إسبانيا تشهد تحولا في خارطة التحالفات السياسية بعد الانتخابات
إسبانيا تشهد تحولا في خارطة التحالفات السياسية بعد الانتخاباتإسبانيا تشهد تحولا في خارطة التحالفات السياسية بعد الانتخابات

إسبانيا تشهد تحولا في خارطة التحالفات السياسية بعد الانتخابات

تعيش اسبانيا على وقع أزمة سياسية باتت تلقي بظلالها في مرحلة ما بعد انتخابات 20 كانون ثاني /ديسمبر، التي حملت فوز حزبين جديدين هما "بوديموس – يسار" و"سيودادانوس – يمين" لتنتهي بذلك هيمنة أكبر حزبين سياسيين على السلطة منذ 1982.

وأطاحت الانتخابات الأخيرة بهيمنة الحزب الشعبي (يمين) المنتهية ولايته والحزب الاشتراكي (يسار) اكبر أحزاب المعارضة على المشهد السياسي في اسبانيا، فالديمقراطية الاسبانية شهدت تعاقب الحزبين منذ نشأتها في البلاد بعد وفاة الديكتاتور فرانكو، حيث شهدت اسبانيا أول انتخابات ديمقراطية في عهدها الحديث عام 1979.

وتحاول الأحزاب الاسبانية الفائزة حديثا صناعة تحالف من شأنه الحيلولة دون إعادة الانتخابات بعد 3 أشهر، وهي النتيجة الطبيعية في حال عدم التوفيق في تحالف من شأنه تشكيل حكومة قدرة على أداء مهامها في ظرف استثنائي.

وسيكون على رأس أولويات التحالف الحاكم الجديد في إسبانيا، خلق وظائف لآلاف العاطلين عن العمل، حيث بلغت نسبة البطالة 20 % ، إضافة لخلق توازن حقيقي وجدي بين التدابير التقشفية لمواجهة الأزمة المالية والحفاظ على مستوى الرفاه، و تطوير الخدمات الأساسية التي تراجعت في ظل سياسة التقشف التي انتهجتها حكومة ماريانو راخوي لمواجهة الأزمة الاقتصادية التي عانت منها البلاد خلال فترة الحكم الأخيرة.

كما يتوجب عليهم تقديم رؤية لملف انفصال اقليم كاتالونيا، وكذلك مسألة الإصلاح الدستوري في اسبانيا، حيث أن الأحزاب الجديدة تسعى إلى فتح نقاش حول الإصلاح الدستوري خلال الولاية الحكومية المقبلة، لكن الخلافات تبقى عميقة بشأن تفاصيل الإصلاح وحجمه.

 ثلاثة احتمالات لتشكيل الحكومة

وتبقى هنالك ثلاث احتمالات صعبة لصياغة تحالف سياسي بحسب المحللين، حيث يتمثل الخيار الأول بأن يتحالف الحزب الشعبي الفائز بالانتخابات مع سيودادانوس الذي فاز بالمرتبة الرابعة، وهنا ستكون الحكومة متوقفة على موافقة الحزب الاشتراكي اليساري -الفائز بالمرتبة الثانية- على تسمية رئيس الحكومة وإلا فلن يكون تعيينه قانونيا.

و قد يتجه الحزب الشعبي لتقديم الناطقة باسم الحكومة السابقة ثريا سانتاماريا كبديلا حيث تصدرت صورة سانتاماريا دعاية الحزب إلى جانب راخوي في الحملة الانتخابية، وهو أمر يعد مؤشرا على أن احتمال توليها للسلطة يبقى أمرا ورادا بقوة كأول سيدة تتبوأ هذا المنصب.

 ويتمثل الاحتمال بقيام تحالف استثنائي بين بوديموس الحاصل على المرتبة الثالثة في الانتخابات، والحزب الاشتراكي الحاصل على المرتبة الثانية وهو امر قد يضع الحزب الاشتراكي في حرج كبير، خصوصا مع موقف بوديموس الراديكالي من قضية انفصال كاتالونيا وموافقته على استفتاء حول استقلالها، بينما يطرح الاشتراكي إمكانية نظام فيدرالي لبعض الأقاليم..

ويرى مراقبون، أن هذا التحالف قد يؤثر بشكل أو بآخر على السياسة الدبلومايسية الاسبانية في إفريقيا وأمريكا اللاتينية، خصوصا في قضية الصحراء في المغرب العربي والتعاون الدولي، وكذا قضايا الإرهاب وسيحتاج الحزبان للتحالف مع بعض الأحزاب الصغيرة لتحقيق أغلبية مطلقة، وهذا سيؤثر على النظام الملكي لان اغلب هذه الأحزاب هي مناهضة للخطاب الملكي وربما تطالب بتقليص اكبر لصلاحيات الملك.

و يبقى الاحتمال الثالث الأكثر تعقيدا، ويتمثل بتحالف الحزب الشعبي الحاصل على المرتبة الأولى (يسار) والحزب الاشتراكي (يسار)، في تحول تاريخي سيجعل من حزب بوديموس حديث النشأة زعيماً المعارضة، وهذا ما سيؤهله أن يصبح قوة سياسية جاهزة لتغيير النظام السياسي في الانتخابات القادمة، وربما تقويض الأحزاب الكبيرة بشكل نهائي وصعود وقوة جديدة أكثر ديناميكية وأكثر معاداة لسياسة السوق.

أمام هذا المشهد، يرى مراقبون أن ملك اسبانيا يسعى لتهدئة الأوضاع في بلاده عبر مطالبة الأحزاب السياسية بالحوار والحفاظ على مصلحة اسبانيا قبل المصالح الحزبية، فالتحالفات إن حصلت ستجلب الكثير من الصخب للبرلمان قد يطال القصر الملكي، وان لم تحصل فستجد اسبانيا نفسها أمام انتخابات جديدة بعد ثلاثة أشهر، قد يعاقب فيها الناخبون هذه الأحزاب وربما تصعد قوة جديدة خارج كل التوقعات.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com