هل بدأت تركيا تكتوي بنيران متشدديها من أتباع داعش؟
هل بدأت تركيا تكتوي بنيران متشدديها من أتباع داعش؟هل بدأت تركيا تكتوي بنيران متشدديها من أتباع داعش؟

هل بدأت تركيا تكتوي بنيران متشدديها من أتباع داعش؟

جاء الهجوم على مطار اسطنبول الثلاثاء الماضي والذي خلف 44 قتيلا وأكثر من 200 مصاب ليكشف عن خطر داخلي تعانيه تركيا، من متشددين داخل البلاد ينتمون أويتعاطفون مع تنظيم الدولة المتشدد.

وقال مسؤولون أتراك إنهم يعتقدون أن متشددين من تنظيم داعش من روسيا وقرغيزستان وأوزبكستان هم الذين نفذوا الهجوم وأنهم اعتمدوا فيما يبدو على دعم لوجيستي من خلايا التنظيم في تركيا.

واحتجزت الشرطة 24 مشتبها بهم خلال مداهمات على مدى يومين في أنحاء اسطنبول بعضهم من سلطان بيلي، وفي حي الفاتح قرب قلب المدينة التاريخي كان أحد السكان يزيل عبارة كتبت على جدار منزل يعتقد أن المهاجمين كانوا يستخدمونه.

وكانت العبارة هي "لا نريد مختارا يؤوي تنظيم الدولة " في إشارة لمسؤول الإدارة المحلية المنتخب.

الأتراك يتعاطفون مع داعش

وأظهرت دراسة أجراها معهد بيو ومقره الولايات المتحدة في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي في 11 دولة تضم عددا كبيرا من السكان المسلمين أن 8 % من الأتراك ينظرون لداعش نظرة إيجابية، بينما قال 19 % إنه لا رأي لهم، وحلت تركيا في المركز الخامس في أعلى مستوى للتعاطف مع التنظيم.

وقال سليمان أوزيرين الخبير في مجال الإرهاب ورئيس معهد السياسة العالمية والاستراتيجية في أنقرة "هناك قطاع كبير من السكان في تركيا لا يعتبر الدولة الإسلامية ولا النصرة من الجماعات الإرهابية. وهذا يظهر كيف يمكن أن تجد هذه الكيانات دعما."

وتكشف قصة الشاب مراد كيبجاك البالغ من العمر 25 عاما، عن انتشار فكر التنظيم المتشدد في صفوف الشباب التركي، فبعد شهور قليلة من بدء حضوره اجتماعات جماعة متشددة في إحدى الضواحي الفقيرة باسطنبول توقف مراد عن قراءة القرآن والصلاة في المسجد، ووصم أسرته الكردية المحافظة بالكفر وقال إن قتل أفرادها سبيل لدخول الجنة.

وبعد قليل أرسل ما يفيد بسفره هو وطفله الصغير وزوجته إلى العراق للانضمام إلى تنظيم الدولة.

وفي منزله في حي (سلطان بيلي) على المشارف الشرقية لاسطنبول قال والده "أعطينا الشرطة أرقام الهاتف والأسماء وأرقام السيارات، قدمنا كل شيء لكن شيئا لم يحدث"، مضيفا أنه أبلغ عن سفر ابنه للعراق بعد أن زاد ارتياب الأسرة في تصرفاته.

قصة مراد ابن الطبقة العاملة المتعلم الذي أخذ منحى سنيا متشددا في غضون بضعة شهور تبرز نقطة ضعف في تركيا في وقت تحاول فيه منع تنظيم الدولة من تنفيذ هجمات أخرى مثل الهجوم الذي شهده مطار أتاتورك في اسطنبول هذا الأسبوع.

لم يخف مراد كيبجاك إذن خططه للسفر إلى سوريا والالتحاق بالدولة كما قال والده حتى أنه كان يشيد بالتنظيم ويتحاور مع من يبدون تعاطفا معه، ومثل العديد من الأسر الأخرى قال الأب إن تحذيراته للسلطات لم تجد آذانا صاغية.

عين مفتوحة وأخرى مغمضة

ويقول الشاب محمد ذو الخمسة والعشرين عاما، وهو من حي بيرم باشا الذي تقطنه الطبقة العاملة في اسطنبول إن "الشرطة تقول إن هؤلاء ذهبوا بمحض إرادتهم وإنهم يتمتعون بحرية السفر ومن ثم لا يمكنها منعهم" وأضاف أن أخاه سافر إلى سوريا للانضمام لداعش في 2013.

وتابع محمد قائلا إن أخاه عاد منذ ذلك الحين مرتين وفي المرة الأخيرة سافر للعراق، ورفض ذكر اسمه كاملا لأن الأسرة تخضع للتحقيق.

وفي أعقاب هجوم الثلاثاء كثفت الشرطة حملاتها على أوكار المشتبه بهم، لكن محمد الذي اعتزل أخوه الناس منذ عام 2015 قال إن هذا جاء بعد فوات الأوان.

وأضاف "هؤلاء الذين أصبحوا مقاتلين في سوريا هم أبناء حينا، الشرطة تعرفهم فلماذا تأخرت؟ لكنها تقول: "الاجتماع والتحدث في الإسلام ليس جريمة، وهكذا يظل الأمر مستمرا".

أيديولوجية قوية

وعلى مدى عام شهدت تركيا -العضو في حلف شمال الأطلسي والشريك في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة على تنظيم الدولة في سوريا والعراق- 6 هجمات انتحارية على الأقل ألقيت المسؤولية فيها على التنظيم.

وكانت أعنف هذه الهجمات في العاصمة أنقرة في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي عندما وقع تفجير انتحاري مزدوج أثناء تجمع نشطاء مؤيدين للأكراد مما أسفر عن مقتل أكثر من 100 شخص. 

وقبل هجوم المطار استهدف اثنان في اسطنبول هذا العام سياحا أجانب مما أوقع 16 قتيلا معظمهم ألمان وإسرائيليون.

وشددت قوات الأمن الإجراءات عند الحدود السورية ورحلت أو احتجزت آلاف المشتبه بهم في السنوات الأخيرة لكن خبراء في مجال الاستخبارات يقولون إن تركيا مثلها مثل كثير من البلدان الأوروبية تجد صعوبة في التصدي للتشدد في الداخل وللتعرف على أساليب التنظيم الجديدة والعمل على إحباطها.

وتساءل حلمي ديمير الباحث في معهد تيباف في أنقرة والمتخصص في أنشطة الجماعات المتطرفة قائلا "هل نحن مستعدون للهجوم المقبل؟ كلا للأسف."

وأضاف "الأمر يحتاج مجموعة جديدة من الاستراتيجيات والتكتيكات ونحن نحتاج أن نفهم سبب سقوط هؤلاء الناس في دائرة التطرف؛ تنظيم الدولة لديه أساليب أيديولوجية قوية جدا، لا يمكنك أن تحارب مثل هذه الجماعات بالإجراءات العسكرية وإجراءات مكافحة الإرهاب وحدها".

ذريعة الأسد

كانت تركيا تعزف في البداية عن الانضمام للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة قائلة إنه لا يمكن أن تكون هناك نهاية لحرب تهدد استقرار المنطقة دون رحيل الرئيس السوري بشار الأسد ومساندة من سيطيحون به.

ويقول منتقدو تركيا إنها أبدت استعدادا كبيرا لدعم جماعات إسلامية متشددة تقاتل الأسد مما ساهم في تهيئة أجواء مكنت تنظيم داعش من ترسيخ وجودها. 

وتنفي أنقرة هذا وتقول إنها سارعت بإعلان أن داعش منظمة إرهابية وإن خسارة تركيا ستكون الأفدح في حال اتساع نفوذ التنظيم.

وتظهر بعض الوثائق أن الشرطة التركية كانت تراقب أنشطة أشخاص يشتبه أنهم من الأعضاء غير البارزين في التنظيم منذ فترة ترجع إلى عام 2013.

وقال آرون ستين الزميل بالمجلس الأطلسي إن السلطات لا تتدخل فيما يبدو في إطار استراتيجية للمراقبة تهدف لرصد الشبكة واستهداف قيادييها.

وأضاف أن "الدروس المستخلصة تشير إلى أن مسؤولي مكافحة الإرهاب بحاجة لاتباع نهج أقوى بكثير في القضاء على الأشخاص متوسطي المستوى العاملين على استقطاب العقول داخل المجتمعات التركية المختلفة".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com