بعد الانتخابات الأخيرة.. هل تنقذ حركة الإصلاح إيران من المتشددين؟
بعد الانتخابات الأخيرة.. هل تنقذ حركة الإصلاح إيران من المتشددين؟بعد الانتخابات الأخيرة.. هل تنقذ حركة الإصلاح إيران من المتشددين؟

بعد الانتخابات الأخيرة.. هل تنقذ حركة الإصلاح إيران من المتشددين؟

أكدت صحيفة "فير أوبزيرفر" الأمريكية، أن الانتخابات الإيرانية التي جرت مؤخرًا، أظهرت مدى قوة التأييد لحركة الإصلاح في البلاد، والتي أعتقد الكثيرون أنها قد عفا عليها الزمن.

وأضافت الصحيفة، أن إيران لا تعيش في الوقت الحالي انفتاحًا اقتصاديًا فقط، وإنما اجتماعيًا أيضًا، وبعد توقيع إيران الاتفاق النووي التاريخي مع القوى الدولية ( 5+1 ) التي تضم الأعضاء الدائمين بمجلس الأمن الدولي، بالإضافة إلى ألمانيا في الشتاء الماضي، وهي الدول التي انضمت سابقًا إلى العقوبات التي تقودها الولايات المتحدة ضد الجمهورية الإسلامية - تسعى جاهدة الآن للدخول في أعمال تجارية مع طهران، وأصبحت إيران الآن عضوًا في المجتمع الدولي ولم تعد معزولة.

وقالت، إن المتشددين في النظام الإيراني يرحبون بالانفتاح الاقتصادي، لكنهم يريدون مواصلة غلق المجتمع أمام النفوذ الغربي، إلا أن التطورات الأخيرة أثبتت أنهم لا يستطيعون فعل ذلك.

ورأت الصحيفة، أن الزخم المؤيد لحركة الإصلاح لا يمكن إنكاره أو منعه، وعلى الرغم من الهزيمة الساحقة التي منيت بها "الحركة الخضراء" في العام 2009، وسجن قادتها، إلا أن حركة الإصلاح لم تمت.

انتخابات فبراير تمثل نقطة تحول

منع مجلس صيانة الدستور - وهو فرع من الحكومة مُكلف بالإشراف على الانتخابات والموافقة على المرشحين- تقريبًا كل المعتدلين أو أولئك الذين يقعون في معسكر الاعتدال والإصلاح، من الترشح في الانتخابات الحاسمة التي جرت في فبراير الماضي، وتضمنت هذه الانتخابات كلا من مجلس الشورى (البرلمان الإيراني) ومجلس الخبراء (المكلف بمهمة تعيين وعزل المرشد الأعلى وتعيين خلف له)، ويجرى انتخاب المرشد الأعلى كل 8 سنوات، وانتخابات هذا العام بصفة خاصة تعتبر هامة جدًا بالنظر إلى عمر وصحة المرشد الأعلى الحالي آية الله علي خامنئي.

ولم يتم الموافقة في البداية إلا على 30 شخصًا فقط من المعتدلين الـ 3000 الذين ترشحوا لانتخابات مجلس الشورى، ولم تكن قيود مجلس صيانة الدستور على المرشحين بنفس قوة القيود التي فرضها مجلس الخبراء، ولكنه رفض 166 من 801 من المرشحين الإصلاحيين، وكان أحدهم حفيد المرشد الأعلى الأول حسن الخميني.

وعلى الرغم من أن مجلس صيانة الدستور برر رفضه من خلال الزعم بأنه يفتقر شروط الترشح، ولكن الكثيرين تكهنوا بأن رفضه كان بسبب علاقاته الوثيقة مع الإصلاحيين الأقوياء، مثل الرئيس روحاني نفسه، وبعد الضجة الكبيرة التي أثارها الإيرانيون والإدانات الدولية واسعة النطاق للقيود الشديدة التي فرضها مجلس صيانة الدستور على المرشحين، أعاد المجلس النظر في قراره الأولي، وسمح للمزيد من المعتدلين بخوض الانتخابات.

كما سُمح لـ 55٪ من المعتدلين بخوض الانتخابات البرلمانية، لكنها كانت أقل بكثير من نسبة الـ67٪ التي خاضت الانتخابات التي جرت العام 2012، والتي تعتبر أول انتخابات منذ الانتخابات الرئاسية المضطربة والتالية لانتفاضة "الحركة الخضراء" ضد النظام العام 2009. وشكل الاتفاق النووي دفعة قوية للإصلاحيين.

هيمنة الإصلاحيين

وكذلك كانت نتائج انتخابات 2016، فعلى الرغم من القيود الشديدة، اكتسح الإصلاحيون الانتخابات، وفازوا بجميع المقاعد البرلمانية الـ 30 في طهران، وفي المجموع فازوا بـ 95 مقعدًا من 290، جرى التنافس عليها، ويشغل المحافظون الآن 92 مقعدًا فقط في البرلمان، بعد فوزهم بـ 103 مقاعد في انتخابات فبراير.

ويعدّ ائتلاف المعتدلين والإصلاحيين الآن مساويًا تقريبًا مع ائتلاف المحافظين الأقل تنظيمًا، وساعدت انتخابات الإعادة التي جرت في 29 أبريل في دخول المزيد من الإصلاحيين في البرلمان، على الرغم من أنهم لم يتمكنوا من الحصول على الأغلبية.

وهيمن الإصلاحيون -أيضًا- على مجلس الخبراء، خلال الجولة الأولى من الانتخابات، وربما خلقوا أكبر مفاجأة انتخابية للمحافظين، وجاء الرئيس السابق وحليف الإصلاحيين أكبر هاشمي رفسنجاني في المقدمة، بينما جاء الرئيس الحالي، حسن روحاني، في المركز الثالث. وتضاعفت مقاعد الإصلاحيين في مجلس الخبراء من 23٪ في انتخابات 2006 إلى 59٪ في انتخابات فبراير.

وينتاب الكثير من الإيرانيين الشكوك –حسب الصحيفة- بأن البلاد ستشهد تغييرًا كبيرًا بصرف النظر عن نتيجة الانتخابات، إذ لا يزال القرار النهائي في يد المرشد الأعلى ويستحوذ على معظم مقاليد السلطة في الجمهورية، وأن أي جهود للإصلاح ستكون غير مجدية ما دام المرشد الأعلى غير مستعد لقبولها.

انتخاب خاتمي

ويشير المشككون في ذلك، إلى الفترة الماضية التي تولى فيها الإصلاحي محمد خاتمي رئاسة البلاد.

ولقد فتح انتخاب خاتمي رئيسا في العام 1997، الأبواب أمام تطوير المجتمع المدني، وألهمت الناس دعواته للحرية والديمقراطية، وشعروا بفرصة الحديث علانية ضد الحكومة، وازدهرت المنظمات غير الربحية في ظل الإدارة الجديدة التي سمحت وشجعت مفهومها.

وخفف خاتمي القيود المفروضة على وسائل الإعلام التي خلقت مساحة لانتقاد السلطة وعرضت وجهات النظر الأخرى بخلاف القنوات الإخبارية الحكومية التي تخضع لرقابة مشددة.

ومع ذلك، في العام 1999، وخوفًا من تأثير الحرية التي أتاحها خاتمي على المجتمع، أمرت المحكمة الخاصة لرجال الدين بإغلاق الصحيفة اليسارية الكبرى، سلام، التي أسهمت في صعود نجم خاتمي أثناء الانتخابات الرئاسية.

وأثار قرار المحكمة، التي تخضع للولاية القضائية المباشرة للمرشد الأعلى ويتم تعيين قضاتها بأمر من المرشد، احتجاجات طلابية حاشدة في طهران، وأمر خامنئي بشن حملة قمع وحشية على الاحتجاجات أدت إلى وفاة الكثيرين واعتقال المئات، وبدلًا من إدانة الهجمات وقف خاتمي إلى جانب المرشد الأعلى بالدعوة إلى وضع حد للاحتجاجات.

وأصبحت الحملة بمثابة تذكير للكثيرين، بأن الحكومة لن تتسامح مع الإصلاح، حتى إذا تم تنفيذه من قبل رئيس جمهورية منتخب، كما أنها غرست أيضًا انعدام الثقة تجاه القادة السياسيين الإصلاحيين الذين يبدون أكثر تأييدًا للمرشد الأعلى والحفاظ على الجمهورية الإسلامية بدلًا من إصلاحها.

وكان قرار خاتمي، بالوقوف إلى جانب المرشد الأعلى قرارًا استراتيجيًا، فقد كان يعتقد بقوة أن خاتمي هو الأمل الوحيد لتحرير إيران، وأن التوفيق بين الديمقراطية والإسلام كان للعمل مع النظام السياسي وليس ضده.

وعلى الرغم من أنه كان غير معروف نسبيًا في ذلك الوقت، فقد هدد الحرس الثوري الإيراني - الجناح العسكري للحكومة والذي يخضع لقيادة المرشد الأعلى-،  بالإطاحة بخاتمي من السلطة إذا وقف إلى جانب المحتجين.

وعلى الرغم من أن العديد من إصلاحاته في فترة ولايته، التي استمرت 8 سنوات كرئيس للدولة تراجعت في فترة ولاية خلفه، الرئيس محمود أحمدي نجاد، إلا أنه قد تم زرع بذور الإصلاح التي تسمح بالتغيير المجتمعي الطبيعي.

حملة على الإصلاحيين

وقد تلقت الحركة الإصلاحية ضربة في العام 2009، وشنت السلطات حملة واسعة أسفرت عن عشرات القتلى والمختفين واعتقال المئات، وما زال الكثير منهم قابعًا في سجن ايفين سيئ السمعة، ووضعت السلطات القادة الفعليين للحركة الخضراء، موسوي والمرشح الرئاسي الإصلاحي الآخر مهدي كروبي، قيد الإقامة الجبرية وما زالوا محتجزين حتى الآن، وقيدت السلطات وسائل التواصل الاجتماعي بشدة بعد ذلك.

وفي حين عرقلت هذه الحملة قدرة حركة الإصلاح على تنظيم صفوفها بشكل فعال، لكن لا يمكنها إضعاف الإيمان بالحاجة إلى الإصلاح.

وأشارت الصحيفة، إلى أنه مع تزايد عدد الإيرانيين المطالبين بإجراء تغييرات في مجالات الحقوق المدنية والإنسانية والسياسية، سيكون من الصعب على المؤسسة المتشددة مواصلة قمع التحرير الحتمي للبلاد، ورأت أن حركة الإصلاح هي أبعد ما تكون عن الموت، لأنها تشهد ازدهارًا.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com