المهربون يراوغون الجيش التركي على الحدود مع "داعش"
المهربون يراوغون الجيش التركي على الحدود مع "داعش"المهربون يراوغون الجيش التركي على الحدود مع "داعش"

المهربون يراوغون الجيش التركي على الحدود مع "داعش"

البيلي- برز أكثر من عشرة رجال في الأراضي التركية من بين أعواد الذرة الطويلة في حقل على مرمى حجر من الحدود السورية وساروا تحت أشعة الشمس الحارقة صوب سيارتي فان لونهما أبيض تقفان على جانب الطريق والمحركان دائران.

بدا أن هؤلاء الوافدين الجدد الذين كان كل منهم يحمل حقيبة ظهر وأكياسا عبروا إلى تركيا بصورة غير قانونية من جزء من سوريا لا يبعد سوى مئات الأمتار ويخضع لسيطرة تنظيم "داعش".

ويبدو التوتر على رجل يركب دراجة نارية يتولى فيما يبدو تنسيق وصول المجموعة بعد أن رصد مراسلا ومصورا فحذرهما من التصوير.

قال الرجل "هل أنتم صحفيون؟ انصرفوا الآن وإلا قلبت سيارتكم رأسا على عقب. اغربوا وإلا فسنرجم سيارتكم بالحجارة".

ربما تكون القوات المسلحة التركية قد أرسلت جنودا إضافيين ومعدات إلى هذه المنطقة في الأسابيع الأخيرة مع اشتداد حدة القتال في شمال سوريا لكن التهريب مستمر فيما يبدو على امتداد الحدود التي يعتقد أن الالاف من المقاتلين الأجانب عبروها للانضمام إلى صفوف "داعش".

وقبل دقائق قليلة فحسب من ظهور مجموعة الرجال من حقل الذرة ومعهم امرأة وطفل مرت عربة عسكرية على الطريق الممتد بين قرية أوقبة الوادعة ومدينة البيلي الحدودية.

وقال أحد سكان البيلي، ذكر من اسمه يوسف فقط، إن المهربين "يجلبون الناس عبر حقول الذرة لأن الذرة توفر لهم الغطاء وتخفيهم عن الرؤية".

وأضاف أنه نقل بنفسه بضائع وأشخاصا بين تركيا وسوريا بمراوغة الدوريات الأمنية، وقال "توجد ألغام على الحدود لكن يوجد ممر ضيق تم تطهيره. وأنا أعرف مكانه كما يعرفه مقاتلو " داعش" .

وخلال السنوات القليلة الماضية انضم أجانب من أكثر من 80 دولة من بينها تركيا وبريطانيا وبعض الدول الأوروبية والصين والولايات المتحدة إلى صفوف التنظيم وجماعات أخرى متطرفة في سوريا والعراق، وعبر كثيرون منهم عن طريق تركيا.

وكانت الحكومة صعدت جهودها لوقف تدفق الأجانب ومنعت 15 ألف فرد من 98 دولة من دخول تركيا ورحلت نحو 1500 شخص اشتبهت أنهم يسعون للانضمام للمتطرفين، لكن حلفاء تركيا الغربيين يريدون منها بذل المزيد.

وقال وزير الدفاع الأمريكي آش كارتر أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ الأسبوع الماضي "هم حليف في حلف شمال الاطلسي. ولهم مصلحة كبيرة في هذه الأمور وفي الاستقرار على الناحية الجنوبية. أعتقد أن بوسعهم بذل المزيد على امتداد الحدود".

وتقول تركيا إن وكالات المخابرات الأجنبية تحتاج لمنع رعاياها من السفر إلى تركيا في المقام الأول.

وكان الدافع وراء التعزيزات التي أرسلت إلى الحدود في الأسابيع الأخيرة هو اشتداد القتال بين "داعش" وجماعات المعارضة السورية وكذلك بسبب تقدم ميليشيات كردية سورية تخشى تركيا من أنها قد تغذي النزعة الانفصالية بين الطائفة الكردية التركية.

وكثيرا ما تقوم عربات مدرعة بدوريات في هذا الجزء من الحدود التي تمتد لمسافة 900 كيلومتر. وترابط دبابات خارج مواقع عسكرية صغيرة وتصوب مدافعها صوب الأراضي السورية بينما يحرس جنود مواقع مراقبة حديثة البناء.

وفي مرمى البصر ترفرف أعلام تنظيم "داعش" ذات اللونين الأسود والأبيض على مبان على أطراف مدينة طرابلس السورية.

وقال يوسف: "داعش لن يهاجم الجيش التركي. فلماذا يفعلون ذلك؟ وهناك أتراك كثيرون في صفوف داعش الآن. وخصوصا من هم على الجانب الآخر من الحدود؛ الذين أتعامل معهم".

وكان يوسف يقف بجوار سيارته القديمة التي غطت الأوساخ مقاعدها وكان زجاجها الأمامي مشروخا.

ويقول مسؤولون أتراك إن هناك أقل من ألف تركي بين صفوف تنظيم "داعش"، لكن دبلوماسيين غربيين يقولون إن الرقم قد يكون أعلى بكثير. وتظهر بانتظام في وسائل التواصل الاجتماعي صور جهاديين أتراك سقطوا قتلى في سوريا.

وفي الأسبوع الماضي اعتقلت الشرطة التركية العشرات ممن يشتبه بانتمائهم لـ"داعش"، وذلك في سلسلة من المداهمات بعد أن حث مسؤولون أمريكيون زائرون تركيا على مضاعفة الجهود في محاربة المتشددين.

وقال الجيش التركي الأسبوع الماضي أيضا، إنه اعتقل نحو 800 شخص كانوا يحاولون العبور بالمخالفة للقوانين من سوريا بمن فيهم ثلاثة يشتبه أنهم من مقاتلي التنظيم.

غير أنه رغم تشديد الأمن يشعر السكان في المناطق الكردية بعدم الأمان بسبب امتلاء الحدود بالثغرات وقرب المسافة من التنظيم.

وقال جيوان علي (74 عاما) وهو مزارع متقاعد من قرية كارانفيلكوي وهو يشير إلى حظيرته على بعد أمتار من سور من السلك الشائك الي يفصل أرضه عن مناطق يسيطر عليها "داعش" في سوريا "نحن نعيش في الفناء الخلفي لداعش بالمعنى الحرفي".

وأضاف "إذا قرروا ذات ليلة المجيء إلى هنا لقطع رقابنا فلا يوجد من يمنعهم. حتى الجنود لا يستطيعون منع المهربين. فكيف يمكنهم مع المتشددين؟".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com