تنسيق تركي أمريكي لمنع تدفق المقاتلين لسوريا
تنسيق تركي أمريكي لمنع تدفق المقاتلين لسورياتنسيق تركي أمريكي لمنع تدفق المقاتلين لسوريا

تنسيق تركي أمريكي لمنع تدفق المقاتلين لسوريا

أنقرة - كشفت مصادر مطلعة عن تنسيق أمريكي تركي مؤخراً بشأن تأمين حدود الأخيرة مع سوريا، ووقف تسلل المقاتلين الأجانب.

وعلى الرغم من الخلافات السياسية العميقة حول أبرز القضايا الإقليمية يبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تستطيع فصل عرى الشراكة التي لا بد منها مع الجمهورية التركية ذات الثقل الإقليمي.

ويوقّع الجانبان الأمريكي والتركي، اليوم الخميس، اتفاقية لأمن المعلومات، يتبادل الحليفان من خلالها بيانات مالية عن أرصدة مواطني كل من الدولتين في مصارف الأخرى.

وتربط الولايات المتحدة، اتفاقيات من هذا النوع مع أكثر من 100 دولة حول العالم؛ من بينها العديد من دول الاتحاد الأوروبي، ومعظم الدول الأعضاء في قمة العشرين الاقتصادية.

خلافات عميقة

إن الشراكة الإستراتيجية لا تعني انصياع تركيا التام للسياسات الأمريكية، فتركيا دولة طموحة، لها مشروعها الإقليمي، الذي كثيراً ما يتعارض مع سياسات الولايات المتحدة في المنطقة.

وبدأت أولى إشارات التوتر في العلاقات الأمريكية التركية، خلال الحرب الأمريكية على العراق، عام 2003، ومطالبة الأكراد بالاستقلال عن الحكومة المركزية في بغداد، ما زاد مخاوف أنقرة من انعكاس حصول أكراد العراق على دولة مستقلة على الأمن الداخلي التركي، وارتفاع سقف مطالب أكراد تركيا.

وأدى شن حزب العمال الكردستاني (بي كي كي) لغارات على الأراضي التركية، من مخابئ في إقليم كردستان العراق، وعدم تحرك الاحتلال الأمريكي لضرب تلك البؤر، إلى ارتفاع مشاعر كره الأتراك للولايات المتحدة.

وبينما اعتمدت واشنطن بعد غزو العراق، سياسة عزل كل من إيران وسوريا، تقربت أنقرة -حينها- من البلدَين المعاديَين للسياسات الأمريكية، ما زاد حدة الخلاف، وخاصة أن تركيا رفضت توجيه ضربة عسكرية لإيران.

أردوغان يهدد السفارة الأمريكية

وفي ظل فضيحة الفساد التي عصفت بالحكومة التركية، بقيادة حزب العدالة والتنمية، وجه الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، يوم 21 كانون الأول/ديسمبر 2013 -بصفته الوظيفية آنذاك كرئيس للوزراء- تهديداً لسفراء أجانب، متوعداً إياهم بالطرد من البلاد، في حال استمرارهم بالضلوع في "أعمال استفزازية" من شأنها زعزعة الأمن، والتدخل في الشؤون التركية الداخلية، في إشارة إلى السفير الأمريكي "فرنسيس ريتشاردوني" الذي اتهمه إعلام موالٍ للحكومة التركية بأنه انتقد مصرف "خلق" المملوك للدولة، لمشاركته في صفقات غير قانونية مع إيران.

أردوغان ينتقد الأكراد‎

وفي هذا السياق، انتقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان "حزب الشعوب الديمقراطي" الموالي للأكراد لـ "إعلانهم على الملأ أنهم يدعمون التنظيمات الإرهابية، والتزامهم الصمت حيال أعمال تنظيم حزب العمال الكردستاني الوحشية، بحسب قوله.

ونقلت وكالة أنباء "الأناضول" أن أردوغان وصف، في بيان، "عدم امتلاك الحزب الشجاعة لإدانة أعمال تنظيم حزب العمال الكردستاني الإرهابي بالأمر المخزي".

وكانت الرئيسة المشاركة لحزب الشعوب الديمقراطي فيغان يوكساك داغ، قالت في تصريحات قبل أيام :"يتهموننا بأن حزبنا يدعم الإرهابيين. وأقول للذين لا يفهون: إننا ندعم أولئك الذين يحاربون داعش في عين العرب (الكردية السورية)، ولا أرى حرجا في القول إننا ندعم حزب الاتحاد الديمقراطي وحدات حماية الشعب الكردية ووحدات حماية المرأة، وسنستمر في ذلك"، في إشارة إلى عدد من التنظيمات الكردية التي تحارب تنظيم داعش في سوريا.

وكان حزب العمال الكردستاني أعلن مسؤوليته عن قتل ضابطين تركيين في جنوب البلاد.

الأزمة السورية تعزز الخلافات

وشهدت المرحلة الماضية فترة هدوء هش، شابه انقطاع دام لشهور، ولد خلافات عميقة حيال أبرز القضايا العالقة؛ وعلى رأسها الأزمة السورية، إذ رفضت واشنطن رغبة أنقرة الملحة في إسقاط النظام السوري، وإقامة مناطق عازلة داخل سوريا.

كما امتنعت إدارة الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، عن التدخل العسكري ضد دمشق، وضغطت على أردوغان، لبذل جهود أكبر للحيلولة دون تدفق المقاتلين الأجانب من الأراضي التركية إلى سوريا، ومن ثم تشكيل تهديد محتمل للغرب.

كما أظهر موقف تركيا المتردد من التصدي لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، ورفض المشاركة في الحلف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، لتوجيه ضربات للتنظيم المتشدد، خللاً واضحاً في علاقات البلدين.

الولايات المتحدة تتقرب من أكراد سوريا

وجاء دعم الولايات المتحدة للمقاتلين الأكراد في سوريا، في حربهم ضد "داعش" ليعمق الخلافات، ويضع العلاقات الثنائية أمام امتحان صعب، نتيجة حساسية القضية الكردية، وخوف الأتراك من اتساع طموح الأكراد ليشمل إقامة حكم ذاتي في تركيا، ويعزز عودة "الكردستاني" للعمل المسلح، بعد ثلاثة أعوام من هدنةٍ، أوقفت حرباً دامية استمرت أكثر من ثلاثة عقود، وراح ضحيتها حوالي 40 ألف شخص.

أوباما يُغضب تركيا ويستنكر "الإبادة الأرمنية"

ومنتصف نيسان/إبريل الماضي، أقر أوباما، وعدد من المسؤولين في الإدارة الأمريكية، بأن "قتل مليون ونصف مليون أرمني أو اقتيادهم إلى الموت مع نهاية الإمبراطورية العثمانية، هو واقعة تاريخية وأعربوا عن أسفهم لذلك" ما أثار غضب تركيا، التي تنكر "الإبادة" وتعتبر أن ما جرى شرق تركيا، كان من تبعات الحرب العالمية الأولى، التي طالت أضرارها كل القوميات التابعة للإمبراطورية العثمانية حينها، بعد أن ثار الأرمن بالتعاون مع الجيش الروسي.

وفي أعوامٍ سابقة؛ حثت تركيا مراراً الرئيس الأمريكي على تجنب استخدام مصطلح "الإبادة الجماعية" خلال كلمته لأحياء المناسبة، مطالبة إياه بتسليط الضوء ليس فقط على "الآلام الأرمنية، ولكن أيضاً ذكر معاناة أولئك الأتراك العثمانيين خلال الحرب العالمية الأولى".

خلافات حول مصر

ومنذ العام 2013، شهدت العلاقات تباعداً حول الملف المصري، على خلفية دعم واشنطن للحكومة المصرية، التي يعاديها أردوغان، ويدعم حركة "الإخوان المسلمين" المحظورة.

شراكة لا بد منها

وعلى الرغم من الخلافات العميقة، تولي الولايات المتحدة، أهمية كبيرة لعلاقاتها مع أنقرة، لما تمثله من أهمية إستراتيجية للأمن القومي الأمريكي؛ وخاصة أن الشراكة الأمنية مع تركيا تمثل أحد أهم مرتكزات السياسة الأمريكية في المنطقة.

وسبق أن أكد وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، يوم 22 نيسان/إبريل الماضي، أن بلاده تتشاطر مع تركيا نفس وجهة النظر بشأن العديد من القضايا، وأن تركيا تُعدّ شريكاً لا بد منه.

وتعتبر تركيا، الدولة المسلمة الوحيدة في حلف شمال الأطلسي (الناتو) الذي تنضوِ الولايات المتحدة تحته، وأقوى حلفاء أمريكا في المنطقة، وصاحبة ثاني أكبر الجيوش في الحلف، وكان لها دورها البارز خلال الحرب الباردة، كداعم للولايات المتحدة في مواجهة المعسكر الاشتراكي.

ومنذ الأزمة التي بدأت إثر هجمات تنظيم "القاعدة" على نيويورك وواشنطن، يوم 11 أيلول/سبتمبر 2001، فتحت تركيا أجوائها للطيران الأمريكي، وعرضت تعاوناً إستخباراتياً مع واشنطن.

وعلى الرغم من أن سياسيي البلدين لا يتركون مناسبة دون توجيه انتقادات حادة لسياسة الآخر، إلا أن تلك الخلافات لا تمنع الحفاظ على حلف استراتيجي، لا غنى عنه، وكلما تصاعد الخلاف بين الحليفين التقليديين، تبدأ الأقنية الدبلوماسية بعملها للحفاظ على أهم ما يجمع البلدين، وتقريب وجهات النظر.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com