرة

وقبل أربعة أيام من وقوع الانقلاب أحالت وكالة المخابرات التركية أسماء ضباط الجيش الـ 600 المشتبه بهم لهيئة الأركان العامة للجيش، بحسب الوول ستريت. وكانت الخطة تتضمن تهميشهم خلال الاجتماع السنوي لقادة الجيش في أغسطس.

وفي وقت متأخر، بعد ظهر يوم 15 يوليو، حصل المحللون في وكالة المخابرات التركية على معلومات سرية، تفيد بتحركات غير عادية للقوات في القاعدة الجوية بأكاديمية أنقرة، بالإضافة إلى قاعدة أكينسي الجوية التي تقع على بُعد 30 ميلاً شمال غرب العاصمة.

وأعد ضباط كبار في وكالة الاستخبارات تقريرًا موجزًا وأرسلوه عن طريق الفاكس إلى مقر قيادة الأركان العامة للجيش. وفي حوالى الساعة 5:30 مساء ذهب نائب رئيس المخابرات التركية إلى مقر قيادة الأركان العامة لتبادل المعلومات بشكل مباشر حول شكوك الوكالة بشأن تحركات القوات.

وقام قائد كبير بزيارة الأكاديمية ووجد طائرات هليكوبتر هجومية مسلحة بصواريخ. وقيل له إنها كانت معدة من أجل تدريبات عسكرية؛ ما أبقى على الشكوك.

وقال مسؤولون في المخابرات التركية، إنهم بذلوا أقصى ما في وسعهم، نظرًا لصعوبة جمع معلومات استخباراتية من شبكة متطورة من المتآمرين.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com