إغراءات البطولة لا المساجد تشد الشباب في بروكسل لداعش
إغراءات البطولة لا المساجد تشد الشباب في بروكسل لداعشإغراءات البطولة لا المساجد تشد الشباب في بروكسل لداعش

إغراءات البطولة لا المساجد تشد الشباب في بروكسل لداعش

بروكسل - عاش خالد بن العربي حياة حافلة بالمتع الحسية تشبه كثيرا حياة غيره من الشبان الأوروبيين، ونادراً ما كان يذهب إلى المسجد في حي مولنبيك الذي يغلب عليه المهاجرون من المغاربة المسلمين، حيث نشأ في العاصمة البلجيكية بروكسل هو وثلاثة من المشتبه في اشتراكهم في اعتداءات باريس.

وكان اكتشاف عدم صحة أوهامه عن الحياة في المدن الذي قاد غيره من الشبان إلى عالم المخدرات والجريمة هو نفسه العامل الذي يقول الجيران ومسؤولو العمل الاجتماعي المحليون والأئمة إنه وراء تحول بن العربي من مراهق إلى مقاتل في صفوف تنظيم الدولة الإسلامية بهرته وعود المغامرة والمجد.

وفي كثير من الأحيان تشعر الأسر في مولنبيك وغيرها من المناطق بالصدمة لدى اكتشاف أن أبناءها جندهم دعاة يعملون في الخفاء ووسائل التواصل الاجتماعي وشبكة متنامية من مواطنيهم من الجهاديين تعمل على نشر حكايات الأفعال الجريئة في سوريا.

كان بن العربي (23 عاما) "شابا عاديا" يحب السينما. وذات يوم في العام الماضي اختفى من أجل القتال في سوريا قبل أن يعود إلى بلجيكا في يناير كانون الثاني ليلقى حتفه في مداهمة نفذتها الشرطة وفي يده بندقية كلاشنيكوف.

وقالت إمرأة تعرف أسرته لرويترز "كانت أمه في حالة صدمة شديدة. حتى الان وبعد شهور لم تعد تخرج".

وأضافت بينما كانت الشرطة تبحث في بروكسل عن صلاح عبد السلام أحد المشتبه فيهم الرئيسيين في هجمات باريس التي شنها تنظيم الدولة الاسلامية في 13 نوفمبر تشرين الثاني "قال إنه ذاهب لرؤية أصدقاء. ولم يعرفوا شيئا بعد ذلك إلا عندما اتصل بهم من سوريا."

ولم يتسن الاتصال بأسرة بن العربي للتعليق على ما حدث.

وانضم بن العربي في سوريا لشاب آخر من مولنبيك هو عبد الحميد أباعود الذي يشتبه أنه العقل المدبر لاعتداءات باريس وقتلته الشرطة الفرنسية الأسبوع الماضي.

ونشر الإثنان مقاطع فيديو على الانترنت بعضها دموي والبعض الآخر هزلي. وطبقا لأحاديث مع أسرة أباعود نشرت في وسائل الاعلام البلجيكية شعرت الأسرة بالصدمة عندما سافر ابنها الذي كان يسمي نفسه "الارهابي السائح" إلى سوريا في عام 2013.

ويعتقد مسؤولون أنه أغوى شبانا آخرين من مولنبيك لدخول عالم العنف.

ويقول جمال هباشيش الذي يرأس مجلس مساجد مولنبيك وعددها 22 مسجدا "المشكلة السورية حطمتنا. الأسر تأتي إلينا محطمة."

وقال أوليفييه فاندرهايجن الذي يعمل لحساب خدمة جديدة أقامها حي مولنبيك هذا العام لمكافحة اتجاه الشبان للتشدد الديني إن الأسر التي لم تكن تعر الشعائر الدينية الاسلامية اهتماما في الماضي تدرك في كثير من الأحيان أن أبناءها تغيروا عندما يوبخون أقاربهم على عدم التقيد بأداء الفروض.

وأضاف قائلا في مكتبه بالقرب من بيت عبد السلام "من الواضح أن هذه مرحلة أخيرة من عملية التحول إلى التشدد. وعندها فقط في العادة تدرك الأسر وجود مشكلة. وفي الغالب يكون الأوان قد فات تقريبا".

 أزمة هوية

أصبحت الأضواء مسلطة على مولنبيك بعد إغلاق بروكسل ثلاثة أيام خوفا من أن يشن صلاح عبد السلام أو غيره هجمات جديدة على غرار اعتداءات باريس.

ويعاني حي مولنبيك من الزحام الشديد وارتفاع البطالة بين الشبان وهي ذاتها المشاكل التي تواجه التجمعات السكنية الأخرى في المدينة والتي يعزى إليها الجنوح للإجرام والاتجاه للانعزال.

يقترن ذلك بشعور لدى بعض المنحدرين من أصول مغربية بأنهم لا ينتمون إلى المغرب ولا إلى بلجيكا.

وقال فاندرهايجن "ما نراه من تشدد هو في جوهره أزمة هوية".

ويقول مسؤولون أمنيون إن عبد السلام (26 عاما) الذي كان يدير حانة في الحي كانت لها مشاكل مع شرطة مكافحة المخدرات تعرف على أباعود في السجن. ودخل الاثنان السجن بسبب سرقات بسيطة قبل أربع أو خمس سنوات. ولم يكن أحد يحسب أنه مهتم بالدين.

لكن شقيقه الأكبر محمد قال للتلفزيون البلجيكي يوم الأحد إنه بدأ يلاحظ في وقت سابق من العام الجاري أن صلاح وشقيقا آخر هو ابراهيم بدآ يصليان وتوقفا عن تناول المشروبات الروحية في المناسبات الاجتماعية.

وقد فجر ابراهيم - الذي كان يمتلك الحانة التي أدارها صلاح - نفسه خارج مقهى كومتوار فولتير في باريس.

والشقيقان مثل أغلب جيرانهما من أبناء وأحفاد مهاجرين مغاربة استقبلتهم بلجيكا بأعداد كبيرة في الستينات لسد نقص في الأيدي العاملة.

وقالت فاطمة (42 عاما) خارج مسجد في الدور الأول من مبنى سكني في مولنبيك حيث شارك عشرات الشبان في صلاة الجمعة الأسبوع الماضي "جدي ظل يعمل 25 عاما في مناجم الفحم وأبي مات فيها والناس مازالت تنظر لي شزرا".

شطارة المجندين

وقال هباشيش إن صلاح تردد خلال طفولته على مسجد في مولنبيك ثم توقف عن الذهاب اليه. وأضاف أن بعض الأئمة مستغرقون في الحديث عن المسائل الدينية المعتادة لدرجة لا تجعلهم يتناولون التحديات اليومية التي تواجه الشبان. وأضاف أن نصف الأئمة في الحي لا يتحدثون اللغة الفرنسية.

وقال فاندرهايجن "لهذا يبحثون في أماكن أخرى" فيغريهم الساعون لتجنيدهم الذين يتحدثون بلغة الشارع مثل منظمة الشريعة من أجل بلجيكا التي تعمل من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وأدين زعيمها ونحو 12 من أعضائها في أوائل العام الجاري في مدينة انتويرب بإغراء العشرات للمشاركة في القتال في سوريا.

وسلمت فرانسواز شيبمانز رئيسة بلدية مولنبيك بأن السلطات لم تجابه هذه المشكلة حتى الآن ووصفت الحي بأنه "أرض خصبة لعنف المتشددين".

ومنذ عام 2014 قالت شيبمانز إن أربع ضباط يتولون ملف التطرف بين سكان المنطقة التي يمثل الحي جزءا منها ويبلغ عدد سكانها 220 ألف نسمة.

وأضافت "هذا لا يكفي".

ويشعر كثيرون بضرورة بذل المزيد في ضوء سفر 350 شخصا على الأقل من بلجيكا إلى سوريا للمشاركة في القتال وتحولهم إلى أبطال في عيون غيرهم وهو عدد أكبر من أي دولة أخرى في أوروبا مقارنة بعدد السكان.

وقال هباشيش إن "منظمة الشريعة من أجل بلجيكا تجوب شوارعنا منذ سنوات قبل تدخل السلطات".

وقال ريك كولسايت خبير مكافحة الارهاب إنه رغم أن عدد المسافرين الجدد إلى جبهات القتال انخفض لأكثر من النصف مما يتراوح بين 10 و12 فردا كل شهر في 2012-2013 إلى نحو خمسة شهريا هذا الصيف فإن الجيل الجديد من الراغبين في القتال في صفوف الدولة الاسلامية أقل مثالية وأكثر ميلا "للسادية والبحث عن المغامرة والتشويق".

وأضاف "في هذا الجو الذي لا مستقبل فيه يمثل ذلك منفذا للسلوك المنحرف. منفذ يمنحهم نوعا من الانتماء".

وفي إصلاحية للصغار في بروكسل يعمل فيها محمد الزعتراوي كمستشار مسلم اشتبهت أجهزة الأمن أن أربعة من 80 قاصرا هو مسؤول عنهم لهم صلات بتنظيم الدولة الاسلامية.

وفي الآونة الأخيرة أمضى شهورا في تقديم النصح لشاب عمره 17 عاما يعتقد أنه كان على اتصال مباشر بسوري يسعى لتجنيده.

وحفزته خبرته المهنية على اليقظة في التعامل مع أطفاله في سن المراهقة.

وقال "أفضل من أن نستيقظ يوما ونجدهم قد رحلوا. فالمراهقون يعتقدون أنهم مثل رامبو (أبطال) لا يقهرون. ويقال لهم إنهم سيلقون الخلاص في سوريا. وهي أسطورة جميلة".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com