كيف وظفوا الاختراق الإلكتروني للتشويش على زيارة محمد بن سلمان لواشنطن؟
كيف وظفوا الاختراق الإلكتروني للتشويش على زيارة محمد بن سلمان لواشنطن؟كيف وظفوا الاختراق الإلكتروني للتشويش على زيارة محمد بن سلمان لواشنطن؟

كيف وظفوا الاختراق الإلكتروني للتشويش على زيارة محمد بن سلمان لواشنطن؟

يبدو أن الذين خططوا لعملية اختراق موقع وكالة الأنباء الأردنية "بترا"، الأحد الماضي، وزرعوا فيه خبرًا مدسوسًا على لسان ولي ولي العهد السعودي، عشية زيارته الرسمية للولايات المتحدة، ربما حققوا بعضًا من غرضهم السياسي، وهو التشويش على الزيارة التي تتضمن برنامجًا سياسيًا وآخر اقتصاديًا يقع في صلب المعادلة المتحركة للشرق الأوسط.

فخلال الساعات العشرين التي فصلت بين بث الخبر المدسوس، وبين البيان التوضيحي الذي صدر من "بترا"، كان الغبار الإعلامي قد لفّ الكرة الأرضية دورتين: وجد الخبر من يوزعه أو يتلقفه مع أنه لم يمكث على الهواء سوى بضع دقائق قبل أن تعيد الوكالة تصحيح الخلل الاختراقي.

كما وجد الخبر أطرافًا عديدة تعممه وتبني عليه. بعضها في المنطقة مثل موقع العهد التابع لحزب الله في لبنان، وموقع العالم الإيراني، وعنه نقلت مواقع عربية عديدة لم تدقق – كالعادة – في الخبر وسياقاته الزمنية المثيرة للريبة، ولا في صياغته التي تفتقر للمهنية حيث لم يورد أي توقيت زمني محدد لاعطاء التصريح، ولا مبرر لتخصيص إعطائه للوكالة الأردنية.

هذا فضلاً عن الفجاجة السياسية في إيراد أرقام ومعلومات يمكن لأي إعلامي محترف أن يتشكك بها، وبمبرر أن يتحدث بها رجل دولة في طريقه لزيارة عليها رهان كبير .

خط  سير الغبار الإعلامي

الملفت أساسًا في خط سير الخبر المدسوس، هو العلاقة المحتملة بين مخترقي موقع "بترا" زارعي الخبر المدسوس، وبين الجهات الأولى التي نشرته.

طرفان إعلاميان، واحد مقره لندن والآخر الولايات المتحدة الأمريكية، وقع بأيديهما (بشكل أو بآخر) الخبر الذي جرى زرعه في "بترا" لعدة دقائق.

في لندن نشر موقع "ميدل ايست آي" صباح الاثنين خبرًا أعطاه عنوانًا مطولاً: "تقرير رسمي جرى حذفه يقول إن السعودية ممول رئيس لحملة هيلاري كلينتون".

طريقة  توجيه التقرير على الموقع البريطاني، الذي يرأسه ديفيد هيرست، تضمنت نقطتين عممتها بعد ذلك عشرات المواقع الإخبارية بالعربية والانجليزية، الأولى هي أن وكالة "بترا" الأردنية نشرت الخبر ثم  عادت وحذفته، ما يعطي انطباعًا فوريًا بأن مصدر الخبر وكالة رسمية لبلد شقيق شديد الموثوقية مع السعودية، وأن الخبر أحدث ضجة فجرى سحبه.

والثانية هي أن البيانات والأرقام والرسائل التي تضمنها التصريح المنسوب للأمير محمد بن سلمان، جرى التعامل معها كأنها قطعية، ثم جرى البناء عليها، مع أن صحفيا مثل هيرست يعرف تماما - أو هكذا يفترض – أن أي مسؤول سعودي لا يمكن ان يدلي بمثل هذه الأقوال، ومع ذلك بنى عليها التقرير توسيعات وخلفيات طالما كانت موضع جدل في الإعلام الأمريكي وبين الحزبين الديمقراطي والجمهوري.

وزاد الموقع بأن صنعَ جدولا توضيحيا برؤية الأمير محمد لزيارته للولايات المتحدة وهو جدول مستقى من الخبر المختطف مع ترقيم يبعث برسائل تشويش بحرفة اعلامية.

الطرف الثاني نشر الخبر باللغة العربية وكان "معهد واشنطن لشؤون الخليج"، وربما لانه يتشكك أصلا في صحة الخبر المنسوب لـ"بترا"، فقد أورد صورة للخبر المزروع في لحظات اختطاف موقع بترا.

التوقيت والمحتوى

كان ملفتًا في هذا التتابع بنشر الخبر، الذي اشتغلت عليه المواقع الايرانية والتابعة لحزب الله والحوثيين، أن توقيت عملية الاختراق مدروسة بدقة للتزامن مع بداية الزيارة الرسمية للأمير محمد بن سلمان، بحيث تتقاطع مع مجريات معارك إعلامية شرسة بين المرشحين للرئاسة الأمريكية عن الحزب الجمهوري دونالد ترامب وعن الديمقراطي هيلاري كلينتون.

عملية إدخال السعودية في المعركة الانتخابية الأمريكية، تتزامن ايضا مع جبهة أخرى مفتوحة على موضوع قديم، وتجدد مؤخراً، وهو موضوع اتهام السعودية بمسؤولية جزئية في حادث 11 سبتمبر، وهو الموضوع الذي انعقدت لأجله، في نهاية الأسبوع الماضي، جلسة استماع مشتركة لعدد من لجان الكونغرس.

وفي هذا السياق تحول الخبر المدسوس على "بترا" إلى حزء من حطب النار الإعلامية التقليدية بين الحزبين.

مرشحة الحزب الديمقرطي هيلاري كلينتون، كان ملفتا أنها دخلت موضوعا غير مألوف لديها، فقد عرضت بثلاث دول خليجية بينها السعودية بدعوى أنها تدعم مراكز التعليم الديني الاسلامي في العالم.

في المقابل، استخدم دونالد ترامب الخبر ليطالب مؤسسة كلينتون بإعادة مبلغ 25 مليون دولار، تقول التقارير إنها تلقتها من السعودية، وذهب تقرير آخر من موقع سيتزن ليتحدث عن 100 مليون دولار بدلا من 25 مليونا.

وسواء كانت تصريحات هيلاري كلينتون ضد ثلاث دول خليجية تقع في سياقات الحملة الانتخابية والمزاودة على خصمها دونالد ترامب، أو أنها في سياق تبرئة نفسها من تهمة تلقي الدعم السعودي لحملتها الانتخابية، فإنها في الحالتين تصب في مربع التشويش على زيارة الأمير محمد بن سلمان.

ولا يخفف من أثر التغبير متعدد الأبواب الذي تعرضت له الزيارة، إلا قناعة السياسيين والجهات ذات الصلة بأن ما يتضمنه برنامج الزيارة في واشنطن ونيويورك هو رؤية مستقبلية يحرص عليها الطرفان.

وفي هذا السياق جاء بيان من المخابرات المركزية يقول إنهم بصدد إصدار تأكيد لمعلومات تبرئ السعودية.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com