إسبانيا.. "ارتورو ماس" يعلن ساعة الصفر لمعركة انفصال كاتالونيا
إسبانيا.. "ارتورو ماس" يعلن ساعة الصفر لمعركة انفصال كاتالونياإسبانيا.. "ارتورو ماس" يعلن ساعة الصفر لمعركة انفصال كاتالونيا

إسبانيا.. "ارتورو ماس" يعلن ساعة الصفر لمعركة انفصال كاتالونيا

أعلن رئيس حكومة كاتالونيا أرتور، مساء الاثنين، حل البرلمان الكتالاني والدعوة رسميا إلى انتخابات إقليمية مبكرة يوم 27 سبتمبر/أيلول القادم.

بلغة الأرقام تعتبر هذه هي الانتخابات الحادية عشر في تاريخ الإقليم، منذ إعلان الديمقراطية في إسبانيا بعد وفاة الديكتاتور فرانكو عام 1975 ودخول البلاد في مرحلة انتقالية لمدة 3 سنوات وإعلان دستور 1978، وكانت لتكون انتخابات عادية تفرز برلمانا وحكومة جديدة في واحد من بين 17 إقليم إسباني تتمتع كلها بالحكم الذاتي، لكن توجهات الانفصال غيرت الحدث بالكامل، وحولته إلى إعلان ساعة الصفر لمعركة تبدو فاصلة في تاريخ إسبانيا الحديث.

ماس أكد في خطابه - الذي اعتبر تاريخيا في برشلونة- أن الانتخابات القادمة ليست انتخابات تقليدية بناء على أن "هناك أغلبية واضحة جدا تريد ممارسة حقها في تقرر المصير".

بلغة السياسة الإسبانية بدأت معركة الانفصال بشكل ميداني، وسيخوض رئيس الحكومة الكاتلانية انتخابات مبكرة، وفي حال نجاحه سيعلن الانفصال عن إسبانيا، وفي كلمات مركزة قال ماس: "في الأسابيع المقبلة، سيقوم العالم بمراقبتنا، سنقدم مرة أخرى أفضل وجه لنا". واعدا بــ "أفق من الديمقراطية والعدالة والحرية" لأولئك الذين يراهنون على خيار الانفصال.

تجديد طموحات الانفصال التاريخية

بهذه الخطوة يكون أرتورو ماس - أشهر الانفصاليين الإسبان- قد جدد معركة الانفصال وفتح ملفا سياسيا ملتهبا قد لا يتم إغلاقه قبل نهاية العام.

فالرجل الذي وصل إلى رئاسة حكومة إقليم كاتالونيا في اكتوبر/تشرين الأول 2010 سرعان ما اشتبك مع حكومة إسبانيا حول ملف الثروة في إقليم كاتالونيا الغني (شرق إسبانيا) رافضا مبدأ دفع ضرائب كبيرة للحكومة التي تفرض توزيع الثروة الوطنية من خلال فرض ضرائب على الأقاليم الغنية (مثل كاتالوينا وعاصمتها برشلونة) ومساعدة أقاليم فقيرة (مثل إقليم الأندلس الذي يحظى بأهمية تاريخية).

واشتبك ارتورو ماس مع ماريانو راخوي رئيس الحكومة الإسبانية وأعلن انتخابات مبكرة عام 2012 اعتبرها بداية مشروع انفصال الإقليم، وهو ما لقي تناغما من قبل الانفصاليين الكاتلان الذين يعتبرون - تاريخيا- أنهم إقليم ذو سيادة، وأمة ذات لغة وهوية مستقلة، عانت بشكل خاص من دكتاتورية الجنرال فرانكو الذي حكم إسبانيا من 1936 حتى وفاته 1975.

وظل ارتورو ماس يحرج الحكومة الإسبانية بموضوع الانفصال، ويستثمر في رغبة الانفصال الشعبية حتى نوفمبر/تشرين الثاني 2014 عندما نجح في تنظيم استفتاء أو "استشارة شعبية" - حسب المصطلح القانوني- رغم أنف المحكمة الدستورية الإسبانية والحكومة المركزية في مدريد، وهو الاستفتاء الذي أجاب فيه 80.76% من المصوتين بأنهم يريدون "دولة مستقلة عن إسبانيا" ليشكل ذلك قاعدة حفزت السياسيين الانفصاليين لمزيد من تحدي الحكومة المركزية في مدريد والمضي قدما في مشروع الانفصال.

16 يوليو الماضي أنشأ الحزب الحاكم في كاتالونيا والذي يرأسه ماس ويدعى التقارب الديمقراطي الكاتالاني CDC تحالفا سياسيا مع الحزب اليساري الجمهوري ERC، وهو التحالف الذي تعتبره مدريد أخطر تحالف يضم سياسيين راديكاليين منذ بداية العصر الديمقراطي في البلاد.

خطة تحالف ماس ورفاقه الانفصاليين واضحة كما أعلنها التحالف عند تأسيسه: تأمين النجاح في الانتخابات القادمة – اعتبار تصويت الأغلبية هو لصالح مشروع الانفصال – إعلان دولة كاتالونيا المستقلة مباشرة بعد الانتخابات – العمل على صياغة قوانين جديدة والدخول في معركة الانضمام للاتحاد الأوروبي، وتسوية أمور الدولة الجديدة خلال 18 شهرا، فبالنسبة لهم: "هذا هو الملاذ الأخير بعد أن تم منع إجراء الاستفتاء من طرف الحكومة المركزية".

وبذلك يعيد ارتورو ماس إلى الأذهان ثلاث محاولات فاشلة لانفصال الإقليم في التاريخ الإسباني في أعوام 1873  - 1931 و1934 في سعي منه لأن تكون محاولة 2015 أكثر حسما حول مستقبل الإقليم، معتمدا على دبلوماسية سياسية، وحنكة في الصراع مع حكومة مدريد، وشعبية يراهن عليها في الشارع.

مدريد قد ترد عسكريا على مطالب الانفصال

لم تعلق حكومة مدريد بعد على الخطاب بشكل رسمي - بحكم أنه أذيع ليلا- لكنها كانت استبقته وأكدت، الاثنين، على لسان المتحدثة باسم الحكومة "ثريا سانتاماريا"، أن ناخبي كاتالونيا مدعوون إلى "انتخاب برلمانهم الإقليمي الذي سينتخب بدوره رئيسا جديدا، وليس شيئا آخر".

الحكومة الإسبانية التي تعتبر مشروع انفصال الإقليم - منذ البداية- خطوة ضد الدستور تمس من الوحدة الترابية للبلاد، لا يستبعد أن ترد بقوة على أي خطوة في اتجاه هذا الانفصال.

وبحسب مصادر سياسية فإن ماريانو راخوي تابع وبشكل دقيق خطاب رئيس حكومة إقليم كاتالونيا و"أعطى أوامره بدراسة الخطاب بدقة واتخاذ ما يلزم من تدابير".

وعبارة "ما يلزم من تدابير" يبدو أنها تشمل ما ورد في تصريحات لوزير الدفاع الإسباني بيدرو مورينيس - قبل عشرة أيام- حول "إمكانية التدخل في إقليم كاتالونيا" ردا على التحركات المطالبة بفرض انفصال الإقليم الغني عن إسبانيا، وهو ما اعتبر خطوة مفصلية في طريقة رد مدريد على ملف الانفصال.

فقد هدد وزير الدفاع الاسباني باللجوء إلى المادة 155 من الدستور الإسباني والتي تنص على أنه في حالة قام أحد أقاليم الحكم الذاتي بمعارضة الدستور أو القوانين الأخرى، أو تصرف بطريقة تضر بشكل خطير المصلحة العامة لإسبانيا، على الحكومة بموافقة مجلس الشيوخ بأغلبية مطلقة، اتخاذ التدابير اللازمة لإجبار هذا الإقليم على احترام الالتزامات الدستورية والقانونية وحماية المصلحة العامة لإسبانيا.

وربما من باب عدم اللجوء إلى لهجة أكثر صراحة، وانتهاج دبلوماسية غير معتادة منه، لم يتطرق وزير الدفاع الإسباني  إلى المادة 8 من الدستور الإسباني التي تنص على أن: "مهمة القوات المسلحة المؤلفة من الجيش والبحرية والقوات الجوية، تتجلى في ضمان سيادة واستقلال إسبانيا، والدفاع عن وحدتها الترابية والنظام الدستوري".

تداعيات الانفصال عالمية

فضلا عما تعتبره الحكومة الإسبانية مساسا بالوحدة الترابية، وما يعتبره الاتحاد الأوروبي في أدبياته غير المعلنة "عدوى الانفصال الكارثي" الذي يعصف بوحدة بلدانه، ورغم التحولات الثقافية والاقتصادية والسياسية وربما العسكرية المحتملة في حال تنفيذ مخطط الانفصال الذي يسعى اليه ارتورو ماس، فإن الملايين من عشاق كرة القدم في كل أرجاء الكرة الارضية غير المعنيين بالسياسة نهائيا، بدؤوا يشعرون بانعكاسات الجدل السياسي في إسبانيا على واقعهم اليومي، وتوسعه ليكون جدلا عالميا، ففي حالة حصل الانفصال كما يطمح إليه ارتورو ماس في سبتمبر القادم، فإن نادي كرة قدم عملاق مثل برشلونة والذي يتربع اليوم على عرش كرة القدم الاسبانية والاوروبية، سيصبح خارج الليغا الإسبانية وكأس الملك بحسب تهديدات حكومة مدريد، وربما يصبح أيضا خارج الشامبيونزليغ بواقع انغلاق أوروبا أمام الانفصاليين، وهو سيناريو سيحول بطل ثلاثية 2015 الأسطوري إلى ناد منعزل خارج حلبة التنافس الكروي.. وربما إلى الأبد.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com