رئيستا بريطانيا وألمانيا مسيحيتان متدينتان تتجنبان الإساءة للإسلام
رئيستا بريطانيا وألمانيا مسيحيتان متدينتان تتجنبان الإساءة للإسلامرئيستا بريطانيا وألمانيا مسيحيتان متدينتان تتجنبان الإساءة للإسلام

رئيستا بريطانيا وألمانيا مسيحيتان متدينتان تتجنبان الإساءة للإسلام

سلّطت صحيفة "ايكونوميست" البريطانية، الضوء على رئيستي بريطانيا وألمانيا، كونهما القائدتان اللتان تشكلان اليوم مستقبل أوروبا، هما مسيحيتان متدينتان من جهة، وأنهما قد لا تكونا على اطّلاع فعلي في أحكام الدين، ما قد يوقعهما بالعديد من الإشكالات.

ونشأت رئيسة الوزراء البريطانية الجديدة "تيريزا ماي" لسن معينة، كطفلة وحيدة للأنجيليكاني من أوكسفورد شاير، ما فرض عليها مكانة والدها الاجتماعية الراقية مقابل عدم امتلاكه للمال. بينما نشأت المستشارة الألمانية "أنجيلا ميركل" كابنة لقسيس لوثري في الشرق الشيوعي الألماني، وهو دور يناقض النظام الاجتماعي السائد ولو بطريقة هادئة.

كلتاهما تعلمان شعور النشأة على يد شخص يتوقع منهن معايير أخلاقية عالية شبه مستحيلة التحقيق، وعلى يد شخص يُتوَقع منه حل جميع أشكال الخلاف التي تظهر في المجتمعات التي تتبنى أسلوبه في التفكير.

اليوم، لا تزال القائدتان ممارستان ولو بالسر للعقيدة التي نشأتا عليها. ويعد ذكرهما للعقيدة نادرًا للغاية، لدرجة أنهما حين ذكرهما لها، يتفاجأ المستمعون. فالمستشارة ميركل أشارت إلى كونها من الكنيسة الأنجيلية (البروتستانتية) التي تعد العقيدة فيها " ملازم مستمر" للإنسان، بينما أشارت رئيسة الوزراء الجديدة ماي متحدثة لمقدمة برنامج إذاعي، أن الانتساب لكنيسة إنجلترا هو "جزء لا يتجزأ مني... وهو بدون شك يساعد في تشكيل أفكاري" بالرغم من " أننا لا نتباهى عادة بهذه الأمور في السياسة البريطانية".

وتتساءل صحيفة "ايكونوميست" البريطانية، "ما الذي سيسجله مؤرخو المستقبل حول أثر التعاليم المسيحية على الرئيستين؟"، مجيبة أن ماي أثبتت أن أفكارها قابلة للتطور بصورة قد تدهش أباها من الكنيسة الأنجيليكانية العليا، والذي توفي بحادث سير عندما كانت تبلغ من العمر 25 سنة.

وباتت ماي فجأة من أشد المدافعين عن زواج المثليين، تحت ذريعة: " إن كان شخصان يهتمان ويحبان بعضهما البعض، عندها يجب أن يكونا قادرين على الزواج".

تشددهما المسيحي والاسلام..

وتشير الصحيفة البريطانية، إلى أنه من المفارقات أن كلتا الرئيستان ماي وميركل قد تذكران كسياسيتان مسيحيتان منفتحتان بشدة على إمكانية دمج الإسلام في الديمقراطية الليبرالية الأوروبية. الأمر الذي ترجح الصحيفة أنه يعود إلى احترامهن الفطري للأديان بشكل عام، ما يفسر تجنبهما الوقوع في فخ معاداة جوهر الإسلام.

وأظهرت ميركل باستمرار أن "الإسلام ينتمي لألمانيا"، وبالرغم من أن ألمانيا لا تملك ديانة رسمية، إلا أن المسيحية البروتستانتية والكاثوليكية تمتلكان مكانة راسخة في الجمهورية الفيدرالية، وتحديدًا في التعليم، ضمن اعتقاد أنهما ستدعمان الديمقراطية ولا تقللان من أهميتها. ويشير تصريح ميركل إلى أن العقيدة الإسلامية بصورة منقحة قد تجد مكانها في ألمانيا، كما حللت الصحيفة.

وفي ذات السياق، أثارت السيدة ماي ( في وظيفتها السابقة كوزيرة داخلية) غضب الحركة العلمانية بسبب أحكامها المتساهلة المتمثلة بالإعلان عن إنشاء لجنة تحقيق بقيادة الأكاديمية المسلمة المتميزة منى صديق، لدراسة إمكانية تفعيل القوانين الإسلامية في مجال الأسرة في القانون البريطاني.

ويشكل الاحتكام إلى"مجالس الشريعة الإسلامية" للفصل في قضايا الطلاق والميراث معضلة لكثير من الحكومات الديمقراطية الليبرالية، فمن جانب، تتيح بريطانيا (على النقيض من فرنسا) للأشخاص توريث ممتلكاتهم لأي شخص يختارونه، وإن اختاروا كتابة وصية وفقًا للمبادئ الإسلامية، فإنهم يمتلكون حرية ممارسة هذا الحق بشكل رسمي.

إلا أنه من جانب آخر، قد يشعر الأشخاص الذين نشأوا ضمن ثقافة اسلامية تقليدية بضغط شديد يجبرهم على قبول الفصل في شؤون الأسرة على أسس اسلامية، وذلك يثير تساؤلات حول مدى حرية الاختيار الممنوح لهؤلاء.

ويرى العلمانيون ( المسيحيون المتشددون) أن السيدة ماي تحدثت باستخفاف شديد للغاية عندما استجابت لاقتراح، أن المشكلة الوحيدة تكمن في الإساءة لظاهرة تعد حيادية أو حميدة العواقب. وكان ما قالته ضمن جملة من الأمور الأخرى هو أن " العديد من البريطانيين من عقائد مختلفة يتبعون قوانين وممارسات دينية، ويلتزمون بالتوجيهات التي تقدمها بشكل كبير. إلا أن عددًا كبير من النساء كن ضحايا لما يبدو أنه قرار تمييزي من قبل مجالس الشريعة الإسلامية، ما يشكل مصدر قلق كبير".

ورد العلمانيون فورًا على ادعائها بأن بعض جوانب القوانين الإسلامية في الشؤون الأسرية (مثل إعطاء المرأة نصف حقوق الرجل في الميراث، وتسهيل شروع الرجل بالطلاق) تعد تمييزية بجوهرها؛ فالمشكلة تقع في القوانين نفسها، وليس في تطبيقها غير العادل.

وبالنسبة لشخص من خلفية شبيهة بخلفية السيدة ماي، من غير الممكن التسرع في إطلاق الأحكام. فهي تعتقد بشكل يفوق نظراءها العلمانيين أن الأفراد يشعرون بالراحة عند اتباع قوانين ونصوص، وشعائر وتقاليد قد تبدو غريبة عند الآخرين.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com