"مؤتمر باريس".. مفاجآت غير متوقعة أم مزاد لشراء الوقت؟
"مؤتمر باريس".. مفاجآت غير متوقعة أم مزاد لشراء الوقت؟"مؤتمر باريس".. مفاجآت غير متوقعة أم مزاد لشراء الوقت؟

"مؤتمر باريس".. مفاجآت غير متوقعة أم مزاد لشراء الوقت؟

تجري الاستعدادات على قدم وساق لمؤتمر السلام الدولي الذي ستشهده العاصمة الفرنسية باريس، يوم الجمعة المقبل، بهدف إحياء عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

وأبدى أحد الدبلوماسيين العرب المشاركين في المؤتمر ملاحظة ساخرة، لكنها مهمة، تتعلق بتغيير موعد المؤتمر من اليوم الثلاثين من الشهر الماضي إلى الثالث من الشهر الحالي.

وقال الدبلوماسي، إن الموعد تغير بسبب تشكيك الولايات المتحدة الأميركية بامكانية حضور وزير خارجيتها جون كيري المؤتمر بذريعة أن يوم الاثنين  30 أيار/مايو هو مناسبة بالغة الأهمية في الولايات المتحدة باعتباره يوم إحياء ذكرى الجنود الذين قتلوا في ساحات الوغى.

وأضاف الدبلوماسي، الذي لا يبدو متفائلاً بمخرجات المؤتمر المنتظرة، أن الولايات المتحدة التي سيحضر وزير خارجيتها المؤتمر كانت لديها على الدوام تردد في المشاركة في أي أمر يتعلق بعملية السلام ما لم يكن تحت قيادة أمريكية.

وأشار إلى أن الإدارة الأمريكية الحالية لم تحزم أمرها حول ما إذا كانت ستفعل شيئاً خلال الأشهر المقبلة أم لا، كخطاب مثلاً يلقيه الرئيس أوباما في محاولة أخيرة لإحياء العملية السلمية، قبل أن يغادر البيت الأبيض في كانون الثاني/يناير المقبل.

 مناورات الأيام الأخيرة

وقبل ساعات من المؤتمر الذي يعقد بمبادرة فرنسية ويشارك فيه نحو 20 دولة، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، لكن من دون مشاركة الإسرائيليين والفلسطينيين.

ومقابل الحماس الكبير للسلطة الفلسطينية للمؤتمر  تواصل الفتور الإسرائيلي الأكبر الذي لم يذب جليده  زيارة رئيس وزراء فرنسا مانويل فالس لفلسطين وإسرائيل قبل أيام من انعقاد المؤتمر.

ومن المعروف أن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي تحفظ على المؤتمر منذ البداية، أجرى قبل وقت قصير من انعقاد المؤتمر عدة مناورات، تمثلت إحداها بالترحيب الشديد بدعوة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للسلام الدافىء، ومن ثم جاء اقتراحه قبول المبادرة العربية للسلام مطالباً بتعديلها مع تحصين صفوف حكومته اليمينية بتعيين المتطرف ليبرمان وزيراً للدفاع بدلاً من الوزير المستقيل الأقل تطرفًا.

طوفان مبادرات

وبين محذر من عواقب المؤتمر على إسرائيل حال رفضها تنشيط المفاوضات ومهون من هذه العواقب وصفت صحيفة  "ايديعوت" الإسرائيلية ما يجري بأنه طوفان من المبادرات الدولية الأوروبية العربية وربما لاحقاً بقيادة أمريكية محتملة في نهاية ولاية أوباما.

ودعت الصحيفة  إلى الإسراع بطرح مبادرة إسرائيلية مستقلة تدحض السلبية المتهمة بها إسرائيل، وتشكل مفتاحاً للخروج من الطريق المسدود، على حد قولها.

وعرضت الصحيفة ما وصفته بالخطة التي وضعتها مجموعة تطلق على نفسها "قادة من أجل أمن إسرائيل”، تتضمن الخطة دمج خطوات أمنية ومدنية واقتصادية وسياسية، تجعل مسألة وجود شريك  فلسطيني ثانوية وتحافظ في نفس الوقت على الخيارات للمستقبل.

وأطلق على الخطة “الأمن أولاً” التي تعتمد على فرضية وجود تسوية دائمة بين دولتين، وتتضمن الحفاظ على الوضع الراهن في الضفة الغربية والقدس مع الاستمرار بإعلان قبول حل الدولتين.

كما تتضمن تطوير وتشجيع الاقتصاد الفلسطيني وخلق المزيد من فرص العمل  للفلسطينيين مع صيغة  ثلاثية: أمنية، واقتصادية وسياسية للقدس المحتلة، يبقى معها الاحتلال قائماً مع إدارة بلدية للفلسطينيين في القدس الشرقية، وزيادة التوريد التجاري لغزة وتوسيع مصادر الطاقة والمياه، وتقليص البطالة من خلال زيادة كمية تصاريح العمل في اسرائيل، وتوسيع مجال الصيد وبحث إمكانية مخرج إلى البحر - ميناء– يتبع للسيطرة الأمنية الإسرائيلية وبالتنسيق مع السلطة الفلسطينية.

مزاد باريس لشراء الوقت

وعلى ضوء المواقف الإسرائيلية وظروف الفلسطينيين والمنطقة العربية بمجملها، يؤكد الدبلوماسي العربي أنه في أحسن الأحوال، فإن اجتماعات باريس لن تكون أكثر من مزاد لشراء، وتقطيع وقت وملء فراغ خلّفته المساعي الإقليمية والدولية، التي انصرفت عن القضية الفلسطينية، وباتت أكثر انشغالًا بقضايا وأزماتٍ أكثر سخونة بالمنطقة.

ويؤكد الدبلوماسي أن المؤتمر وفي حال نجاحه،  فإن أقصى ما سيسفر عنه وهو مشروع  قمة دولية في النصف الثاني من العام 2016 بحضور القادة الفلسطينيين والإسرائيليين هذه المرة.

وبوضوح أكثر يؤكد المصدر أن كل ما يمكن أن يحصل عليه الطرف الفلسطيني من مؤتمر باريس هو كسب مزيد من الوقت لسلطة آخذة بالتآكل بفعل الزمن وبفعل الانقسامات في صفوفها، وسط  التضييق الذي تمارسه عليها سلطات الاحتلال.

ويلاحظ  المصدر أيضاً أن الدول العربية التي تشارك في الاجتماعات تأتي وهي مثقلة بهمومها المحلية أو بالتهديدات الإقليمية التي تتعرض لها.

 ويخلص المصدر إلى القول إن مؤتمر باريس، رغم عنوانه البراق، يخفي أهدافاً كثيرة ليس من بينها بالتأكيد  إطلاق عملية سلام يعلم الجميع أنها غير ممكنة في ظل التوازن الحالي للقوى. مؤكدًا أنه وفي ظل الأزمات المستعصية التي ترهق المنطقة فإن النتيجة الوحيدة الواضحة حتى الآن هي أن إسرائيل ستحصد من تنازلات الآخرين السياسية ما يعزز مكاسبها على الأرض.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com