الروائية التركية شافاق: تركيا تتجه إلى السلطوية والهيمنة الذكورية
الروائية التركية شافاق: تركيا تتجه إلى السلطوية والهيمنة الذكوريةالروائية التركية شافاق: تركيا تتجه إلى السلطوية والهيمنة الذكورية

الروائية التركية شافاق: تركيا تتجه إلى السلطوية والهيمنة الذكورية

أنقرة- رأت الروائية التركية اليف شافاق، أن تركيا تمر بتحوّلات سياسية واجتماعية خطيرة وعميقة، فالكثير يحدث بسرعة كبيرة لدرجة أنه لا وقت للتوقف والتفكير والتحليل، فالغريب أصبح القاعدة والطبيعي غدا الاستثناء.

جاء حديث الروائية التركية شافاق، في معرض إجابتها عن أسئلة عبر مقابلة صحفية أجراها معها، رئيس تحرير صحيفة "THE WORLD POST" الأميركية، ناثان جاردلز.

وفيما إن كانت تركيا اهتزت على وقع كثير من الأزمات التي تمر بها مؤخرا، المتمثلة بتدفق اللاجئين السوريين، والنزاع مع الأكراد، إضافة إلى قمع الحريات الصحفية، قالت شافاق، في إجابتها: "خلطت النخبة الحاكمة المتمثلة بالرئيس التركي رجب طيب اوردوغان وحزبه "العدالة والتنمية" مفهومي " الديمقراطية" و"الأغلبية".

وتابعت بقولها: "الديمقراطية ليست فقط صندوق الاقتراع وعدد المصوّتين فهذه فقط إحدى الأدوات الأساسية، الديمقراطية تعني -أيضا- سيادة القانون والفصل بين السلطات وصحافة حرة ومتنوعة وحرية التعبير وحقوق المرأة وحقوق الأقليات".

وواصلت الكاتبة التركية قائلة: "تركيا في انحدار مؤسف في كافة الأمور، هناك استقطاب حاد في هذا البلد بين أولئك المنافحين عن أوردوغان وأولئك الذين يخالفونه، غدونا مجتمعا للغضب والبرانويا (جنون العظمة) والترويع".

وفي إجابتها عن سؤال، "هل هناك رابط مشترك بين الأزمات والتحولات السياسية و الاجتماعية الخطيرة والعميقة التي تمر بها تركيا؟"،  اعتبرت الروائية التركية، صاحبة روايتي "لقيطة اسطنبول " و "قواعد العشق الأربعون" أن "المجتمع التركي يتحول الآن لمجتمع محافظ وذكوري في حين تتجه الدولة فيه إلى السلطوية والهيمنة الذكورية".

وأردفت قائلة: "إن هذين العاملين لهما علاقة أساسية بما يجري، فقد أظهر استطلاع للرأي أجراه مركز بيو، أن نصف الشعب التركي يعتقد أن أي نقد للحكومة في الفضاء العام غير مقبول وغير مشروع، فأي شخص يجرؤ على التعبير عن رأي ناقد للحكومة يوسم مباشرة بالخائن أو الثمرة العفنة".

وأشارت الكاتبة التركية إلى أنه "يتم اغتيال الأشخاص المنتقدين للحكومة معنويا في الإعلام وشيطنتهم في الصحف الموالية للحكومة و تهديدهم من كافة الجوانب. يدرك كل كاتب أو صحفي أو مثقف أو رسام كرتوني أنه بسبب كتاب أو مقال أو حتى تغريدة ستتم ملاحقته قضائيا أو حتى سجنه".

أما عن وجهة نظرها في معرض إجابتها عن سؤال الصحيفة، "هل ما نراه اليوم في تركيا يتماشى مع الميول الإستبدادي لدى فيكتور أوربان في المجروفلاديمير بوتين في روسيا لإجتثاث "الخبث" الذي يؤذي الروح الوطنية؟"، نوهت الكاتبة إلى أننا "نشهد الآن انفراط عقد أوروبا الموحّدة، بالتزامن مع انهيار الديمقراطية الحرّة في عديد من أجزاء العالم".

ولفتت إلى أننا "نرى بعض الأشخاص يقولون: إن الشرق الأوسط غير مهيأ للديمقراطية، لذا فمن الأفضل أن نجد قادة أكثر قوة، أرى أن هذه النزعات خطيرة للغاية إذ يتحدث الناس في تركيا اليوم عن الحاجة لقائد واحد قوي بجانبه حكومة كفاءات بدلا من ترسيخ تعددية تستند إلى مجتمع مدني، يقولون بهذه الطريقة لن يشغلوا وقتهم في آراء مختلفة، حتى وإن كانت الحقيقة".

وأشارت إلى أن "التعايش الآن في تركيا خسارة في التعددية برأيي، لم يعد أحد يتحدث عن الروح العالمية والتنوع هذه الأيام"، لافتة إلى أن "شعار المرحلة حاليا هو"إيديولوجيا القطيع"، وهذا أمر بالغ الخطأ، حتى قيل، إن أردوغان وحزبه قادا حركة تجديد البلاد من الأسفل عبر إشراك غالبية إسلامية أناضولية في السلطة عبر صناديق الاقتراع وذلك عقب عقود طويلة من التقدمية الاستبدادية من الأعلى والمفروضة من طرف مصطفى كمال أتاتورك ومن خلفه من العلمانيين".

وفي سؤال للصحيفة، هل يعدّ العلمانيون والمطالبون بحقوق المرأة، وحرية التعبير والتنوع العصري، بعد 14 عاما من صحوة  العثمانيين الجدد، ضحايا؟، أفادت الكاتبة بقولها "حزب العدالة و لتنمية في الحكم منذ 14 عاما، خلال هذا الوقت تغيّر جذريا في البداية، كان خطابه وأسلوبه داخل تركيا ومع العالم الغربي مختلفا، وفي الوقت الذي كان فيه خطابه مؤيدا للاتحاد الأوروبي وللحكم المدني وللديمقراطية التعددية  ناصره العديد من الليبراليين".

وأشارت إلى أن "الشيء الذي ينفطر القلب لرؤيته، أن ضحايا الأمس أصبحوا جلادي اليوم ، لا أريد لأي شخص في تركيا أن يتحلى بسلطة مفرطة سواء حزب العدالة والتنمية أو حزب العمال الكردستاني أو حزب غالن أو الأتاتوركيون أو الوطنيون الأتراك أو أي قوة كانت".

واعتبرت أنه "لا وجود لاحترام حقيقي للتعددية والتنوع، إن مجتمعًا ذا هويّة جماعية لا يحترم الفردية، ويعاني من فقدان ذاكرة جمعية لا يمكنه التعلم من أخطاء الماضي.  نتيجة لذلك، تستمر تركيا في رسم دوائر سوداء محزنة وتتراجع إلى الوراء بدلا من إحراز أي تقدم".

وفي تعليق منها على تصريح زوجة الرئيس التركي أمينة أوردوغان، حول أن نظام الحريم العثماني كان مركزا تعليميا، قالت شافاق: "أعتقد أننا بحاجة إلى عالمة في التاريخ لتخبرنا عن حقيقة الحريم، نحن في أمس الحاجة إلى دراسات علمية محايدة وأكاديمية".

 ورأت في تعليقها أنه "من المعروف والبديهي أن نظام الحريم كان مكتظا بمئات النساء اللاتي كنّ جواري للسلطان العثماني، فتمكن بعضهن من الولوج إلى السلطة، لكن غالبيتهن لم يفعلن ذلك، لدينا الكثير من القصص المؤلمة التي تنتظر من يرويها حول هذا،  كان الحريم بؤرة للتمييز والفصل بين الجنسين، وتجسيدا لسلطة الذكر".

وأنهت الكاتبة التركية اليف شافاق، بإجابتها على نظام الحريم قائلة: "اليوم يوجد العديد من الرجال الأتراك الذين يتزوجون بسوريات قاصرات كزوجة ثانية وثالثة رغم أن تعدد الزوجات غير قانوني في تركيا، إلا أنهم يحيون الآن نظام الحريم الخاص بهم، لقد قرعت الحقوقيات جرس الإنذار حول هذه الحقيقة  لكن بلا مجيب، ففي ظل هذه البيئة الذكورية أجد أنه من الخطر العمل على رسم لوحة رومانسية لحريم السلطان أو للماضي العثماني".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com