تركيا تدخل مرحلة صعبة مع تفاقم أزمة استضافة اللاجئين
تركيا تدخل مرحلة صعبة مع تفاقم أزمة استضافة اللاجئينتركيا تدخل مرحلة صعبة مع تفاقم أزمة استضافة اللاجئين

تركيا تدخل مرحلة صعبة مع تفاقم أزمة استضافة اللاجئين

أنقرة- بدأت علامات الإنهاك من إيواء أكبر عدد من اللاجئين في العالم، تظهر على تركيا، التي فتحت أبوابها للفارين من سوريا والعراق، وهو ما يحمي دول أوروبا من أزمة هجرة أسوأ كثيرا من تلك التي تواجه صعوبات للتعامل معها حالياً.

وبينما تلجأ بعض الحكومات الأوروبية لرجال الشرطة الذين يحملون الهراوات وللمتاريس، لوقف تدفق المهاجرين، تعهدت أنقرة بمواصلة استضافة أكثر من مليوني شخص من جارتيها الجنوبيتين، وترحب بأي أعداد إضافية تتوافد إليها.

لكن اللاجئين أصبحوا عبئاً سياسياً بينما تستعد البلاد لانتخابات ستشهد منافسة قوية من المقرر إجراؤها في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، خاصة قرب البلدات التي يمكن أن تفوق فيها أعداد السوريين أعداد المواطنين الأتراك. ويشعر الكثير من الوافدين الجدد بالقلق لأن الحكومة تمنعهم من العمل إذ تخشى ردود فعل سلبية من الناخبين.

وتقول تركيا إنها أنفقت 6.5 مليار دولار على جهود الإغاثة الإنسانية التي شملت إقامة بعض أفضل مخيمات اللاجئين تجهيزا على الإطلاق إلى جانب توفير التعليم والرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية.

ويقول راي مكجراث من منظمة ميرسي كوربس الأمريكية للإغاثة: "هذه واحدة من أكبر الاستجابات الإنسانية التي رأيتها في أي مكان.. هناك قبول بأن على تركيا أن تساعد جارتها مهما كان هذا متعبا"، لكنه حذر من أن "قدرتها على المساعدة بلغت منتهاها".

وعبر سنان أولجن، رئيس مركز الدراسات الاقتصادية والسياسة الخارجية ومقره اسطنبول، عن رأي مشابه، حيث قال: "استجابة تركيا كانت أكثر إنسانية كثيراً من أوروبا وتتفق أكثر كثيراً مع القيم العامة التي تزعم أوروبا أنها تلتزم بها".

وأضاف "يحاول كثيرون فهم الحدود لحجم ما يمكن لتركيا أن تفعله. أعتقد أننا وصلنا إلى هذه الحدود".

"لا حياة"

زاد تفجير في بلدة سروج الحدودية في تموز/ يوليو الماضي، ألقي باللائمة فيه على تنظيم الدولة الإسلامية، المخاوف من أن تسهل سياسة الباب المفتوح على المتشددين دخول تركيا، وقد عمق انهيار وقف إطلاق النار مع المقاتلين الأكراد في تموز/ يوليو، المخاوف الأمنية.

لكن التحدي الأكبر هو طول المدة. وتسعى السلطات جاهدة لدمج أعداد ضخمة من اللاجئين الذين لا يتحدثون التركية واحتمالات عودتهم إلى وطنهم قريبا ضئيلة.

وتأجلت قضية منح تصاريح عمل للاجئين قبل الانتخابات البرلمانية المبكرة التي سيحاول فيها حزب العدالة والتنمية الحاكم استعادة الأغلبية التي خسرها في حزيران/ يونيو الماضي.

ودفع هذا القرار الذي انتقده عمال إغاثة، اللاجئين للقيام برحلات الهجرة غير الشرعية التي تنطوي على مخاطرة في قوارب متهالكة إلى أوروبا.

وعلى النقيض من اليونان -التي سمحت للكثير من المهاجرين بمواصلة رحلتهم- تقوم قوات خفر السواحل وقوات الأمن التركية بدوريات على الطرق إلى أوروبا وتحتجز القوارب وتعيد ركابها إلى تركيا.

وفي كثير من الأحيان وعلى غرار ما حدث في حالة الطفل الغريق ايلان كردي، ينطوي الأمر على انتشال جثث من لاقوا حتفهم خلال الرحلة.

وتمنح تركيا للاجئين وضع "الحماية المؤقتة" حتى يحصلوا على التعليم في المدارس والرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية. لكن التكاليف في تصاعد شديد مع تراجع المؤشرات الاقتصادية.

وهبطت الليرة في الشهر الحالي إلى مستويات قياسية مقابل الدولار، بينما لم يتجاوز النمو الاقتصادي العام الماضي 2.9%، وهو ما يقل بكثير عن النسبة المستهدفة وهي 5%. وتذكي التوقعات المتشائمة تدفق المهاجرين غير الشرعيين إلى أوروبا.

وقال طارق (32 عاماً) بينما كان ينتظر للعبور غير المشروع من منتجع بوضروم التركي إلى جزيرة كوس اليونانية بعد أن جاء من مدينة حلب السورية: "لا حياة هنا. نحتاج أن نعيش حياة طبيعية. أريد أن أعثر على عمل".

فتح الأبواب

أوقفت قوات الأمن اليوم الثلاثاء مئات الساعين للهجرة بينما كانوا يحاولون الوصول إلى الحدود البرية الغربية بين تركيا واليونان.

ويخشى عمال إغاثة ودبلوماسيون من أنه إذا لم تستوعب الدول الأوروبية المزيد من اللاجئين أو تزيد مساعداتها المالية لتركيا فقد يبدأ المسؤولون في غض الطرف عمن يحاولون الرحيل.

وقال جان كريستوف بيجون، رئيس قسم تركيا بالإدارة العامة للمساعدات الإنسانية والحماية المدنية بالمفوضية الأوروبية: "على الدول الأوروبية أن تتحرك لزيادة دعمها لتركيا".

وقال مصدر في الاتحاد الأوروبي، في تصريح صحافي، إن "الاتحاد كان بطيئا في التواصل مع تركيا بشأن التعامل مع تدفق اللاجئين، لكن محادثات تجري لتقديم تمويل لمساعدة اللاجئين داخل تركيا".

وعلى الرغم من أنها تستضيف نصف إجمالي اللاجئين السوريين تقريبا، فإن تركيا تتلقى أموالا أقل من الدول الأفقر التي تستضيف لاجئين مثل لبنان والأردن.

وتقدر الأمم المتحدة أنها جمعت 30% فقط من الأموال التي تقول إنها تحتاجها لتركيا هذا العام.

ويقول دبلوماسيون إنه "تم تقديم عروض مباشرة بالتمويل، لكنها تداعت بسبب الشروط الصارمة التي تضعها أنقرة لكيفية استخدام الأموال والدور المسموح لهيئات الإغاثة أن تلعبه".

ولم تحرز تركيا أي تقدم يذكر على صعيد إقناع الشركاء الغربيين بالحاجة الملحة لإقامة منطقة آمنة في شمال سوريا حيث يمكن إعادة توطين بعض اللاجئين. ويقول مسؤولون غربيون في أحاديث خاصة إنه ربما لا يتسنى تنفيذ هذه الخطة قبل أعوام.

وقال دبلوماسي غربي مطلع على الشؤون العسكرية: "لا أظن أن هيئة الأركان التركية تناقش الأمر. إنه مجرد تطلع سياسي".

وعلى الرغم من تضاؤل الآمال، أكد مسؤول تركي كبير أن سياسة أنقرة لن تتغير.

وقال: "لا تزال تركيا ملتزمة بمساعدة المحتاجين سواء واصل المجتمع الدولي غض الطرف عن المشكلة أم لا".

وقال أولجن رئيس مركز الدراسات الاقتصادية والسياسة الخارجية: "من المرجح أن تنتظر أنقرة لترى إن كان تزايد الجدل في أوروبا بشأن أزمة المهاجرين في الآونة الأخيرة سيعطي دفعة لعزم الغرب على القيام بتحرك أكثر حزما إزاء سوريا".

وأضاف "لكن إذا لم تتحقق التوقعات على جميع الجبهات فإن من الممكن أن تلجأ أنقرة لملاذ أخير وهو أن تزيد الضغط من خلال أن تكون أقل تعاونا على صعيد تدفق اللاجئين على أوروبا".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com