داعش يستبيح ليبيا أمام أنظار العالم
داعش يستبيح ليبيا أمام أنظار العالمداعش يستبيح ليبيا أمام أنظار العالم

داعش يستبيح ليبيا أمام أنظار العالم

يشكل تزايد نفوذ تنظيم داعش في ليبيا قلقا وهاجس كبيرا لراحة وأمن الأوروبيين، بعد أن بدأ التنظيم المتطرف في تثبيت أقدامه بمدينة سرت وتحويلها إلى قلعة يلجأ إليها الإرهابيون من مختلف مناطق العالم.

برزت خلال السنوات القريبة الماضية تصريحات سياسية وإعلامية غربية تقول إن الإرهاب في ليبيا ليس قويا ولا يؤثر في البلاد، وعزز هذه الفكرة، الثقة التي منحها الغرب لبعض التيارات كالإخوان وقادة المليشيات في طرابلس ومصراته، والذين ما انفكوا عن القول بأن الصراع في بنغازي بين حفتر و الثوار، متجاهلين حقيقة الإرهاب بشكل واضح.

يرى سياسيون ومحللون غربيون الآن أن تنظيم داعش في ليبيا يشكل الخطر الأكبر على أمنهم باعتبار أنه بات قريبا منهم، فمدينة سرت على الساحل الجنوبي للبحر الأبيض المتوسط لا تبعد عن لامبيدوزا الجزيرة الايطالية سوى 300 كيلو متر، كما تعتبر هذه المدينة نقطة انطلاق للتمدد باتجاه منطقة الهلال النفطي في برقة والتي تحتوي على المخزون النفطي الأكبر في ليبيا.

تعود أهم أسباب سيطرة داعش على سرت إلى أن مليشيات الفجر التابعة لمصراته بسطت سيطرتها على المدينة بعد عام 2011.

 وأكد قادتها في أكثر من مرة أنهم سيؤمنوها، وركزوا على ضرورة احتلال الهلال النفطي ومحاربة الجيش الليبي الذي يتمركز في برقة الآن، غير أن فشل قوات الفجر في معركتها ضد الجيش وعدم سيطرتها على مناطق النفط أجج الصراع بينها وبين التنظيم الذي كان لايزال في بداياته ومع هذا استطاع طرد مليشيات الفجر التي تفوقه قوة وعددا إلى مدينة مصراته.

ويتحمل الأوروبيون  جزءا كبيرا من مسؤولية تمدد داعش في ليبيا، أولا لأنهم تبنوا فكرة المليشيات وقادتها و فكرة عدم وجود إرهاب حقيقي في ليبيا، كما أنهم اصروا على مساواة الشرعية في ليبيا بالانقلابين في طرابلس، وأيضا لعدم تعاونهم مع الجيش الليبي و رفع حظر التسليح عنه.

رد الفعل الأوربي الجار الشمالي لليبيا، جاء عن طريق رئيس الحكومة الإيطالية ماتيو رينزي بعد أيام من اعتداءات باريس وتكثيف الضربات الجوية على تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا إن حيث قال رينزي " ليبيا قد تصبح القضية الملحة المقبلة ."

كما أشار مصدر حكومي فرنسي أن ليبيا غارقة في الفوضى والعنف وقد تتحول "بشكل واضح إلى نقطة جذب للجهاديين مع ازدياد صعوبة الوصول إلى سوريا ".

وتؤكد مؤشرات استخباراتية غربية أن وجهة الارهابيين لم تعد سوريا فقط، فليبيا دخلت مجال اهتمامهم، ومما يؤكد ذلك أنه في منتصف نوفمبر أوقف في تونس شابان فرنسيان يشتبه في رغبتهما بالانضمام إلى داعش سرت في ليبيا.

يقول الخبير في الشؤون المغربية والتيارات الإسلامية قادر عبدالرحيم من معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في باريس إن ليبيا هي " البلد الذي يتعرض للتهديد الأكبر؛ الإرهابيون لا يتحملون فكرة وجود ديمقراطية على بعد عشرات الكيلومترات منهم".

تسري قناعة في الأوساط السياسية والأمنية الأوروبية أن التعامل مع داعش في ليبيا أسهل بكثير مما هو الحال عليه في سوريا والعراق، بالنظر لقرب ليبيا من أوروبا، ولكونه في متناول القواعد العسكرية خاصتها، لكن هذا الأمر لا يحتمل كثيرا من المغامرة بإهدار الوقت فالحالة في سوريا والعراق بدأت بنفس الاشارات والدلالات التي تعيشها ليبيا اليوم.

يقول وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان " نرى جهاديين أجانب يصلون إلى منطقة سرت (شمال وسط ليبيا) وإذا نجحت عملياتنا في سوريا والعراق في تقليص مساحة الأراضي الخاضعة لسيطرة داعش، يمكن أن يصبحوا غدا أكثر بكثير".

كما أعرب لودريان عن قلقه أيضا من خطر اتصال هؤلاء الجهاديين بجهاديي جماعة بوكو حرام النيجيرية.

غير أن الموقف الفرنسي والأوربي عموما لم يتخلى عن ميوعته فقد شدد لودريان على أنه ليست هناك استراتيجية لبلاده في مواجهة هذا التنظيم بليبيا، واضعا ذلك على شماعة التوافق بين القوى الليبية لمواجهته.

وأكد وزير الدفاع الفرنسي على عدم نية تدخل بلاده عسكريا في ليبيا مضيفا "إذا جمعنا ميليشيات طرابلس إلى قوات طبرق فإن داعش لا يعود ذا وزن "، مطالبا أيضا الجزائر ومصر، القوتين الإقليميتين الوازنتين، بضرورة " التوافق " للضغط على طرفي النزاع.

وهنا نتوقف عند قوله إذا جمعنا " مليشيات طرابلس " إلى " قوات طبرق" أولا إن عقيدة مليشيات طرابلس في أغلبها تحمل فكرا تكفيريا جهاديا، كما أنه لا توجد قوة اسمها قوات طبرق في الشرق فهناك فقط قوات الجيش، وهذا ايضا يؤكد أن الأوربيين لايزالون في محطة عدم الفهم أو التجاهل لما يحدث في ليبيا.

يرى محللون غربيون بأن تصريحات لودريان تؤكد حقيقة مفادها أن السياسة الأوروبية لم تشهد تغيرا كبيرا إزاء التنظيم في ليبيا، رغم الخطر الذي يتهدد قارتهم العجوز، خاصة وأن فرضية تسلل عناصر من داعش ضمن المهاجرين من ليبيا واردة جدا.

وصرح وزير أوروبي بأن تنظيم الدولة الإسلامية يمكن أن يستغل الفوضى في ليبيا “لإرسال جهاديين إلى لامبيدوزا”، الجزيرة الإيطالية التي تبعد أقل من 300 كلم عن السواحل الليبية.

وتظل المسألة الأكثر ازعاجا هي أنه ورغم تصاعد نبرات الخوف مما قد يقدم عليه داعش ليبيا إلا أن الواقع الأوربي يشير إلى استسهال كبير للمسألة، وتوجد قناعة في الأوساط  السياسية الأوروبية مفادها أن التعامل مع داعش ليبيا أسهل بكثير مما هو الحال عليه في سوريا والعراق، بالنظر لقرب ليبيا من أوروبا، وكونه في متناول القواعد العسكرية التابعة لها.

الموقف الأمريكي لا يبدو أنه يختلف كثيرا عن الموقف الأوربي فالولايات المتحدة الأميركية، لا تبدو عازمة على خوض عملية عسكرية للقضاء على تنظيم داعش في ليبيا، رغم شنها لبعض العمليات، لعل آخرها كان في 13 نوفمبر حيث أعلنت أنها تمكنت من قتل العراقي أبو نبيل، الزعيم المحلي للتنظيم الجهادي، في قصف جوي.

يقول رئيس المركز الأميركي " نورث أفريكا ريسك كونسالتينغ " جوف بارتر" أن واشنطن لا ترغب في التورط في هذا البلد قبل الانتخابات الرئاسية ".

وأضاف " بوجود هيلاري كلينتون في السباق، سيفعل البيت الأبيض ما بوسعه لتجنب نقل ليبيا إلى واجهة الأحداث ."

قد تكون سرت جغرافيا مكشوفة فالأرض المحيطة بها منبسطة خالية من التضاريس الوعرة كالجبال أو الغابات مقارنة بدرنة، كما أنها مدينة ذات حيز صغير نسبيا وعدد سكانها قليل جدا مقارنة ببنغازي، غير أن اهمال التدخل في المدينة عسكريا سيجعل الثمن باهضا لإعادة السيطرة عليها من أي جهة.

Related Stories

No stories found.
logo
إرم نيوز
www.eremnews.com