هل ينجح العبادي في إنقاذ العراق؟
هل ينجح العبادي في إنقاذ العراق؟هل ينجح العبادي في إنقاذ العراق؟

هل ينجح العبادي في إنقاذ العراق؟

بغداد - لم يكن من قبيل المصادفة ان يتمتع رئيس الوزراء العراقي الجديد بشخصية اكثر جاذبية من سلفه فقد اختير حيدر العبادي الشهر الماضي لتطهير النظام السياسي من الشرور التي كادت ان تدفعه لحافة الهاوية في ظل قيادة نوري المالكي العنيد والمتقلب.



وكان العبادي -المهندس السابق الذي يوصف بانه شخصية ودودة وبراجماتي ذكي - عند حسن ظن مؤيديه في الخارج والداخل حين ضم السنة والأكراد والاغلبية الشيعية المنقسمة التي ينتمي إليها إلى حكومة الوحدة التي أقرها البرلمان أمس الاثنين.

ويقول دبلوماسيون وساسة من الاطياف السياسية المختلفة في العراق إن فرصة العبادي في تضييق هوة الخلافات أكبر بكثير من المالكي الذي نحي عن منصبه الشهر الماضي في حين استولى تنظيم الدول الإسلامية على ثلث البلاد.

ولكن في الاحاديث الخاصة يقول كثيرون ان انقاذ العراق من الانهيار يحتاج ما هو أكثر من تغيير في الزعامة.

وعدد سياسي كردي بارز المهام الملقاة على عاتق العبادي ومن بينها اقناع السنة بالتخلي عن التمرد المسلح والعودة للصف والاكراد بنبذ فكرة الانفصال والشيعة بقدرته على حمايتهم من مقاتلين يعقدون العزم على إبادتهم.

وأضاف "عليه ان يرضي المالكي والسنة لينقلبوا على تنظيم الدولة الإسلامية كما ينبغي ان يرضينا إلى حد بعيد وكذلك الامريكيين والايرانيين.."هل يستطيع؟ لا اعتقد."

نهاية شهر العسل

ويأتي العبادي لسدة الحكم وسط مزاج عام ايجابي في الداخل على مستوى الجماعات السياسية الكبرى في العراق وفي الخارج من قوتين تتمتعان بنفوذ واسع هما ايران والولايات المتحدة اللتين توقفتا عن دعم المالكي مع انهيار الجيش امام هجوم مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية.

وقبل اختيار العبادي لشغل المنصب وصفه دبلوماسي امريكي عمل في بغداد بانه لين الطبع وأقل ميلا للتآمر والحذر وأخذ الخلافات على محمل شخصي.

وأضاف الدبلوماسي انه رأي العبادي يلقي مزحة في بداية اجتماع لتهدئة الاجواء المتوترة وهو مسلك كان مستحيلا بالنسبة للمالكي.

وقال موفق الربيعي مستشار الأمن القومي العراقي السابق والسياسي الشيعي البارز إن العبادي بدأ بداية طيبة بضمان أن الجماعات السياسية في العراق إلى جانب واشنطن وطهران يقدمون له الدعم.

ولكن دبلوماسيا غربيا يقول إن رئيس الوزراء الذي ادى اليمين امس مع اغلبية اعضاء حكومته اصطدم بالمشاكل بالفعل إذ يعمد ساسة لتبني سياسة حافة الهاوية للضغط عليه.

وقال "انتهى شهر العسل رسميا."

وفي تصريحاته شدد العبادي الذي امضى عقدين في المنفى في بريطانيا ابان حكم صدام حسين على أهمية المصالحة بين الجماعات العرقية والطوائف في العراق.

وفي مقابلة مع رويترز في يونيو حزيران مع بداية التقدم الخاطف لتنظيم الدولة الإسلامية في شمال العراق أكد العبادي على حاجة الحكومة في بغداد لاستعادة ثقة السنة الذي انضموا للمقاتلين على مضض مضيفا ان التحالفات بين تنظيم الدولة الإسلامية واخرين تتصدع بالفعل .

وفي حين عرف عن المالكي تأكيده على أهمية توطيد سلطاته تحدث العبادي عن اللامركزية واصفا السلطات المركزية الهائلة بانها غير ضرورية.

ورغم أن صدام حسين اعدم اثنين من اشقاء العبادي إلا ان الاخير يقر بضرورة اصلاح قانون يحظر على اعضاء سابقين في حزب البعث الذي تزعمه صدام تولي مناصب في الدولة والجيش ووصف تطبيق القانون بانه يفتقر للعدالة.

ودعا إلى التوسع في قرارات العفو وهو مطلب رئيسي للسنة فيما يخص الاف من السجناء قضوا سنوات طويلة في الحبس بسبب اتهامات فضفاضة بممارسة الارهاب من جانب الامريكيين في البداية ثم من قوات الامن العراقية.

ورغم المسلك التصالحي تقول جماعات سياسية منافسة إن العبادي لم يخرج قط عن خط حزب الدعوة الذي ينتمي إليه ولا تزال رئاسته في قبضة المالكي حتى الآن.

وفي عام 2010 حين دب خلاف بشأن تشكيل الحكومة شارك العبادي في مؤتمر صحفي واتهم معارضي المالكي العلمانيين بالارهاب.

السنة مواطنون من الدرجة الأولى

واكثر مهام الحكومة الحاحا التصدي لتمرد تنظيم الدولة الإسلامية. ويتهم معارضو المالكي في الداخل والخارج رئيس الوزراء السابق باذكاء الخلافات باستبعاد السنة من العملية السياسية وتهميشهم لدرجة دفعت بهم إلى احضان المقاتلين المتشددين.

وطالب الشيخ محمد صالح (52 عاما) الذي قاد احتجاجا للسنة مناهضا للحكومة حاول المالكي سحقه العام الماضي- العبادي بان ينأي بنفسه عن سلفه.

وذكر صالح "ينبغي ان يشعر العبادي السنة بانهم مواطنون من الدرجة الأولي وليس مثل المالكي الذي جعلنا نفقد الانتماء لهذا البلد."

وصرح بأن العبادي لن يكسب ود السنة حتى يحل الميليشيات الشيعية التي رفضها المالكي في البداية ثم لجأ إليها على نطاق أوسع للدفاع عن المدن العراقية بعد ان عجز الجيش عن ذلك في العام الماضي.

وتابع أن المالكي كان أقوي من العبادي ومع ذلك لم يستطع ذلك مضيفا ان السنة لن يقاتلوا الدولة الإسلامية ما داموا يعتبرون ان مقاتليها يحمونهم من الميليشيات الشيعية.

مطالب الاكراد

وفي حين وصفت علاقات المالكي بالسنة بانها كارثية فان تعامله مع الاكراد الاقلية الكبيرة الاخرى لم يكن أفضل كثيرا ما دفع المسؤولين في منطقة كردستان لمناقشة امكانية السعى للاستقلال.

وقال سياسي كردي بارز طلب الا ينشر اسمه كي يتسنى له التحدث بحرية عن العبادي ان تغيير مسؤوليات المالكي محل ترحيب ولكنه غير كاف في حد ذاته لكسب ود الاكراد. وقال ان الخلافات مع المالكي كانت ذات طبيعة سياسية ولا تتعلق بشخصيته.

وقال "لم تكن مشكلتنا مع المالكي شخصية. كيف يمكن ان يشكل حيدر العبادي حكومة واسعة التمثيل لاقتسام السلطة ويضمن عدم تكرار نفس الاخطاء التي ارتكبها المالكي خلال السنوات العشر الماضية؟"

ووصف العبادي الذي رأس اللجنة المالية في البرلمان لفترة طويلة بانه "من الصقور داخل حزب الدعوة" في الخلاف بين بغداد والاكراد على حصتهم من ايرادات النفط العراقي والذي قاد بغداد لوقف المدفوعات في يناير كانون الثاني.

سيطلب الاكراد من العبادي حصة مناسبة من الميزانية وإجراء استفتاء بشأن السيادة على أراض محل نزاع وقانون يحدد حقوق الحكومات الوطنية والاقليمية والمحلية في الموارد النفطية. وتعذر سن القانون طيلة سبعة أعوام.

وقال السياسي "ينبغي ان تكون تصرفاته على النقيض من المالكي. أيا كان ما يفعله المالكي ينبغي ان يفعل العكس إن استطاع."

الخلافات في صفوف الشيعة

ولن تقتصر المطالب على الاقليتين السنية والكردية بل ثمة مطالب للشيعة اذ برزت هوة الخلافات إلى العلن حين رفض المالكي لايام قبول قرار حزب الدعوة بابعاده عن منصبه.

وقال حاجم الحسني رئيس البرلمان السابق وهو سني ينتمي للاقلية التركمانية قليلة العدد إن العبادي صديق مخلص ولكن ينبغي عليه اولا ان ينهي الخلافات داخل حزبه.

وأضاف ان مهمته صعبه لانه لا يتمتع بسلطات كاملة لمعالجة الوضع معربا عن امله ان يحظى بدعم حزبه بالكامل.

وصرح امير الكناني عضو البرلمان عن التيار الصدري وهو أكبر منافس شيعي لحزب الدعوة أن على العبادي ان يتصدى بشدة للمحسوبية في الحزب التي كانت سببا في تدمير ثقة الشعب في الحكومة.

وطالب العبادي بالرقابة على الوزراء والتخلص ممن يشتبه في فساده.

وفي مقابلة مع رويترز في يونيو حزيران قال العبادي ان الفساد في المؤسسات الحاكمة في العراق تمتد جذوره اعمق من الخلافات بين القيادات السياسية.

وأوضح ان القيادات تتفق على الاستراتيجيات العامة دون التفاصيل وتترك للجان اخذ الاجراءات إلا انها تتعثر لفترات طويلة.

وتابع حينئذ يكيل كل طرف الاتهامات للاخر.‭‭ ‬‬

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com