كيف أنقذ المهاجرون البحرية الإيطالية؟
كيف أنقذ المهاجرون البحرية الإيطالية؟كيف أنقذ المهاجرون البحرية الإيطالية؟

كيف أنقذ المهاجرون البحرية الإيطالية؟

استفادت البحرية الإيطالية من أزمة المهاجرين، حيث لعبت دورًا في إنقاذ المهاجرين من شمال إفريقيا لأوروبا عبر البحر الأبيض المتوسط، وانتشالهم من الموت، في عرض البحر، ما ساهم في ارتفاع شعبيتها بين المواطنين الإيطاليين، كذلك حصلت من خلالها على تمويل ضخم على عكس مؤسسات الدولة الأخرى.

وقالت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، في تقرير مطوّل لها، بعنوان "كيف استفادت البحرية الإيطالية من أزمة المهاجرين"، إنه باستثناء وكالات الهجرة في ألمانيا والسويد، لعبت مؤسسات قليلة على الخطوط الأمامية لأزمة المهاجرين، دورًا أكثر بروزًا من دور البحرية الإيطالية.

فكل يوم، تقوم سفنها وبحاروها بإنقاذ العشرات، بل وأحيانًا المئات من المهاجرين الذين يحاولون عبور البحر الأبيض المتوسط، في سفن مرتشحة ومكتظة.

ووفقًا لإحصاءات وزارة الدفاع، قامت البحرية الإيطالية على مدار العام الماضي، بإنقاذ 33547 شخصًا من أخطار البحر، ففي يوم 6 أيار/مايومن الشهر الجاري، نجح البحارة الإيطاليون في إنقاذ نحو 1800 شخص خلال 24 ساعة، كذلك نجحوا في يوم واحد بشهر آب/أغسطس الماضي، في إنقاذ 3 آلاف شخص.

وأشارت المجلة، إلى أن إيطاليا تأتي في مقدمة الدول الأوروبية بإنقاذ المهاجرين الذين يحاولون العبور من شمال إفريقيا، وهي المحاولات التي كلفت الأسبوع الماضي 700 شخص حياتهم.

وبطريقة ما، تمكنت القوات البحرية من استثمار محاولات الإنقاذ تلك في زيادة شعبيتها، حيث تحول البحارة إلى أبطال، فيما ساعدت الخدمات البحرية في توفير التمويل اللازم لفترة طويلة مستقبلًا.

ووفقًا لأخبار وزارة الدفاع الإيطالية، فقد منحت الحكومة الإيطالية البحرية، خلال حزمة التمويلات التي تمت الموافقة عليها في العام الماضي، 5.4 مليار دولار من أجل سفن جديدة.

وتمت الموافقة على التمويل، مع وجود معارضة ضئيلة جدًا من قبل حركة "خمس نجوم"، بفضل ضغط قائد البحرية وبتوجيه السياسيين اهتمامهم نحو ضرورة إنقاذ آلاف المهاجرين العابرين للبحر الأبيض المتوسط القادمين من شمال إفريقيا.

على الجانب الآخر، كانت هناك معارضة كبيرة بشأن شراء طائرات مقاتلة، من طراز إف-35 إضافية، من أجل القوات الجوية الإيطالية، فلم ير الناس حاجة لتلك الطائرات.

وقد أوضح فابريزيو كوتيتشيا، أستاذ مساعد للعلوم السياسية بجامعة جنوة، أن الرأي العام دائمًا ما يعارض الاستحواذ على الأدوات العسكرية التي تبدو عدوانية، لكنه يرحب بالعمليات الإنسانية.

وبناء عليه، لفتت القوات البحرية الانتباه إلى جهود بحارتها البواسل في أعالي البحار، من خلال نشر صور لهم باستمرار على مواقع التواصل الاجتماعي، وجعل أشرطة الفيديو متوفرة في وسائل الإعلام.

كما أن لديها قناة خاصة على موقع "يوتيوب" أيضًا، حيث شاركت هذا الشهر مقطع فيديو لانقلاب سفينة مهاجرين، والتي استطاعت البحرية الإيطالية إنقاذ جميع من عليها تقريباً، أي أكثر من 500 شخص.

ولقد حققت المؤسسة نجاحًا في استخدام وسائل الإعلام، للتأكيد على دورها الجديد، فعلى سبيل المثال، خلال مقابلة مع صحيفة "لا ريبابليكا" هذا الشهر، أكد الأدميرال إنريكو كريديندينو، قائد عملية مكافحة التهريب في البحر الأبيض المتوسط في الاتحاد الأوروبي، المعروفة باسم عملية صوفيا، ضرورة إنقاذ الأرواح، قائلًا "هناك قانون واحد في البحر، إذا كنت في مأزق، سيتم إنقاذك".

ووفقًا لاستطلاع حديث للرأي، أجراه معهد أوريسبز، أظهر أن 75.4% من الإيطاليين يقولون إنهم يحترمون البحرية، كما تمتلك البحرية 33 ألف متابع على موقع "تويتر".

وتوضح المجلة، أن شعبية البحرية قد يرجع جزء منها إلى ما ترمز إليه أزمة المهاجرين بالنسبة للإيطاليين، فهؤلاء القادمون على قوارب ليسوا مجرد مجموعة من الناس في حاجة إلى الإنقاذ من البحر الخطر، بل هم يشكلون تذكيرًا للأخطار المتزايدة في منطقة البحر الأبيض المتوسط. وتشمل هذه المخاطر على حد سواء الجهاديين والمهربين الذين يتاجرون في البشر والسلاح والمخدرات.

 كما تؤكد المجلة، أنه مع أو بدون الموجة الأخيرة من المهاجرين، فإن البحرية كانت لتستبدل أجزاء من أسطولها المتقادم، مثل العديد من سفنها التي يقترب عمرها من عقدين داخل الخدمة، وبعضها يعمل منذ سبعينيات القرن الماضي، لكن التمويل الجديد يسمح لها بذلك بصورة أسرع وأكثر كفاءة.

وتعد صناعة السفن الإيطالية، هي الثانية في أوروبا بعد ألمانيا، لكنها تراجعت منذ الأزمة المالية العالمية عام 2008.

ويأتي الدعم العام، ودعم الساسة الشديد، كحدث غير متوقع، فالقوات البحرية في جميع أنحاء العالم، تعاني من ظاهرة بعدها عن أعين المواطنين العاديين، وبالتالي بعدها عن قلوبهم، أو كما يفضل البحارة أن يقولوا "سكان الأرض يعانون من عمى البحر".

وقبل اندلاع الأزمة منذ عامين، قضت البحرية الإيطالية معظم وقتها في وجهات بعيدة، بما في ذلك هايتي وخليج عدن، في حين تركت جهود الإنقاذ لخفر السواحل في إيطاليا كجزء من القوات البحرية.

لكن أزمة المهاجرين، وما حدث بمنطقة الشرق الأوسط في أعقاب الربيع العربي، قد غير جذريًا الوضع الأمني في إيطاليا، فأصبحت البلاد لا تعمل فقط في عمليات البحث والإنقاذ، بل تأخذ بزمام المبادرة في مهمة حلف الناتو، التي من المتوقع أن يتم الموافقة عليها في قمة الحلف في وارسو، شهر يوليو المقبل، لمنع المهاجرين من استغلال ليبيا كنقطة انطلاق للوصول إلى أوروبا.

وقامت البحرية بطلب شراء سفن جديدة، من ضمنها سبع سفن دورية متعددة الأغراض، والتي هي مناسبة خصيصًا لعمليات البحث والإنقاذ، كما طلبت شراء سفينة دعم لوجيستي، وسفينتي متعددة الأغراض ذات سرعة عالية من أجل العمليات الخاصة، ومعظم هذه السفن سيتم صناعتها من قبل شركة فينكانتيري، وهي شركة مملوكة للدولة لبناء السفن.

لكن امتلاك السفن الجديدة، لن يحد من خوض البحارة لعمليات غير حربية، مثل عمليات البحث وإنقاذ المهاجرين، فالقوات البحرية تحتاج لأسطول أكثر حداثة وتوازنًا، وتأتي خطة البناء لتقابل تلك الاحتياجات.

ومن المتوقع أن تصل السفن الجديدة في الفترة بين عامي 2021 و2026، أي في الفترة التي من الممكن لأزمة المهاجرين أن تكون قد انتهت بالفعل، لكن القوات الإيطالية ستظهر في كامل قوتها.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com