انتخابات إيران.. معركة بين التشدد والإصلاح لا تؤذن بعصر جديد
انتخابات إيران.. معركة بين التشدد والإصلاح لا تؤذن بعصر جديدانتخابات إيران.. معركة بين التشدد والإصلاح لا تؤذن بعصر جديد

انتخابات إيران.. معركة بين التشدد والإصلاح لا تؤذن بعصر جديد

 طهران - تكتسب الانتخابات الإيرانية، التي تجري اليوم الجمعة، لاختيار برلمان جديد وأعضاء مجلس الخبراء، الذي سيختار بدوره الزعيم الأعلى المقبل للبلاد، أهمية تتجاوز المعارك المستمرة بين المتشددين المتشبثين بالسلطة والإصلاحيين الساعين لإبعادهم عنها.

فهذه أول انتخابات منذ توصلت طهران إلى اتفاق مع القوى الكبرى لتقييد برنامجها النووي، الأمر الذي أدى إلى رفع معظم العقوبات الدولية التي كبلت اقتصادها خلال السنوات العشر الأخيرة.

ويرى بعض المحللين، أن هذه المنافسات الانتخابية تمثل لحظة فارقة يمكن أن تشكل مستقبل الجيل التالي في بلد تقل أعمار 60 % من سكانه عن الثلاثين. ويبلغ عدد سكان إيران 80 مليون نسمة.

ويتوجه الإيرانيون، الجمعة، إلى صناديق الاقتراع للتصويت في انتخابات البرلمان ومجلس خبراء القيادة، التي تشهد تنافساً بين المعتدلين والإصلاحيين، الذين يدعمون الرئيس حسن روحاني، والمحافظين المقربين من المرشد الإيراني آية الله علي خامنئي.

ويبلغ سنّ التصويت في إيران 18 عاماً، ويوجد بها 54 مليوناً و915 ناخباً، وتم إعداد 120 ألف صندوق انتخابي، في 53 مركزاً انتخابياً.

وربما يشوه النتيجة قيام مجلس صيانة الدستور بشطب كثير من المرشحين من مؤيدي الإصلاح، وهذا المجلس مكون من مجموعة من رجال الدين غير المنتخبين، وهو مسؤول مباشرة أمام الزعيم الأعلى خامنئي.

والمخاطر كبيرة لكل الفصائل، لأن نتيجة الانتخابات قد تحدد ما إذا كان لدى روحاني تفويض بالمضي قدما في الإصلاحات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، التي سبق أن وعد بها، بالإضافة إلى تأثيرها على فرص إعادة انتخابه في عام 2017.

وفي الأيام الأخيرة من حملات الدعاية الانتخابية، أخذ الصراع منحى قاسيا.

ففيما يعكس الارتياب من مفاتحات روحاني للغرب، اتهم خامنئي الغرب بالتآمر للتأثير في نتيجة الانتخابات وقال إنه واثق أن الإيرانيين سيصوتون من أجل الإبقاء على موقف إيران المناهض للغرب.

ونفى روحاني - الذي تعرض حلفاؤه لضغوط متزايدة في الحملة الانتخابية من جانب المتشددين الذين يتهمونهم بوجود صلات بينهم وبين القوى الغربية - هذه الاتهامات ووصفها بأنها إهانة لذكاء الإيرانيين.

ويأمل حلفاء روحاني المعتدلون، الذين دعمهم الاتفاق النووي، استعادة ما خسروه من مواقع خلال السنوات العشر الماضية. لكن عملية التدقيق في المرشحين وبطء وتيرة تحسن الوضع الاقتصادي كانا من العوامل التي عززت شعوراً بين أفراد الشعب بأن إصلاحات روحاني الموعودة، لم يتحقق منها شيء، مما جعل المعتدلين يواجهون معركة انتخابية شرسة.

في قبضة رجال الدين

وأكدت الإجراءات التمهيدية للانتخابات، أن الساسة المنتخبين هم في نهاية المطاف في قبضة رجال الدين وفقهاء القانون الإسلامي ومؤسساتهم غير الشفافة التي يقبع على قمتها الزعيم الأعلى.

وحتى إذا فقد حلفاؤه المتشددون سباق الانتخابات البرلمانية لصالح خصومهم المعتدلين، فستظل لخامنئي السلطة النهائية فيما يذهب الرؤساء والنواب ويجيئون.

وقال محلل في طهران، طلب عدم نشر اسمه، "لنفرض أنه أصبح لدينا حكومة إصلاحية تتمتع بأغلبية، لا أعتقد أنها ستحدث فارقا كبيرا. فالزعيم الأعلى والحرس الثوري يضبطان الإيقاع والحدود ويحددان الاتجاه العام للبلاد."

وأضاف "يجب ألا تكون توقعاتنا كبيرة. فالمحافظون لديهم أدوات السلطة. الإعلام والجيش والمخابرات والموارد المالية الفعلية كلها في أيديهم. فهو نظام مزدوج والجانب الآخر مازال في غاية القوة."

 انزعاج المتشددين

وبالنسبة لرجل الشارع العادي في إيران، يبشر احتمال مجيء هذا النوع من الاستثمارات، بعودة النمو الاقتصادي، وارتفاع مستويات المعيشة، وزيادة الوظائف في الأجل الطويل.

وقد أزعج احتمال الانفتاح على العالم بهذا القدر، وكذلك شعبية روحاني، حلفاء خامنئي المتشددين، الذين يخشون فقدان السيطرة على وتيرة التغيير، بالإضافة إلى التطاول على مصالحهم الاقتصادية المربحة، التي كونوها خلال فترة العقوبات.

فالحرس الثوري الإسلامي، على سبيل المثال، ليس مجرد حارس لإيران، بل هو إمبراطورية اقتصادية من الشركات التي تملك مصالح في قطاعات واسعة من البنوك إلى البناء والتصنيع.

ومازال الحرس يخضع للعقوبات بسبب ما يقال عن دعمه للإرهاب. وأدى ذلك إلى تفاقم الخلافات السياسية داخل هياكل السلطة المعقدة في إيران.

ومنع مجلس صيانة الدستور آلاف المعتدلين من خوض الانتخابات، ومن بينهم حسن الخميني، حفيد مؤسس الجمهورية الإسلامية الإمام آية الله روح الله الخميني.

وتدور واحدة من أهم المعارك الانتخابية في طهران، حيث يتنافس أكثر من 1000 مرشح على 30 مقعدا فقط.

ويتصدر قائمة الإصلاحيين في العاصمة، محمد رضا عارف، المرشح الرئاسي السابق الذي تخرج من جامعة ستانفورد، وهو وزير سابق عمل أيضا نائبا للرئيس الإصلاحي خاتمي في الفترة 2001-2005.

والمرشح الأول للمحافظين هو غلام علي حداد عادل، الذي يشغل مقعدا في البرلمان منذ عام 2000 وكان رئيسا للبرلمان في الفترة 2004-2009. وهو أيضا مستشار لخامنئي كما أن ابنته متزوجة من مجتبى ابن الزعيم الأعلى والذي يتمتع بنفوذ كبير.

منافسة مهمة

وحتى الآن كان التنافس على هذا المركز من مراكز سلطة رجال الدين حدثا عادياً لكن الأمر يختلف هذه المرة. فبسبب الحالة الصحية لخامنئي البالغ من العمر 76 عاماً، من المرجح أن يختار أعضاء المجلس الجدد، الذين سيخدمون لفترة ثماني سنوات، خليفة الزعيم الأعلى.

ومن المحتمل أن يكون الزعيم التالي من بين الأعضاء الذين سينتخبون هذا الأسبوع.

والمرشح الأول للإصلاحيين، هو الرئيس السابق آية الله أكبر هاشمي رفسنجاني، رغم أنه في الحادية والثمانين من العمر. وهو من مؤسسي الجمهورية الإسلامية وشغل منصب الرئيس في الفترة 1989-1997.

وقد اشتهر عن رفسنجاني الموجود دائما تقريبا في مركز شبكات السلطة المتداخلة في إيران، ميله للبراجماتية وبراعته السياسية.

وبتأييد رفسنجاني، يأمل الإصلاحيون أن يتمكنوا من خلال التحالف مع المحافظين المعتدلين من منع أبرز ثلاثة مرشحين من المتشددين وهم أحمد جنتي ومحمد يزدي ومحمد تقي مصباح يزدي، من خلافة خامنئي.

كذلك فإن رفسنجاني هو رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام، الذي يتوسط بين البرلمان المنتخب ومجلس صيانة الدستور المعين. لكن سلطته ضعفت في السنوات الأخيرة وتمثل ذلك في سجن اثنين من أبنائه.

شباب منقسم

ولن يكون لنتيجة الانتخابات البرلمانية، أثر كبير على السياسة الخارجية. لكنها ستعزز نفوذ الفصيل المنتصر في انتخابات الرئاسة التي تجري في العام المقبل.

ومن الممكن أن يعزز البرلمان إذا كان مؤيدا لروحاني سلطته في دفع الإصلاحات الاقتصادية لفتح البلاد أمام حركة التجارة الخارجية والاستثمارات الأجنبية.

كما أنه قد يساعد الحكومة في تنفيذ برنامج سياسي يهدف إلى توسيع نطاق الحريات الاجتماعية والاقتصادية، مثلما وعد الرئيس في حملته الانتخابية عام 2013.

وقد أثرت حالة الاستقطاب الشديد في البلاد، على الشباب الذين يدلي عدد كبير منهم بصوته للمرة الأولى.

وفي حين قال البعض إنهم سيصوتون للإصلاحيين، لأنهم يسعون للتغيير ويريدون قطع الطريق على المتشددين، فقد قال آخرون إنهم يعتزمون التصويت للمحافظين، انطلاقا من ولائهم لخامنئي. وقال البعض إنهم سيقاطعون الانتخابات لأن أصواتهم لن تحدث فرقا.

ومع تزايد الاهتمام بالاتجاه الذي ستسير فيه إيران مستقبلا بعد ما حققته من انفراجة على المستوى الدولي بالاتفاق النووي، من المرجح أن تستمر الخلافات والصراعات بين المعسكرين لما بعد الانتخابات المزدوجة التي تجري يوم الجمعة.

وقال المحلل المقيم في طهران "هذا في جوهرة نظام سياسي يسعى لإبقاء الأمر الواقع كما هو وليس مهتماً بتغيير حقيقي. فالتغيير متدرج للغاية وشكلي. وهذه الانتخابات لن تؤذن بعصر جديد لإيران."

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com