روسيا تخوض "حرب النفوذ" عبر جبهتي سوريا وأوكرانيا
روسيا تخوض "حرب النفوذ" عبر جبهتي سوريا وأوكرانياروسيا تخوض "حرب النفوذ" عبر جبهتي سوريا وأوكرانيا

روسيا تخوض "حرب النفوذ" عبر جبهتي سوريا وأوكرانيا

عواصم- يعتقد مسؤولون غربيون أن الضربات الجوية الروسية في سوريا تهدف في جانب منها إلى انتزاع تنازلات من الغرب بشأن أوكرانيا بتحويل موسكو إلى طرف مهم في أي محاولات من القوى العالمية للتوصل لتسوية بعد الحرب في دمشق.

ويقول بعض المسؤولين في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي إنه "رغم أن العاصمة السورية تقع على بعد ثلاثة آلاف كيلومتر جنوب العاصمة الأوكرانية كييف، فإنهما بالنسبة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين جبهتان في الحرب ذاتها التي تهدف إلى منع اندماج أوكرانيا في أوروبا".

ولن يتحدث أي مسؤول بشكل علني عن هذه الصلة، قائلين إن "الأمر مبني على التكهنات"، كما أن دبلوماسيين فرنسيين يستضيفون اجتماعات رفيعة المستوى مع بوتين في باريس يوم الجمعة ليسوا مستعدين لاستخلاص أي استنتاجات.

لكن في أحاديث خاصة قال عدد من المسؤولين والدبلوماسيين، في تصريحات صحافية، إنهم "يعتقدون أن هدف الزعيم الروسي هو استغلال تدخله في سوريا للضغط على الغرب لكي يقبل ضمنياً ضم روسيا لشبه جزيرة القرم الأوكرانية لأراضيها في 2014 ويرفع بشكل تدريجي العقوبات التي فرضها على روسيا ردا على ذلك".

ويقول الكرملين إن الضربات الجوية الروسية تستهدف "منظمة إرهابية معروفة" داخل سوريا.

ومن ناحية استراتيجية فإن ضربات بوتين الجوية تؤمن مصالحه في حماية الرئيس السوري بشار الأسد والميناء الروسي في مدينة طرطوس السورية الذي يتيح لروسيا الوصول إلى البحر الأسود الذي باتت تسيطر عليه بعد أن ضمت شبه جزيرة القرم.

ويرى مسؤولون غربيون دوافع أخرى تتضمن أن موسكو ربما تقول أيضاً إن تدخلها العسكري في الحرب الأهلية السورية -وهو الأول من نوعه في الشرق الأوسط منذ عقود- يمكن أن يستخدم للحد من الأعداد القياسية من اللاجئين التي تهرب إلى أوروبا.

ويرى معظمهم التدخل الروسي في سوريا سبيلاً لأن يجعل بوتين نفسه "طرفاً لا غنى عنه بالنسبة للغرب" على حد تعبير أحد المسؤولين في الاتحاد الأوروبي بينما يعترف أنه يدافع عن عائلة الأسد حليفته الوثيقة.

لكن البعض في بروكسل وكييف ممن يتهمون روسيا بدعم الانفصاليين في شرق أوكرانيا يعتقد أن توقيت التراجع الحاد في العنف بشرق أوكرانيا والضربات الجوية الروسية في سوريا ليس من قبيل الصدفة.

وقال وزير خارجية أوكرانيا، بافلو كليمكن، في إشارة إلى إقليمي لوجانسك ودونيتسك اللذين يسيطر عليهما الانفصاليون، إنه "لا يوجد أي شك بأن وقف إطلاق النار في حال أفضل لأن الروس قرروا ذلك."

وبعد 16 شهراً من القتال وثمانية آلاف قتيل، تراجع الصراع إلى أدنى مستوياته منذ توقيع اتفاق سلام في شباط/ فبراير، فيما تتواصل الجهود لسحب الدبابات والأسلحة.

وقد يستعر الصراع مجدداً لكن في الوقت الحالي فإن التطورات أدت إلى تقليص مساحة الانتقادات لما يحدث في شرق أوكرانيا في الأمم المتحدة هذا الأسبوع ولم يتطرق بوتين للصراع إلا بشكل عابر في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وبدلاً من ذلك، هيمن تحرك بوتين لضرب متشددي تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا على الاجتماع، الأمر الذي جعل الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو يعول على دبلوماسييه للتصفيق الحار على تصريحاته التي أدان فيها روسيا خلال كلمته بالجمعية العامة.

وقاطع دبلوماسيون روس كلمة بوروشينكو. وترفض موسكو اتهامات الغرب بأنها تمد الانفصاليين بالسلاح وترسل جنوداً للقتال داخل شرق أوكرانيا. ويقول بوتين إن الغرب خطط لانقلاب في أوكرانيا.

استغلال الخلافات

في الوقت الذي رحب فيه مسؤولون غربيون بتراجع العنف في أوكرانيا فإنهم يشعرون بالقلق من احتمال أن تتعامل حكومات مع هذه التطورات على أنها أمر مسلم به وأن تسعى دول في الاتحاد الأوروبي تتمتع بعلاقات قريبة مع روسيا في تخفيف الموقف تجاه موسكو ومناقشة رفع العقوبات الاقتصادية التي تنقضي مدتها مع بداية العام المقبل.

ويؤيد زيجمار جابرييل نائب المستشارة الألمانية تخفيف العقوبات لنيل تأييد موسكو في الصراع في سوريا.

لكن بيتر ألتماير مدير مكتب المستشارة الألمانية ووزير الخارجية فرانك فالتر شتاينماير، رفضا فكرة المقايضة. وقال شتاينماير: "لا نريد خلط الأمور."

وتلتزم الجمهوريات السوفيتية السابقة في أوروبا الحذر أيضا. وقالت رئيسة ليتوانيا، داليا جريباوسكايتي، في نيويورك في إشارة لروسيا: "أن نثق في دولة.. تشارك في العدوان على أراضي دولة أخرى.. سيكون أمراً صعباً للغاية أن نثق أن تستطيع مثل هذه الدولة في إرساء السلام.. أو أن نواياها حسنة."

وسيجتمع بوتين مع بوروشينكو إلى جانب الرئيس الفرنسي فرانسوا أولوند والمستشارة الألمانية ميركل لمناقشة الصراع الأوكراني واتفاق مينسك الذي أبرموه في شباط/ فبراير في عاصمة روسيا البيضاء.

وسعى بوتين لاستغلال الخلافات بين حكومات الاتحاد الأوروبي لأن بعض الدول مثل اليونان والمجر وإيطاليا أبدت تأييدا مترددا لعقوبات مثل تجميد الأصول وفرض حظر السفر ومنع وصول روسيا إلى رأس المال مفضلة الحوار على ذلك.

ومن خلال تجميد الوضع في أوكرانيا بعدم تطبيق بنود اتفاق مينسك الـ12، لكن مع نزل فتيل الصراع يستطيع بوتين أن يتحكم في الصراع بتفجيره أو تهدئته كما يشاء.

وقال ياجيك ساريوسكي فولسكي، وهو نائب بولندي ينتمي لتيار يمين الوسط في برلمان الاتحاد الأوروبي ويشارك في مساعى غربية لضم كييف للاتحاد: "الصراع المجمد يمكن فك تجميده. إنه (بوتين) يريد أن يكون قادراً على السيطرة على الصراع وعرقلة مسار أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي."

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com